هل ابتعدت الدراما المصرية مؤخرًا عن الواقع المصرى وعاداته وتقاليده؟هل بالفعل انحدرت بالذوق العام وهبطت بالمنحنى الاخلاقى وأصبحت بعيدة كل البعد عن اهتمامات الأسر المصرية؟هل هناك فجوة بين ما يقدم وما يحتاجه المشاهد؟هل اختفى المسلسل الذى يجمع شمل الأسرة وحل محله مسلسلات تحمل نوعا من العشوائيه الفكريه ؟ الإجابة عن كل هذه الأسئلة هى «نعم»وهذا ما رأيناه فى الفترة الأخيرة من عرض لمسلسلين أقل ما يقال عنهم إنهم كارثة حقيقية فى المجتمع، فالأول يعرض تحت مسمى الدراما الاجتماعية، عن أى دراما يتحدثون؟! فهذا مسلسل يعرض واقعا غير واقعنا وقيمنا التى تعودنا عليها وكأن الشعب المصرى تجسد فى هذه العمارة المنحرفه سلوكيا فقد جمع هذا المسلسل كل الموبقات. وفى المسلسل الآخر ..بالرغم من امتلاء الواقع بكوارث يصعب على الخيال تصديقها خاصة فيما يتعلق باعتداء بعض الأبناء لأسباب مختلفة على آبائهم وأمهاتهم وهو ما تنقل بعضه يوميا صفحات الحوادث أو البرامج التلفزيونية فإن هذا الواقع حين يتجسد على الشاشة فى عمل درامى فإنه يمثل صدمة ويكون أمرا مستهجنا بشدة فكيف تقتل الأم على يد أبنائها اقرب الناس إليها وهى من افنت حياتها من أجلهم؟! ان القائمين على هذا العمل ليسوا مبدعين بل بالعكس لديهم ضيق أفق وتفكير محدود وارتكبوا جريمه بحق المجتمع لا تغتفر حين قدموا قصةقتل الأبناء لامهم فى مبالغه لا أقول عنها درامية، بل تمثل خللا وتشنجا دراميا لجأوا إليه دون وعى أو إدراك أو فهم لنتائج تلك الجريمة البشعة. منذ سنوات اعترض المجتمع كله على مشهد حرق الابن لأبيه فى مسلسل «ابن حلال» والان تتكرر المأساة بكل أسى. فإذا كان هذا هو الفن فليذهب الى الجحيم. وأتساءل: أين دور الرقابة من كل هذا ؟ان لم يكن الفنان مسؤولا ورقيبا على نفسه فأصبح يبحث عن المال وفقط ،اليس لكم ضمير نحو المجتمع ونحو المتلقى الذى استأمنكم على مشاعره وسلمكم عقله وقلبه فى لحظات المشاهده. أوجه كلمتى لكل من يقول إنها مجرد أعمال درامية الغرض منها اإمتاع المشاهد ولكل من يدافع بشدة عن حرية الفكر والإبداع أدعوه أن يبحث بعمق ليرى سلبيات هذا الابداع المزعوم على مجتمع كان من أرقى وأكثر المجتمعات احتراما عندما كان يقدم لنا فنًا وإبداعًا حقيقيا وصورة مشرفة وفنًا هادفًا مازلنا نعيش على ذكراه ونفتخر به أمام العالم كله. نحن الآن نحتاج بشدة إلى دراما هادفة ترعاها الدولة تبث فيها روح الامل وتنير مشاعل الحرية المنضبطة وتقدم حلول ناجعة لمشكلات مزمنة، نريد دراما تعيد للعلاقات الاجتماعية والاسرية اعتبارها، دراما لا تتجرأ على اقتراف كل ما هو غير أخلاقى حتى لو كانت واقعا بحياة البعض لكنه يبقى فى أسوأ الأحوال استثناء لا يصح التركيز عليه أو لفت النظر إليه، نريد دراما تعالج قضايا الوطن والنماذج المشرفة وتجارب الأمل التى كانت سببًا فى تقدم دول كانت أقل منا ثم سبقتنا. فالقدوة الحسنة مطلوبة حتى يتبارى شبابنا وصغارنا فى تقليدها.