قبل أيام مرت ذكرى يوم الشهيد والمحارب القديم، 9 مارس 1969، ذكرى استشهاد الجنرال الذهبى عبدالمنعم رياض، أحد رجال قواتنا المسلحة البواسل الذين أخذوا على عاتقهم عبء تحويل «النكسة» إلى «نصر». كثيرون يعرفون قصة استشهاد البطل عبدالمنعم رياض، الذى تم اختياره رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة فى 11 يونيو 1967، بعد أيام قليلة من النكسة، ليعيد مع وزير الحربية الفريق أول محمد فوزى بناء الجيش الذى حقق نصر أكتوبر.. لكنْ قليلون من يعرفون كيف ثأر أبطال الجيش لقائدهم، بعد أيام قليلة من استشهاده. عبدالمنعم رياض كان يُشرف بنفسه على عمليات تدمير خط بارليف، تلك التى بدأت يوم السبت 8 مارس 1969 ضمن معارك حرب الاستنزاف، وفى التوقيت المحدد انطلقت نيران الجيش على طول خط الجبهة لتكبِّد العدو الإسرائيلى أكبر قدر من الخسائر فى ساعات قليلة، وتدمر جزءًا مهمًا من مواقع المدفعية الصهيونية، فى أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل معارك حرب أكتوبر المجيدة. وفى اليوم التالى كان الفريق عبدالمنعم رياض بين جنوده، بل يقف فى أكثر المواقع تقدمًا على الجبهة، الموقع رقم (6) الذى هاجم بشراسة دُشَم الكيان الصهيونى فى اليوم السابق، ولم يكن يفصله عنها سوى أمتار قليلة. وبعد معركة استمرت ما يقرب من الساعة ونصف الساعة، كان يقود فيها الفريق عبدالمنعم رياض العمليات بنفسه، انفجرت إحدى دانات المدفعية بالقرب من الحفرة التى كان يقود منها المعركة، ليلقى ربه شهيدًا، وهو يقف وسط جنوده. لم تمر أيام حتى انتقم رجال قواتنا المسلحة لقائدهم، فقد أمر الزعيم الخالد جمال عبدالناصر برد فعل سريع وقوى، ثأرًا للشهيد عبدالمنعم رياض، حتى لا تتأثر معنويات الجيش باستشهاد قائده.. فوقع الاختيار على البطل الشهيد إبراهيم الرفاعى «أسد الصاعقة» لتنفيذ عملية انتقامية ضد العدو الصهيونى. وإبراهيم الرفاعى لمن لا يعرفه.. هو قائد المجموعة «39 قتال» التى تشكلت فى الخامس من أغسطس 1968، للقيام ببعض العمليات الخاصة فى سيناء، لتستعيد القوات المسلحة ثقتها بنفسها وتقضى على إحساس العدو الصهيونى بالأمن. مع الوقت كبرت المجموعة التى يقودها الرفاعى، وصار الانضمام إليها شرفًا يسعى إليه الكثيرون من أبناء الجيش، وزادت العمليات الناجحة، ووطأت أقدام جنودنا البواسل مناطق كثيرة داخل سيناء.. كانت نيران المجموعة «39 قتال» أول نيران مصرية تدوى فى سيناء بعد نكسة 1967، وأصبحت عملياتها مصدرًا للرعب والهول والدمار على العدو الإسرائيلى أفرادًا ومعدات. لم يكن عبور الرفاعى ومجموعته هو المثير للدهشة، إنما عودته منتصرًا دائمًا، فبعد كل إغارة ناجحة للمجموعة، تلتقط أجهزة التصنت المصرية صرخات العدو الصهيونى واستغاثات جنوده، وفى إحدى المرات وعقب عودته من إحدى العمليات، قدم له ضابط مخابرات هدية عبارة عن شريط تسجيل ممتلئ باستغاثات العدو وصرخات جنوده كالنساء. وفى ليلة ذكرى الأربعين لاستشهاد البطل عبدالمنعم رياض، وبالتحديد يوم 19 أبريل عام 1969، عبر الرفاعى ورجاله القناة إلى المواقع الإسرائيلية، فى العملية المعروفة ب«لسان التمساح»، وأباد أبطال الصاعقة المصرية، 74 من الجنود والضباط الصهاينة بالموقعين اللذين نفذا الهجوم على الفريق عبدالمنعم رياض، وفجَّروا مخزنًا للسلاح وآخر للوقود بالإضافة للآليات العسكرية، الدبابات والمدرعات، وعاد أبطالنا، ومعهم علم الموقع الإسرائيلى. عبدالمنعم رياض، إبراهيم الرفاعى، شأنهما شأن كثيرين، نموذج للمقاتل الشرس الذى قضى حياته دفاعًا عن شرف وطنه، وأذاق الصهاينة مرارة الهزيمة فى عشرات العمليات.. وكما استشهد عبدالمنعم رياض وسط جنوده، استشهد إبراهيم الرفاعى فى 19 أكتوبر 1973 عندما كان يخوض هو ورجاله معركة عنيفة مع مدرعات العدو الإسرائيلى. تحية إجلال وتقدير إلى روح القائد الفريق أول عبدالمنعم رياض، وتحية إجلال وتقدير إلى روح المحارب العظيم إبراهيم الرفاعى، وإلى أرواح شهداء القوات المسلحة المصرية ورجالها الذين ضحوا ومازالوا يضحون حتى الآن، دفاعًا عن الوطن ومقدساته. تحية إجلال وتقدير إلى جيشنا العظيم.. فى «عيد الشهيد». الفريق عبدالمنعم رياض مع الرئيس جمال عبد-الناصر