تفاعل قراء الأسبوع أون لاين ومن مختلف بقاع العالم مع الموضوعات التي تتناولها ليس جديداً في حد ذاته.. لكن الجديد هذه المرة كان الحدة التي لازمت التعقيبات وكثرتها وتنوعها لتعكس العديد من المواقف.. وربما كان مرد ذلك إلي طبيعة الموضوع الذي دارت حوله المقالات وهو تنافس منتخبي مصر والجزائر علي بطاقة التأهل الأفريقية الخامسة لنهائيات كأس العالم المقبلة لكرة القدم.. والاحداث المأسوية التي بدأت باعتداءات قام بها المشجعون الجزائريون الوافدون لمؤازرة منتخبهم وما عقب ذلك من تدهور للعلاقات السياسية بين البلدين، موضوع رأي فيه اغلب القراء جوانب عدة كشفت تباين المواقف والتوقعات بشأن الحدث. مضت التعليقات في اتجاهين أحدهما هاديء يذكر بمواقف البلدين الإيجابية ويطالب بالحياد والعمل علي تجاوز الازمة.. والاتجاه الآخر منفلت ويفتح النار في أكثر من اتجاه فرأوه مثيراً لأشد الانفعالات فعبروا عن ذلك بحروب كلامية اخذت شكل شتائم ومعايرات. وقليلون غير المكترثين بكأس العالم نفسه اعتبروه مجرد لقاء كرة قدم ولا يستحق هذه المعركة التي كانت ستنال الاحترام لو وجهت للدفاع عن القضية الفلسطينية. فالأجواء الممتلئة بالهتافات وحتي المشاجرات انتقلت إلي الموقع الإلكتروني بعد أن ملأت فضاءات عديدة في مصر والجزائر فعكستها تعليقات القراء التي وردت علي مقال رئيس التحرير "لماذة يكرهوننا؟" والتي اخترنا اهم ما جاء بها علي النحو التالي: ناجي محمد علي ماجستير / اعلام وعلوم سياسيه - الذي يتابع الموقع باستمرار من "فينا" لم يختلف كثيرا عن ما رأه معظم المعلقين في تحميل الحكومة المصرية مسئولية امتهان كرامة المواطن وانعكاس ذلك علي هيبة الدولة ككل حيث قال: "بسبب ممارسات الضغط النفسي - الجسدي والمعنوي من قبل الحكومه هانت علي الشعب نفسه فهان كل شئ . ويؤسفني قائلا أن مكانة مصر ونفوذها السياسي أصبحا ذكريات والذكريات هي الماضي..". مصري أخر عرف نفسه بيحياوي قال: "لازم يحصل وقفة جادة من الحكومة علشان يعرفوا قيمة المواطن المصري والا هيتكرر الي حصل وهنبقي ملطشة اكتر من الي كان". بينما ذهب مصري مقيم بالسعودية تحت عنوان "نحن من فعلناها بانفسنا" ليحمل الشعب مسئولية هذا الكره مباشرة قائلا : "احس بكل صراحة اننا من دفعناهم لذلك تخيل معي لو انك تعيش في عائلة كبيرة وأحد افرادها يريد ان يستاثر بكل الاهتمام ويضع نفسة كانة البطل وكان مصر هي الفارس الوحيد في المنطقة العربية أفليس هذا سبب كافي لكره مصر؟". واعطي وائل من مصر جوابا وسأل سؤالا منطقيا: "يكرهوننا لاننا من وجهة نظر العرب بعنا القضية الفلسطينية. وانا اسأل الجزائريين والعرب.. لو إن مصر باعت القضية الفلسطينية ليه ما يتحركوش هم ويحرروها؟" لم ينكر الشيخ محمد من السودان حبه لمصر مثله مثل كل المعقبين السودانيين الذين اعلنوا انحيازاً صريحاً لمصر وحمل الاعلام مسئولية الأزمة قائلا" لا أحد يكره مصر .. فقط يكرهون الفهلوة والتعالي.. وها هو الإعلام لم يتعظ وبدلا من لملمة الامر إذ بنفس الإعلام يتجه جنوبا ليفسد العلاقات مع السودان بعد الجزائر.. فكيف تفسر لي مطالبة أحدهم بالتدخل في السودان لحماية المصريين دون أدني إحترام لسيادة أو كرامة السودان". رفض الدكتور أشرف صلاح من مصر محاباة طرف علي حساب الطرف الأخر قائلا:" نعم الجمهور الجزائري أخطأ, ولكن الإعلام الهابط في البلدين أشعل نار الفتة بغض النظر عمن بدأ الأزمة". هشام من مصر :إعلام البلدين هو السبب كما ان الشعبين المصري والجزائري اختزلا كل بلديهما في كرة القدم". وبعيدا عن اسباب الكره ذهب عادل مصري مقيم بالسعودية ليرجع الأزمة مباشرة إلي مخططات دولية خاصة بتسييس المبارة واستثمارات بعض رجال الاعمال حيث قال: "الموضوع تم تهيجه اعلاميا بالتعاون مع المخابرات الاسرائيلية والفرنسية لصالح الشركة والهدف قطيعه وسحب الاستثمار المصري من عندهم". ومن التعليقات الطريفة التي وردت علي مقال رئيس التحرير كان من دحمان 'جزائري' فبعد ان انهال علي رئيس التحرير بوابل من الاتهامات متأثرا بالأجواء الملتهبة التي فرضتها طبيعة المشاجرة بين البلدين عاد ليتذكر موقفه الطبيعي المؤيد لمواقف رئيس التحرير وعبر عن ذلك قائلا: أعتذر عن التجريح في شخصك يا سيد بكري.. فهذه خطيئة أرتكبتها في حالة انفعال لا مثيل لها وكان السبب فيها الاعلام علي مستوي البلدين. ومن الجزائر أيضا ذهب بو شامي الي اتجاه أخر يتناول فيه طبيعة المشجعين المصريين التي ذهبت لموازرة المنتخب المصري والتي تشكلت من فنانين ومثقفين وسياسيين قائلا: كل ما في الامر بعض المضايقات لم يتعودونا علي رؤيتها و كلام جارح سمعوه غير متعودين علي سماعه لانهم من صفوة الشعب المصري فقاموا بتهويل الحدث ولكن لو كانوا من عامة الشعب كان الامر انتهي والا بماذا تفسر عدم وجود جرحي وقتلي؟". وعلي نفس المنوال ذهب المهندس ابراهيم الشحبور من مصر قائلا: "هذه طبيعة مشجعي الكورة الجزائريين مع نفسهم ومع جيرانهم من العرب خاصة الشقيقة تونس وكذلك كل الفرق التي لعبت مع فريق الجزائر ويعتبرون هذا من مناسك الكورة عندهم والعالم الكروي كله يعرف عنهم ذلك فاحنا غير مقصودين انما حظنا العاثر هو الذي اوقعنا في الفخ"0 اعرب الدكتور محمد فتحي من مصر عن سعادته لوجود ابناء الرئيس في موقع الحدث ومشاركتهم مشاعر المصريين ولكنه لم يجد حرجا في ان يحمل الحكومة المصرية مسئولية امتهان كرامة المواطن المصري في الداخل والخارج إذ اعرب عن ذلك قائلا:" آسف إني أقول كده ولكن هيبة مصر اللي كانت موجوده زمان لم تعد موجوده الان وياريت ما نفوتش أي إهانه توجه لمواطن مصري ونحترم المواطن جوه عشان يحترم بره . بصراحة احنا بنحب مصر وياريت تساعدونا نبطل نحس ان مصر مش بتحبنا". ومن التعليقات التي انهالت بالثناء علي موقف ابن الرئيس كان ثناء تعدي لغزل صريح في الرئيس لنصر عبد التواب من مصر: "انني فخور بحكمة حسني مبارك تجاه ما حدث من الجزائر حيث وافقت حكمته المثل التربوي المتمكن والذي يوثر في نفسية الخاطئ علي رقي التربية اذ يقول المثل/كن كالنخل عن الاحقاد مرتفعا يرمي بصخر فيجود بخير الثمار/". واخيرا نختتم بتعليق ياسين من الجزائر: " تحيا الجزائر و تحيا مصر العروبة وليسقط المفرقين ذوي النفوس المريضة". معظم التعليقات من الجانبين المصري والجزائري لم تخل من مضامين حادة استمدت حدتها من الأجواء المشحونة بالتوتر هنا وهناك وتضمنت معايرات وشتائم.. بالطبع لم تتاح للنشر ولكننا اتاحنا بعض منها لتضمنه قاعدة عريضة من الأراء والاتجاهات المتباينة.. وعلي قلته اثرنا إتاحته للظهور وان خالف هذا سياسة الموقع المعتادة في عدم التعرض بالاساءة الي كل ما هو عربي لنقف علي اسباب ماهو نحن عليه. وخلص القراء الي عدة حقائق اتفقوا عليها جميعا من خلال تعليقاتهم المتكررة موضحة كما يلي: - إن كرامة المواطن هي مسئولية الحكومة المنوطة لرعاية مصالح المواطنين في الداخل والخارج وضياعها ليس ضياع لكرامة المواطن فحسب بل ضياع لهيبة الحكومة والدولة والقائد بشكل عام. - مشاركة القائد مشاعر المواطنين يعزز دون شك مشاعر الأبوة والبعد الإنساني ومن ثم ترسيخ مباديء الولاء والاحترام المتبادل. - للإعلام دور خطير في تشكيل الراي العام وفي تهوين او تهويل الأزمات وبالتالي يجب اختيار القائمين عليه بعناية فائقة. - لكرة القدم دور خطير علي المجتمع إذا تم تسييسها واخطر كهوس متسلط يجتاح عقول الاجيال ويجب فرض رقابة دولية واسرية عليها تحول دون ان تتحول الي اداة لصرف العقول عن مسارها الصحيح. - اهمية التوحد تحت راية العلم الواحد وتحت راية القومية العربية بغض النظر عن اختلاف المذاهب والديانات التي من شأنها تمزيق الصف العربي والتي تعد مدخلا للفتن والمؤامرات والدسائس التي يخطط لها "أعداء العرب" علي الدوام. - لسلوك المواطنين واحترامهم لأنفسهم ولغيرهم دور هام في تشكيل سلوك الدولة ككل ومن ثم انطباع البلدان الاخري عنها. - عكست بعض التعليقات ثقافات سطحية كشفت ثغرات التربية وأدب الحوار في ظل ثقافة القمع والتخويف نتيجة بعض الممارسات الارهابية من الحكومات تجاه مواطنيها. - كشفت بعض التعليقات عن عقول جادة وواعية مصرية وجزائرية لم تنجرف وراء موجة الغضب بل ثبتت علي مواقفها العروبية لتتبين حقيقة الوضع الراهن. - عكست التعليقات الواقع المأسوي علي ساحة الديموقراطية في الانترنت العربية وتعميقها للشقاق العربي في بعض الأحيان.. فلم يختلف مصري مع جزائري فحسب بل انقلب الافراد علي بعضهم البعض في نفس الدولة.