سافر العديد منا إلي عدة دول أجنبيه وإستخدم وسائل المواصلات هناك، وحاول عقد مقارنة بين ما يراه من تقدم في كافة المجالات وبين ما يراه علي أرض الوطن.. فالتقدم الرهيب في كافة وسائل المواصلات في أوروبا بالتحديد امر يدعو الي الدهشة والإنبهار. وأري أن المقارنة هنا ظالمة لأن الظروف والأحداث التي مرت ببلادنا قادرة علي تدمير أية خطط طموحة للتقدم والرقي. ولكن دعونا نتحدث عن قطاع النقل السياحي في بلادنا،والذي هو وبحق في حاجة ماسة إلي إعادة هيكلة كاملة علي كافة المستويات. ولكي نتحدث عن النقل السياحي لا يمكن إغفال الطرق والمواصلات وكل ما يتعلق بهما من مرافق وخدمات،وهذا الدور بالتحديد منوط بالدول القيام به وعلي أكمل وجه. وهذا الدور إنتبهت إليه القيادة السياسية في حكمة، ونهضت تسارع الزمن في بناء طرق حديثة متطورة عالية الجودة،ولعل أبلغ مثال علي ذلك هو طريق الجلالة الجديد الذي يربط القاهرة بمدينة الغردقة السياحية،ويقوم بتقصير عنصري الوقت والمسافة. وهناك العديد من الطرق الأخري التي تقوم عليها الدولة لتكون إضافة قوية لشبكة المواصلات القومية. إذن إنشاء الطرق وما يصاحبها من خدمات هو من إختصاص الدولة أما عن وسائل المواصلات التي يركبها السائح فحدث ولا حرج. ينقسم هذا القسم الي عدة أقسام : فهناك النقل السياحي التابع للشركات السياحية وهو يمثل القطاع الأكبر،وهناك النقل بمعناه العام من تاكسي وليموزين وقطارات وبالطبع الطيران.
الجزء الخاص بشركات السياحة يعاني الأمرين، فالمركبات التي تملكها شركات السياحة قد أصابها العطب، وأصبحت غير قادرة علي النهوض بمهامها، لأن شركات السياحة تعاني منذ سنوات،بل تكاد تكون غير قادرة هي الأخري علي الوفاء بالتزاماتها،وغير قادرة علي تحديث وتجديد أسطولها السياحي. وهنا لابد للدولة أن تتدخل وبقوة لأن المشكلة ليست مجرد شركات غير قادرة علي شراء مركبات حديثة بل هي وصمة عار في جبين السياحة المصرية.
لابد للدولة ان تسارع بتوفير قروض بنكية للشركات لكي تستطيع أن تجدد اسطولها السياحي الذي هو من أهم مقومات نجاح صناعة السياحة في اي بلد كان. ولابد ان يؤخذ هذا الأمر علي نحو من الجدية والالتزام وأن تضع الدولة جدولا زمنيا للشركات لتجديد اسطولها من المركبات السياحية.
الأمر الثاني هو وسائل المواصلات العامة التي يركبها السائح بشكل متكرر. وأكاد أجزم بأن أحد أسباب السمعة السيئة التي يحظي بها قطاع النقل السياحي في مصر يعود الي سلوكيات وأخلاقيات أصحاب وسائقي الاجرة في بلادنا. الثقافة العامة والوعي بأهمية السياحة والسائح في آن واحد أمران مهمان إذا أردنا أن نلتفت لأهمية النهوض بهذا القطاع. السلوكيات المنافية لكل القيم والأخلاق والأعراف والتي تصدر عن بعض (وليس كل) سائقي التاكسي أصبحت علامة مميزة للسائق المصري.
ولا أعتقد أن القوانين وحدها قادرة علي التصدي لهذه الظاهرة رغم يقيني بأهمية القوانين في محاسبة كل من يسيء لوجه مصر الحضاري. هناك نقطتان في غاية الأهمية : الأولي:هي ضرورة مراقبة جودة ونظافة كل سيارات الأجرة والتاكسي والضرب بيد من حديد علي كل من يتهاون في نظافة مركبته و جودتها بل ونظافته الشخصية. الثانية:وضع الخطط السريعة لرفع مستوي الوعي لدي جميع سائقي الاجرة وعمل حلقات نقاشية بصفة دورية بحضور أكبر عدد ممكن من السائقين لرفع مستواهم الفكري والثقافي بأهمية السياحة له ولأسرته وكيفية الحفاظ عليها. للاسف الشديد مازال هناك بعض من سائقي الأجرة ينظرون للسائح علي أنه مجرد مصدر للمكسب السريع ولا يهمهم بأي شكل من الأشكال رد فعل السائح تجاه سلوكياتهم. ولقد رأيت بأم عيني حالات كثيرة قررت عدم العودة لمصر مرة أخري بسبب سلوكيات بعض السائقين. بالطبع ليست هناك أية مشكلة إذا أردنا ان نضع الضوابط لمتابعة ومراقبة سيارات الأجرة. لقد استطاعت الشركات الخاصة ان تقدم لنا درسا في كيفية تقديم خدمة مميزة و مراقبة ممتازة للخدمة. ولا نريد أن نقلل من أهمية الالتفات لكل تلك الظواهر. لابد أن نواجه أنفسنا أولا ثم نبحث عن الحلول الممكنة. أري من وجهة نظري ضرورة عقاب كل من يثبت بالأدلة تورطه في عمل مشين ضد السائح بأن يحرم تماما من العمل في كافة المدن السياحية في أي وظيفة كانت. لقد سألت صديقا المانيا عن سبب اهتمام الألمان بالوقت والإلتزام به الي أقصي درجة. فقال لي صديقي ان القانون هناك لا يرحم ولا يفرق بين كبير وصغير. والدولة وحدها لن تستطيع تقويم السلوك. لذلك كنت سعيدا جدا بمبادرة احدي السيدات(من أصل انجليزي)وتقيم بمدينة الغردقة حيث قامت بعمل عدة ندوات تثقيفية لسائقي التاكسي.هذا يؤكد علي دور منظمات المجتمع المدني وأعتقد أنها إذا استطاعت القيام بهذا الدور فستكون قد أسهمت بشكل كبير في خدمة الوطن. أما عن الطيران فقلنا سابقا ان أسعار الطيران مرتفعة نسبيا، ولا يمكن ان نقارن بين أسعار الطيران هنا و أسعار الطيران في اي بلد آخر.لماذا؟لأن السائح عندما يفد الي بلادنا لا يحبذ ان يتعامل باسعار مختلفة. وهو يعقد مقارنة بين باقي الأسعار داخل البلاد وبين أسعار الطيران التي في ارتفاع دائم. مفهوم طبعا ان كل وزارة تسعي لتحقيق أكبر ربح ممكن ولكن لابد من التنسيق والتكامل بين كافة الوزارات من أجل مصلحة السائح. لذلك كانت هناك دعوات مستمرة بدمج وزارة الطيران الي وزارة السياحة وهذا أمر نرجوا ان يتم في القريب العاجل. النقل السياحي هو عنوان لتقدم الأمم و مقياس حقيقي وواقعي لمدي اهتمام الحكومات والدول بالسائح والعمل علي توفير كافة سبل الراحة له. حفظ الله مصر جيشا وشعبا