الثورة لا تعرف المهادنة .. أو المخاتلة .. ولا تعرف تقديس الكائنات البشرية التي أنتجتها عصور الانحطاط من مدعي الحكمة والعقل والمتشبثين بشعار مقتضيات المرحلة .. فالثورة لا تعترف 'بمقتضيات المرحلة' أساسًا .. لأنها إعصار يدمر المراحل كلها .. ويفتح الأفق أمام مراحل يصنعها الثوار بأنفسهم. ولأنها كذلك فهي لا تعرف الانحناء للريح أو مراعاة فروق التوقيت، أو الحذر من تدفق التيارات العاصفة .. لأنها هي 'العاصفة' وهي الفعل 'الجنوني' الذي ينطلق عكس التيار .. ومواجهة أعتي الرياح بصدرها الفتي العاري .. الثورة فعل استثنائي شعاره .. إما كل شيء .. أو لا شيء بالمرة .. إما النصر وإما الشهادة .. إما الآن .. وإما أبدًا .. لا تعرف أنصاف الحلول .. ولا أنصاف الأهداف لذا فهي لا تعرف الحوارات الجانبية، ولا اتفاقات الموائد المستديرة أو المستطيلة في الغرف المغلقة لأنها تشتعل دائمًا في الهواء الطلق وفي الشوارع العمومية والأزقة والحارات حيث يفترش الثوار الأرض، ويلتحفون السماء، ويشتعلون حبًا في الوطن ويحلمون بالغد الأجمل للفقراء. نعم الثورة رعناء، وضد المنطق السائد وعجولة، ولا تعرف التمهل أو التعقل أو 'التكتيك' لأنها قابضة علي جمر 'الاستراتيجية' التي إن لم تتحقق الآن.. فلن تتحقق أبدًا. ولأنها كذلك فهي ضد المتلونيون وسارقي الفرح، والمترددين والمتحذلقين والمحافظين والأصوليين ولصوص القوت والباحثين عن موضع قدم في المشهد الثوري أو قطعة من الكعكة تمهيدًا لالتهام الكعكة كلها .. من أقصي اليسار إلي أقصي اليمين. الثورة ضد الحكماء والمفكرين العاجزين الذين كانوا مجرد اكسسوارات علي صدر النظام يظهر بهم أمام كاميرات الفضائيات ليلقي بهم في أدراجه المنسية ليخرجهم مرة أخري وقت اللزوم .. فلقد فقد هؤلاء الحكماء صلاحيتهم مهما حاولوا إدعاء الثورية ومهما هاجموا النظام بأثر رجعي .. فالثورة ترفضهم لأنهم كانوا جزءًا من 'بلاط الاستبداد' لذا فهي تسد أذنيها عن دعاوي العقل والحكمة وقبول الحد الأدني مرحليًا التي يبثون سمومها في الفضائيات لأنهم خارج التاريخ ومنطقهم هذا وحكمتهم تلك هي التي أطالت عمر الاستبداد. الثورة بركان الطهارة والنقاء والحلم الذي سيظل يلقي بحممه فوق رءوس الفلول والرأسمالية الغاشمة المتصارعة علي الحكم وعلي رءوس المتلونين والأفاقين ومدعي الحكمة والأراجوزات والمهرجين حتي تتطهر أرض المحروسة من الدنس والفساد ويتحقق مجتمع الحرية والكرامة والعدالة. يا سادة .. مازال بركان الثورة مشتعلاً فاحذروه ..