وزير الزراعة يكشف تفاصيل مشروع مستقبل مصر    وزير الإسكان العماني يلتقى هشام طلعت مصطفى    ارتفاع تكلفة الواردات في كوريا الجنوبية وسط ارتفاع أسعار النفط    زاخاروفا ترد على تصريحات سوناك بشأن التصعيد النووي وقطع إمدادات الطاقة    جوتيريش يعرب عن حزنه العميق لمقتل موظف أممي بغزة    شولتس يقلل من التوقعات بشأن مؤتمر السلام الأوكراني    إعلامي: الزمالك يدرس دعوة مجلس الأهلي لحضور نهائي الكونفدرالية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    لهواة الغوص، سلطنة عمان تدشن متحفًا تحت الماء (فيديو)    برج الأسد.. ماذا ينتظر مواليده في حظك اليوم؟ (توقعات الأبراج)    لطفي لبيب: أحمد السعدني لازم يفرح لأن والده في مكان أفضل    فريدة سيف النصر تكشف لأول مرة كواليس تعرضها للخيانة    سلوى محمد علي: الشعب المصري لا يكره إلا من يستحق الكره    الأوبرا تختتم عروض «الجمال النائم» على المسرح الكبير    انتقاما ل سلمى أبو ضيف.. كواليس قتل إياد نصار ب«إلا الطلاق» (فيديو)    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    هيئة الدواء تحذر من منتجات مغشوشة وغير مطابقة: لا تشتروا هذه الأدوية    رئيس شعبة الأدوية: احنا بنخسر في تصنيع الدواء.. والإنتاج قل لهذا السبب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    امتحانات الدبلومات الفنية 2024.. طريقة الحصول على أرقام الجلوس من الموقع الرسمي للوزارة    إبراهيم عيسى: أي شيء فيه اختلاف مطرود من الملة ومتهم بالإلحاد (فيديو)    سيات ليون تنطلق بتجهيزات إضافية ومنظومة هجينة جديدة    محافظ الغربية يعقد اجتماعًا مع خريجي المبادرة الرئاسية «1000 مدير مدرسة»    في عيد استشهادهم .. تعرف علي سيرة الأم دولاجي وأولادها الأربعة    ضابط استخبارات أمريكي يستقيل بسبب حرب غزة    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    عاجل.. حسام حسن يفجر مفاجأة ل "الشناوي" ويورط صلاح أمام الجماهير    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    «يحتاج لجراحة عاجلة».. مدحت شلبي يفجر مفاجأة مدوية بشأن لاعب كبير بالمنتخب والمحترفين    فرج عامر: الحكام تعاني من الضغوط النفسية.. وتصريحات حسام حسن صحيحة    فريدة سيف النصر: «فيه شيوخ بتحرم الفن وفي نفس الوقت بينتجوا أفلام ومسلسلات»    مقتل وإصابة 10 جنود عراقيين في هجوم لداعش على موقع للجيش    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    عيار 21 يفاجئ الجميع.. انخفاض كبير في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 14 مايو بالصاغة    عاجل - "احذروا واحترسوا".. بيان مهم وتفاصيل جديدة بشأن حالة الطقس اليوم في محافظات مصر    «اتحاد الصناعات» يزف بشرى سارة عن نواقص الأدوية    احذر.. هذا النوع من الشاي يسبب تآكل الأسنان    رئيس شعبة الأدوية: هناك طلبات بتحريك أسعار 1000 نوع دواء    وصل ل50 جنيهًا.. نقيب الفلاحين يكشف أسباب ارتفاع أسعار التفاح البلدي    "يأس".. واشنطن تعلق على تغيير وزير الدفاع الروسي    القضية الفلسطينية.. حضور لافت وثقته السينما العربية    فرنسا: الادعاء يطالب بتوقيع عقوبات بالسجن في حادث سكة حديد مميت عام 2015    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد تحذر من طقس الثلاثاء    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    الحرس الوطني التونسي يحبط 11 عملية اجتياز للحدود البحرية    الحماية القانونية والجنائية للأشخاص "ذوي الهمم"    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية منذ نشأته يتعرض لحملة من الأكاذيب    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: نقوم باختبار البرامج الدراسية التي يحتاجها سوق العمل    أطفال مستشفى المقاطعة المركزى يستغيثون برئيس الوزراء باستثناء المستشفى من انقطاع الكهرباء    إصابة شخصين في حادث تصادم بالمنيا    مستشار وزير الزراعة: إضافة 2 مليون فدان في 10 سنوات إعجاز على مستوى الدول    إبراهيم عيسى: الدولة بأكملها تتفق على حياة سعيدة للمواطن    دبلوماسي سابق: إسرائيل وضعت بايدن في مأزق.. وترامب انتهازي بلا مبادئ    عاجل: مناظرة نارية مرتقبة بين عبدالله رشدي وإسلام البحيري.. موعدها على قناة MBC مصر (فيديو)    ما الفرق بين الحج والعمرة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحدث أحكام المحكمة الدستورية العليا (نص كامل)
نشر في المصري اليوم يوم 05 - 05 - 2018

عقدت المحكمة الدستورية العليا، السبت، برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، جلستها، وأصدرت الأحكام التالية:
«أولاً: حكمت المحكمة في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية «دستورية» بالحكم التالي:
أولاً: بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة «لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد،...»، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى.
ثانيًا: بتحديد اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى السنوى لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره.
وأقامت المحكمة قضاءها استنادًا إلى أن حرية التعاقد قاعدة أساسية اقتضتها المادة (54) من الدستور، صونًا للحرية الشخصية، التي لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان على البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التي ينبغى أن يملكها كل شخص، فلا يكون بها كائنًا يُحمل على ما لا يرضاه. وحرية التعاقد بهذه المثابة، فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فإنها كذلك وثيقة الصلة بالحق في الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي ترتبها العقود – المبنية على الإرادة الحرة – فيما بين أطرافها. بيد أن هذه الحرية – التي لا يكفلها انسيابها دون عائق، ولا جرفها لكل قيد عليها، ولا علوها على مصالح ترجحها، وإنما يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها – لا تعطلها تلك القيود التي تفرضها السلطة التشريعية عليها بما يحول دون انفلاتها من كوابحها، ويندرج تحتها أن يكون تنظيمها لأنواع من العقود محددًا بقواعد آمرة تحيط ببعض جوانبها، غير أن هذه القيود لا يسعها أن تدهم الدائرة التي تباشر فيها الإرادة سلطانها، ولا أن تخلط بين المنفعة الشخصية التي يجنيها المستأجر من عقد الإيجار – والتى انصرفت إليها إرادة المالك عند التأجير – وبين حق الانتفاع كأحد الحقوق العينية المتفرعة عن الملكية.
وحيث إن النص المطعون فيه – محددًا نطاقًا على النحو المتقدم – إذ أجاز للشخص الاعتبارى المستأجر لعين لاستعمالها في غير غرض السكنى، البقاء فيها بعد انتهاء المدة المتفق عليها في العقد، فإنه على هذا النحو – وباعتباره واقعًا في إطار القيود الاستثنائية التي نظم بها المشرع العلائق الإيجارية – يكون قد أسقط حق المؤجر – مالك العين في الأعم من الأحوال – في استرداد العين المؤجرة بعد انتهاء مدة إجارتها، حال أن حق المستأجر لازال حقًا شخصيًا مقصورًا على استعمال عين بذاتها في الغرض الذي أُجرت من أجله خلال المدة المتفق عليها في العقد، فلا يتم مد تلك المدة بغير موافقة المؤجر، وبالمخالفة لشرط اتصل بإجارة أبرماها معًا، صريحًا كان هذا الشرط أم ضمنيًا. ومن ثم، فإن ما تضمنه ذلك النص من امتداد قانونى لمدة عقد إيجار الأماكن المؤجرة لأشخاص اعتبارية، لاستعمالها في غير غرض السكنى، يكون متضمنًا عدوانًا على الحدود المنطقية التي تعمل الإرادة الحرة في نطاقها، والتى لا تستقيم الحرية الشخصية – في صحيح بنيانها – بفواتها، فلا تكون الإجارة إلا إملاء يناقض أساسها، وذلك بالمخالفة للمادة (54) من الدستور.
ثانيًا: حكمت المحكمة في الدعوى رقم 236 لسنة 26 قضائية «دستورية» بالحكم التالي :
أولاً: بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (3) من القانون رقم 3 لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعى فيما نصت عليه من «ومن معه من المقبولين في بحث التوزيع أو إلى الورثة عنهم مشاعًا حسب الأحوال»، وبعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة ذاتها فيما نصت عليه من «دون المساس بحصص باقى الأفراد المدرجين معه باستمارة البحث».
ثانيًا: بسقوط نص البند (1) من المادة (3) من اللائحة التنفيذية للقانون ذاته، الصادرة بقرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضى رقم 877 لسنة 1986 فيما تضمنه من حصر أسماء المقبولين في البحث مع المنتفع طبقًا لنتيجة البحث وعدد الوحدات المدرجة لكل منهم وبيان المساحة الموزعة ومعالمها وحدودها وضريبتها والثمن المقدر لها وملحقاته وبداية ونهاية الأقساط، وفى حالة وفاة أي من المقبولين معه في البحث يقتصر توزيع حصة المتوفى على ورثته الشرعيين.
وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن أحكام الشريعة الإسلامية هي التي تعين الورثة وتحدد أنصباءهم، وتبين قواعد انتقال ملكيتها إليهم، وكانت هذه الأحكام جميعها قطعية الثبوت والدلالة، فلا يجوز تحويرها أو الاتفاق على خلافها، بل يعتبر مضمونها ساريًا في شأن المصريين جميعًا، ولو كانوا غير مسلمين، بل ولو اتفقوا جميعًا على تطبيق قانون ملتهم. وكان ما تقدم مؤداه، أن الشريعة الإسلامية تعتبر مرجعًا نهائيًّا في كل ما يتصل بقواعد التوريث، ومن بينها ما إذا كان الشخص يعتبر وارثًا أم غير وارث، ونطاق الحقوق المالية التي يجوز توزيعها بين الورثة، ونصيب كل منهم فيها، إذ يقوم الورثة مقام مورثهم في هذه الحقوق، ويحلون محله في مجموعها، وبمراعاة أن توزيعها شرعًا لا يجعلها لواحد من بينهم يستأثر بها دون سواه، ولا يخوّل مورثهم سلطة عليها فيما يجاوز ثلثها ليوفر بثلثيها حماية للأقربين، وليكون مال الأسرة بين آحادها بما يوثق العلائق بينهم ولا يوهنها. وتلك حدود الله تعالى التي حتم التقيد بها، فلا يتعداها أحد بمجاوزتها؛ وفى ذلك يقول تعالى حملاً على إعمال قواعد المواريث وفقًا لمضمونها (يبين الله لكم أن تضلوا، والله بكل شئ عليم).
وحيث إن تقرير قواعد جامدة تتحدد على ضوئها حقوق الورثة الشرعية دون زيادة فيها أو نقصان، يعنى أن تخلص لذويها فلا ينازعهم غيرهم فيها أو يزاحمهم أحد في طلبها، وإلا كان وارثًا إضافيًّا على غير مقتضى الشرع، فيما عدا ما يخرج من التركة- سابقًا على توزيعها- من حقوق شرعية تتمثل فيما يكون لازمًا لسداد ما عليه من ديون أو تنفيذًا لوصاياه في الحدود التي تجوز فيها الوصية.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن حرية التعاقد قاعدة أساسية يقتضيها الدستور صونًا للحرية الشخصية، التي لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان على البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التي ينبغى أن يملكها كل شخص، فلا يكون بها كائنًا يُحمل على ما لا يرضاه، بل بشرًا سويًّا، فضلاً عن كونها وثيقة الصلة بالحق في الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي ترتبها العقود فيما بين أطرافها، أيًّا كان الدائن بها أو المدين بأدائها، مما مؤداه أن العقود التي يقيمها أطرافها وفق نصوص الدستور ذاتها، لا يجوز أن ينهيها المشرع، ولو عارضتها مصلحة أيًّا كان وزنها.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان المشرع قد قرر، بنصى الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (3) من القانون رقم 3 لسنة 1986 المشار إليه، إشراك المقبولين في بحث التوزيع أو الورثة عنهم مع المنتفع الأصلى أو الورثة عنه مشاعًا، حسب الأحوال، في ملكية الأرض محل العقد المبرم بين مالكها المنتفع الأصلى، والهيئة العامة للإصلاح الزراعى، فبذلك يكون المشرع قد عدل عن التنظيم القانونى الذي تضمنه المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه؛ الذي أُبرم ذلك العقد في ظل سريان أحكامه، إلى تنظيم جديد انطوى عليه القانون رقم 3 لسنة 1986 على النحو سالف البيان، مرتبًا أثرًا رجعيًّا موضوعيًّا؛ مخلاًّ بذلك بحرية المالك في التعاقد، مما أدى إلى تقسيم الملكية بين المنتفع الأصلى أو الورثة عنه من ناحية، والمقبولين في بحث التوزيع أو الورثة عنهم من ناحية أخرى، بالرغم من أن المنتفع الأصلى هو المالك دون غيره، أما المقبولون في بحث التوزيع فقد تم إدراجهم في استمارة البحث لبيان من يعولهم المنتفع الأصلى؛ من أجل تحديد أفضلية وتقدير مساحة الأرض التي آلت إليه طبقًا لأحكام القانون الأول المشار إليه، بما مؤداه الانتقاص من حقوق بعض ورثة المنتفع الأصلى، ومنهم المدعيان، لصالح المقبولين في بحث التوزيع أو الورثة عنهم، مما يُعد تمييزًا تحكميًّا غير مبرر بين الورثة بالرغم من وحدة مركزهم القانونى، وشقاقًا يمزق تماسك الأسرة ووحدتها واستقرارها وترسيخ قيمها، فضلاً عن مصادمة التوقع المشروع من جانب وارثى المنتفع الأصلى؛ نظرًا لتطبيق النصين المطعون فيهما بأثر رجعى في شأن المنتفعين الذين لم يستكملوا إجراءات تسجيل ملكيتهم، ومن بينهم مورثهما، بالإضافة إلى كفالة هذين النصين الحق في الميراث لغير ورثة المنتفع الأصلى الشرعيين، من ناحية؛ مثل مطلقة المنتفع الأصلى التي سبق أن ورد اسمها باستمارة البحث عند أيلولة ملكية الأرض إليه، ومن ناحية أخرى؛ حرمانهما الإبن الذي لم يرد اسمه بتلك الاستمارة نظرًا لحدوث واقعة ميلاده بعد تحريرها، وتبعًا لذلك يكون النصان المطعون فيهما قد خالفا مبادئ الشريعة الإسلامية، وانتقصا من حق الملكية الخاصة، وأخلا بمبدأ المساواة وبالحرية الشخصية، وأهدرا الحق في التوقع المشروع، ومن ثم يقع هذان النصان في حومة مخالفة المواد (2 و10 و35 و53 و54 و225) من الدستور؛ مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريتهما.
ثالثًا: حكمت المحكمة في الدعوى رقم 24 لسنة 29 قضائية «دستورية» :
برفض الدعوى التي أقيمت طعنًا بعدم دستورية نص البند (2) من المادة (44) من قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والذي ينص على أن «يعد تهربًا من الضريبة يعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة ما يأتي: 2- بيع السلعة أو استيرادها أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة».
وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن النطاق الحقيقى لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات إنما يتحدد على ضوء عدة ضمانات يأتى على رأسها وجوب صياغة النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكًا أو شراكًا يلقيها المشرع متصيدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وهى ضمانات غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولاً عليها.
وحيث إن افتراض أصل البراءة- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- يُعد أصلاً ثابتًا يتعلق بالتهمة الجنائية، وينسحب إلى الدعوى الجنائية في جميع مراحلها وعلى امتداد إجراءاتها. وقد غدا حتمًا عدم جواز نقض البراءة بغير الأدلة الجازمة التي تخلص إليها المحكمة، وتتكون من مجموعها عقيدتها حتى تتمكن من دحض أصل البراءة المفروض في الإنسان، على ضوء الأدلة المطروحة أمامها، والتى تثبت كل ركن من أركان الجريمة، وكل واقعة ضرورية لقيامها، بما في ذلك القصد الجنائى بنوعيه إذا كان متطلبًا فيها، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة.
لما كان ذلك، وكان المشرع في إطار حرصه على التوازن بين صون الملكية الخاصة وبين تنمية موارد الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية، قد استن النص المطعون فيه، وارتأى بسلطته التقديرية أن امتناع المسجل لدى مصلحة الضرائب عن الإقرار عن السلعة التي باعها أو استوردها أو الخدمة التي قدمها، وما يرتبط بذلك من نكوله عن سداد الضريبة المستحقة عنها، بانقضاء المواعيد المنصوص عليها في المادتين (16) فقرة أولى و(41 بند 1) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، إنما يشكل جرم التهرب الضريبى، ويمثل عين التهرب الضريبى الذي عُنى الدستور القائم بتجريمه في المادة (38) منه، وإذ صيغ النص المطعون فيه بصورة جلية ومحددة، لا لبس فيها ولا غموض، وجاءت عبارة هذا النص متضمنة الركن المادى للجريمة وقوامه: الامتناع عن الإقرار عن السلعة المبيعة، أو المستوردة أو الخدمة المقدمة، وما يزايل ذلك من عدم سداد الضريبة المستحقة عن أوجه النشاط المار بيانها، وقصد عمدى يقارن الركن المادى جوهره: العلم بعناصر الركن الأول، وإرادة تحقيق النتيجة المترتبة عليه ممثلة في الإفلات من سداد الضريبة المستحقة على النشاط الخاضع لها، وذلك كله دون أن يتخذ النص المطعون فيه من وقوع أفعال الركن المادى للجريمة قرينة قانونية غير قابلة لإثبات عكسها، تقوم بها- وحدها- مسئولية جنائية مفترضة لمن يخالف الالتزام الذي فرضه ذلك النص، أو يهدر أصل براءة المخالف، بحسبان أن ذلك النص لم يحل بين محكمة الموضوع- في ضوء التزامها المنصوص عليه في المادة (304) من قانون الإجراءات الجنائية- وبين التحقق بصورة يقينية من وقوع ركنى جريمة التهرب الضريبى، ولم يصادر حق المتهم بالجرم المذكور في أن يدفع نسبته إليه بكافة أوجه الدفاع التي تواجه أدلة الاتهام التي ساقتها ضده سلطة الاتهام، سواء ما يتعلق منها بعناصر الركن المادى للجريمة، أو ما يتصل منها بالقصد الجنائى، الأمر الذي يكون معه النص المطعون فيه قد التزم حدود الشرعية الدستورية للنص الجنائى، وانضبط بقواعدها المقررة في شأن عدم افتراض المسئولية الجنائية بقرينة تحكمية تزحزح أصل البراءة، أو مساس بقيم العدل الضابطة لسن نصوص التجريم والعقاب، وقواعد المحاكمة القانونية العادلة والمنصفة، وبما لا مخالفة فيه لأى من نصوص المواد (4، 35، 38، 94، 95، 96، 97، 98) من الدستور القائم، أو أي من أحكامه الأخرى، مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
رابعًا: حكمت المحكمة في الدعوى رقم 48 لسنة 32 قضائية «دستورية» :
برفض الدعوى التي أقيمت طعنًا بعدم دستورية بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية المعدل بالقانون رقم 549 لسنة 1955، والمادتين الثامنة والتاسعة من قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008.
وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن الأصل أن يتوخى المشرع بالضريبة التي يفرضها، أمرين يكون أحدهما أصلًا مقصودًا منها ابتداءً، ويتمثل في الحصول على غلتها، لتعود إلى الدولة وحدها لتعينها على مواجهة نفقاتها، ويكون ثانيهما مطلوبًا منها بصفة عرضية أو جانبية أو غير مباشرة، كاشفًا عن طبيعتها التنظيمية، دالاً على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة، وبوجه خاص من خلال تقييد مباشرة الأعمال التي تتناولها، أو حمل المكلفين بها – عن طريق عبئها – على التخلى
عن نشاطهم، وعلى الأخص إن كان مؤثمًا جنائيًا. وينبغى أن تكون العدالة الاجتماعية مضمونًا لمحتوى النظام الضريبى وغاية يتوخاها، ويتعين تبعًا لذلك – بالنظر إلى وطأة وخطورة تكلفة الضريبة – أن يكون العدل من منظور اجتماعي مهيمنًا عليها بمختلف صورها؛ محددًا الشروط الموضوعية لاقتضائها.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العدالة في غاياتها لا تنفصل علاقتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها، فلا يكون القانون منصفًا إلا إذا كان كافلاً لأهدافها، فإذا ما زاغ ببصره عنها أو أهدر القيم الأصيلة التي تحتضنها، كان منهيًا للتوافق في مجال تنفيذه، ومسقطًا كل قيمة لوجوده، ومستوجبًا تغييره أو إلغاؤه.
وحيث إن التنظيم التشريعى للضريبة العقارية في القانون رقم 56 لسنة 1954 المشار إليه المعدل بالقانون رقم 549 لسنة 1955 يقوم على فرض ضريبة مباشرة سنوية على العقارات المبنية، تقدر على أساس القيمة الإيجارية للعقار، ويلتزم بها المستفيد من العقار. وقد أعفى المشرع بعض العقارات من هذه الضريبة على النحو الوارد في المادة (21) منه، ومنها العقارات المملوكة للدولة، وكذا العقارات المملوكة لمجالس المديريات والمجالس البلدية والقروية والمحلية المخصصة لمكاتب إدارتها أو للخدمات العامة، سواء كانت هذه الخدمات تؤدى بالمجان أو بمقابل كمبانى عمليات الكهرباء والغاز والمياه والمجارى والاسعاف وإطفاء الحرائق والمذابح والمغاسل العامة وما شابهها، أي أن مناط الاعفاء فيها هو تخصيص تلك العقارات للمنفعة العامة مباشرة، أما إذا تم الترخيص للغير بامتياز استغلالها انتفى مناط الإعفاء.
متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد تغيا بالنص المطعون فيه فرض الضريبة العقارية على العقارات المخصصة لإدارة واستغلال المرافق العامة التي تدار بطريق الالتزام، المقامة على أرض مملوكة للدولة، والتى ينص في عقد الالتزام على أيلولة ملكيتها إلى الدولة في نهاية مدة الالتزام، وذلك طوال مدة استغلال وانتفاع الملتزم بها، وصولاً إلى شمول فرض هذه الضريبة لمختلف الأموال التي تمثل وعاءً حقيقيًا لها، بما يكفل تحقيق العدالة الاجتماعية التي جعلها الدستور أساسًا لبناء النظام الضريبى، وهو ما التزمه النص المطعون فيه، فليس ثمة ما يبرر إعفاء هذه العقارات تمييزًا لها عن غيرها، فهى تُدار وتُستغل بواسطة أشخاص القانون الخاص، للاستثمار وتحقيق ربح لهؤلاء الأشخاص، وتُدر دخلاً سنويًا يقتضى فرض الضريبة عليها أسوة بكافة العقارات التي يسرى عليها القانون، وبذات الأسس التي تُطبق بشأنها، ومن ثم فإن ما قرره المشرع بالنص المطعون فيه يندرج في نطاق سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق والحريات، دون افتئات عليها أو مساس بجوهرها وأصلها، ويقوم على أسس مبررة تستند إلى واقع يرتبط بالإغراض المشروعة التي توخاها، برابطة منطقية وعقلية، دون تناقض بين فرض الضريبة في هذه الحالة ومفهوم العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبى، ولا يخالف الدستور».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.