قضت المحكمة الدستورية العليا في جلستها المنعقدة اليوم برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (3) من القانون رقم 3 لسنة 1986 فى شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعى، فيما نصت عليه من: "ومن معه من المقبولين فى بحث التوزيع أو إلى الورثة عنهم مشاعا حسب الأحوال".. وبعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة ذاتها فيما نصت عليه من: "دون المساس بحصص باقى الأفراد المدرجين معه باستمارة البحث". وتضمن الحكم سقوط نص البند (1) من المادة (3) من اللائحة التنفيذية للقانون ذاته، الصادرة بقرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضى رقم 877 لسنة 1986 فيما تضمنه من حصر أسماء المقبولين فى البحث مع المنتفع طبقًا لنتيجة البحث وعدد الوحدات المدرجة لكل منهم وبيان المساحة الموزعة ومعالمها وحدودها وضريبتها والثمن المقدر لها وملحقاته وبداية ونهاية الأقساط، وفى حالة وفاة أى من المقبولين معه فى البحث يقتصر توزيع حصة المتوفى على ورثته الشرعيين. واستندت المحكمة في أسباب حكمها إلى أن أحكام الشريعة الإسلامية هى التى تعين الورثة وتحدد أنصباءهم، وتبين قواعد انتقال ملكيتها إليهم، وكانت هذه الأحكام جميعها قطعية الثبوت والدلالة، فلا يجوز تحويرها أو الاتفاق على خلافها، بل يعتبر مضمونها ساريًا فى شأن المصريين جميعًا، ولو كانوا غير مسلمين، بل ولو اتفقوا جميعًا على تطبيق قانون ملتهم. وأشارت المحكمة إلى أن الشريعة الإسلامية تعتبر مرجعًا نهائيًّا فى كل ما يتصل بقواعد التوريث، ومن بينها ما إذا كان الشخص يعتبر وارثًا أم غير وارث، ونطاق الحقوق المالية التى يجوز توزيعها بين الورثة، ونصيب كل منهم فيها، إذ يقوم الورثة مقام مورثهم فى هذه الحقوق، ويحلون محله فى مجموعها، وبمراعاة أن توزيعها شرعًا لا يجعلها لواحد من بينهم يستأثر بها دون سواه، ولا يخوّل مورثهم سلطة عليها فيما يجاوز ثلثها ليوفر بثلثيها حماية للأقربين، وليكون مال الأسرة بين آحادها بما يوثق العلائق بينهم ولا يوهنها. وأوضحت المحكمة أن المشرع قرر بنصى الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (3) من القانون رقم 3 لسنة 1986 المشار إليه، إشراك المقبولين فى بحث التوزيع أو الورثة عنهم مع المنتفع الأصلى أو الورثة عنه مشاعًا، حسب الأحوال، فى ملكية الأرض محل العقد المبرم بين مالكها المنتفع الأصلى، والهيئة العامة للإصلاح الزراعى، فبذلك يكون المشرع قد عدل عن التنظيم القانونى الذى تضمنه المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه؛ الذى أُبرم ذلك العقد فى ظل سريان أحكامه، إلى تنظيم جديد انطوى عليه القانون رقم 3 لسنة 1986 على النحو سالف البيان. وأكدت المحكمة أن المشرع رتب أثرا رجعيا موضوعيا؛ مخلاًّ بذلك بحرية المالك فى التعاقد، مما أدى إلى تقسيم الملكية بين المنتفع الأصلى أو الورثة عنه من ناحية، والمقبولين فى بحث التوزيع أو الورثة عنهم من ناحية أخرى، بالرغم من أن المنتفع الأصلى هو المالك دون غيره، أما المقبولون فى بحث التوزيع فقد تم إدراجهم فى استمارة البحث لبيان من يعولهم المنتفع الأصلى؛ من أجل تحديد أفضلية وتقدير مساحة الأرض التى آلت إليه طبقا لأحكام القانون الأول المشار إليه، بما مؤداه الانتقاص من حقوق بعض ورثة المنتفع الأصلى، لصالح المقبولين فى بحث التوزيع أو الورثة عنهم. وأشارت المحكمة إلى أن هذا الأمر يعد تمييزا تحكميا غير مبرر بين الورثة بالرغم من وحدة مركزهم القانونى، وشقاقًا يمزق تماسك الأسرة ووحدتها واستقرارها وترسيخ قيمها، فضلاً عن مصادمة التوقع المشروع من جانب وارثى المنتفع الأصلى؛ نظرًا لتطبيق النصين المطعون فيهما بأثر رجعى فى شأن المنتفعين الذين لم يستكملوا إجراءات تسجيل ملكيتهم، ومن بينهم مورثهما. وذكرت المحكمة أن هذين النصين كفلا الحق فى الميراث لغير ورثة المنتفع الأصلى الشرعيين، من ناحية؛ مثل مطلقة المنتفع الأصلى التى سبق أن ورد اسمها باستمارة البحث عند أيلولة ملكية الأرض إليه، ومن ناحية أخرى؛ حرمانهما الإبن الذى لم يرد اسمه بتلك الاستمارة نظرا لحدوث واقعة ميلاده بعد تحريرها، وتبعًا لذلك يكون النصان المطعون فيهما قد خالفا مبادئ الشريعة الإسلامية، وانتقصا من حق الملكية الخاصة، وأخلا بمبدأ المساواة وبالحرية الشخصية، وأهدرا الحق فى التوقع المشروع.