أصدرت محكمة النقض في جلستها المنعقدة اليوم، برئاسة المستشار هاني مصطفى نائب رئيس محكمة النقض، حكما نهائيا وباتا، بمعاقبة الناشط علاء عبد الفتاح ومتهم آخر يدعى أحمد عبد الرحمن بالحبس لمدة 5 سنوات مع الشغل، وتغريم كل منهما مبلغ 100 ألف جنيه ووضعهما تحت المراقبة الشرطية لمدة 5 سنوات تبدأ من انتهاء مدة العقوبة المقضي بهما ضدهما، وذلك في قضية أحداث التظاهرات أمام مقر مجلس الشورى التي جرت في 26 نوفمبر 2013، وما شهدته من أعمال شغب وقطع للطريق وتظاهر بدون تصريح مسبق واعتداء المتظاهرين على قوات الأمن. كما قضت المحكمة بمعاقبة 18 متهما آخرين بالحبس مع الشغل لمدة 3 سنوات وتغريمهم، كل على حدة، مبلغ 100 ألف جنيه ووضعهم تحت المراقبة الشرطية مدة مساوية لمدة العقوبة. واقتصر التعديل الذي أجرته محكمة النقض على الأحكام الصادرة في القضية من محكمة الجنايات، على تصحيحها تصحيحا جزئيا لتصبح العقوبة المقضي بها بحق المتهمين هي "الحبس" بدلا من "السجن المشدد". وتعد الأحكام الصادر من محكمة النقض نهائية وباتة لا يجوز الطعن عليها بأي طريق من طرق التقاضي. وكانت المحكمة قد استمعت إلى مرافعة طاهر أبو النصر وخالد علي المحاميان عن علاء عبد الفتاح وبقية المتهمين في القضية، حيث طالبا إلى المحكمة بنقض "إلغاء" الحكم وإعادة المحاكمة من جديد أمام إحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة غير التي سبق وأصدرت حكمها بإدانة المتهمين. وقال الدفاع إن كافة المتهمين في القضية، عدا علاء عبد الفتاح، شملتهم قرارات عفو رئاسية، وتم بالفعل الإفراج عنهم وجميعهم خارج أسوار السجن. وأضاف الدفاع أن وقائع الاتهام تمثل وضعا خاصا باعتبار أنها القضية الأولى التي يطبق عليها أحكام قانون التظاهر، مشيرا إلى أن القانون الذي دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 25 نوفمبر 2013 تم تطبيق أحكامه على المتهمين في القضية على الرغم من أن وقائع الوقفة الاحتجاجية التي شارك بها المتهمون كانت قبل صدور القانون وإقراره، وهو ما يمثل أحد أوجه النعي بالبطلان على الحكم. وأشار الدفاع إلى أن محكمة الموضوع (الجنايات) أدانت المتهمين في القضية بعدما افترضت فيهم جميعا العلم والإرادة لارتكاب جريمة الاشتراك في تجمهر يخالف أحكام القانون، فضلا عن أن المحكمة أدانت المتهم الأول (علاء عبد الفتاح) بتهمة تدبير التجمهر استنادا إلى قيامه بالدعوة لوقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان وهو الأمر الذي لا يمثل جريمة يعاقب عليها القانون.. بحسب قول الدفاع. وأكد الدفاع أن التجمهر وفقا لتعريف القانون هو تجمع بقصد ارتكاب جريمة، غير أن محكمة الجنايات لم تبين أركان جريمة تدبير والاشتراك في تجمهر التي أدانت المتهم على أساسها. وقال الدفاع إن المحكمة حجبت عن دفاع المتهمين إمكانية استجواب وسؤال أحد شهود النفي، واكتفت المحكمة بتوجيهها الأسئلة إليهم فقط.. مشيرا إلى أن سلطة المحكمة في هذا الصدد تكون في رفض سؤال أو عدة أسئلة يوجهها الدفاع، وليس أن ترفض قيام الدفاع بسؤال الشاهد من الأساس. وذكر الدفاع أن المتهمين قدموا للمحاكمة على أساس المادة (19) من قانون التظاهر التي حددت عقوبة الحبس التي تتراوح ما بين سنتين إلى 5 سنوات وغرامة مالية لا تقل عن 50 ألف جنيه وبحد أقصى 100 ألف جنيه في شان التظاهر غير القانوني، غير أن النيابة العامة قامت أثناء نظر القضية بطلب تطبيق المادة (17) من القانون على المتهمين والتي تتضمن عقوبات مغلظة بالسجن والغرامة المالية التي لا تقل عن 100 ألف جنيه.. لافتا إلى أن الحكم الصادر استند في حقيقته إلى هذا القيد والوصف الجديد للاتهام ودون تنبيه الدفاع لإبداء المرافعة في ضوء هذا التغيير. وقال الدفاع إن الحكم تعامل مع المتهمين على أنهم مجموعة من الأشقياء وعتاة الإجرام والبلطجية، متجاهلا حقيقة الواقعة والغرض من الوقفة الاحتجاجية وأن المتهمين هم مجموعة من الشباب الذين كانوا يطالبون بعدم إدراج مادة بالدستور يحاكم المدنيون على أساسها أمام القضاء العسكري.. بحسب قول الدفاع. وأشار إلى أن محكمة الجنايات استمعت إلى 7 من أعضاء لجنة إعداد الدستور والذين قرروا أن الوقفة الاحتجاجية أمام مبنى البرلمان الذي كانت تعقد به جلسات لجنة إعداد الدستور، تعد ممارسة طبيعية معتادة لإبداء الرأي. واعتبر الدفاع أن وقائع القضية لا ينطبق عليها قانون التجمهر وما يتضمنه من مواد تتعلق بالاعتداء على المواطنين وآحاد الناس، حيث إن القضية لا يوجد بها أي ادعاء مدني من أي شخص أضير من ممارسات المتهمين أو تم التعرض له. ودفع الدفاع ببطلان أحراز الدعوى، زاعما أنها تعرضت للعبث والتلاعب، حيث تم تقديم أحراز جديدة من قبل النيابة لم يكن قد تم تقديمها أمام المحكمة الأولى التي كانت تنظر القضية ثم تنحت عنها، ولم يتم إثبات أرقام تلك الأحراز. ودفع الدفاع ببطلان إجراءات التحقيق والمحاكمة بزعم أنها أجريت داخل "مقار شرطية" حيث جرى التحقيق داخل مقر مديرية الأمن، وانعقاد جلسات المحاكمة داخل معهد أمناء الشرطة وبداخل قفص زجاجي كان يحول دون سماع المتهمين لما يدور بقاعة المحكمة وعلى نحو منع التواصل بين المتهمين ودفاعهم.. على حد ادعائه. وكان علاء عبد الفتاح قد تقدم بطعن أمام محكمة النقض مطالبا بنقض "إلغاء" الحكم الصادر بإدانته، وإعادة محاكمته من جديد. وسبق وأصدرت محكمة جنايات القاهرة في شهر فبراير 2015 أحكاما بالسجن المشدد تراوحت ما بين 3 إلى 5 سنوات بحق 20 متهما من بينهم علاء عبد الفتاح، وأقرت حكما بالسجن المشدد لمدة 15 عاما بحق 3 متهمين آخرين في القضية. يشار إلى أن المحكوم عليهم في القضية تم الإفراج عنهم جميعا بمقتضى عفو رئاسي صدر في مناسبات متعددة، عدا علاء عبد الفتاح الذي لا يزال يقضي فترة العقوبة المقضي بها بحقه. وكان علاء عبد الفتاح وبقية المتهمين في القضية سبق وأن عوقبوا غيابيا بالسجن المشدد لمدة 15 عاما وتغريم كل منهم مبلغا وقدره 100 ألف جنيه، ووضعهم تحت المراقبة الشرطية لمدة 5 سنوات من تاريخ صدور الحكم.. قبل أن تتم إعادة الإجراءات في القضية بعد ضبط عدد من المتهمين وتسليم البعض الآخر لأنفسهم. وكشفت تحقيقات النيابة العامة النقاب عن قيام علاء عبد الفتاح بالاعتداء على ضابط شرطة من المكلفين بتأمين التظاهرة ومقر مجلس الشورى، وقيامه بسحب جهاز الاتصالات اللاسلكي الخاص بالضابط، وعاونه باقي المتهمين على ذلك، ثم فر هاربا. وقامت النيابة العامة بفحص محتويات أجهزة الكمبيوتر المحمول (لاب توب) الخاصة بالمتهم علاء عبد الفتاح، حيث أثبت الفحص الفني قيامه بالدعوة للتظاهر أمام مقر مجلس الشورى اعتراضا على قانون التظاهر الجديد والمحاكمات العسكرية للمدنيين بمقتضى ما ورد بالدستور في هذا الشأن.. كما تضمنت أوراق القضية التقرير الفني لفحص الأجهزة. وأسندت النيابة إلى علاء عبد الفتاح سرقته لجهاز اللاسلكي من أحد الضباط بالإكراه، بالاشتراك مع بقية المتهمين ال 24.. وكذا ارتكابهم جميعا لجرائم التجمهر، وتنظيم تظاهرة دون إخطار السلطات المختصة بالطريق الذي حدده القانون، وإحراز الأسلحة البيضاء أثناء التظاهرة، وتعطيل مصالح المواطنين وتعريضهم للخطر، وقطع الطريق، والتعدي على موظف عام أثناء تأدية وظيفته، والبلطجة. وكانت تحقيقات النيابة العامة في أحداث التظاهرة، قد كشفت عن دعوة بعض الفصائل السياسية الشبابية على شبكة الانترنت، أنصارهم للتظاهر بشارع قصر العيني، دون إخطار الجهات المختصة بذلك مسبقا بالتظاهرة، حسبما ينص عليه القانون رقم 107 لسنة 2013 (قانون التظاهر) بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية. كما أظهرت تحقيقات النيابة أنه قد استجاب لتلك الدعوة ما يقرب من 350 شخصا تجمعوا بشارع قصر العيني، وتجمهروا أمام مقر مجلس الشورى (حيث مقر انعقاد جلسات لجنة الخمسين أثناء مناقشات إعداد الدستور) ورددوا الهتافات المعادية والمناهضة لسلطات الدولة، ورفعوا لافتات تحمل شعارات تحرض ضدها. وأكدت التحقيقات أن القوات المختصة بالتأمين أسدت لهم النصح، وطلبت منهم التفرق، غير أنهم (المتظاهرون) أصروا على التجمهر بالطريق العام وأصروا على قطعه، وعطلوا المواصلات، وتسببوا في إرباك حركة المرور وتعطيل مصالح المواطنين. وثبت من التحقيقات أن مرتكبي تلك الأحداث أحاطوا بأحد ضباط الشرطة من قوات التأمين، ثم طرحوه أرضا وتعدوا عليه بالضرب وسرقوا جهاز الاتصال اللاسلكي الخاص بجهة عمله، على نحو اضطرت معه القوات إلى التدخل وتمكنت من إنقاذه ونقلته إلى مستشفى الشرطة لإسعافه وعلاج الإصابات التي أحدثها به المتظاهرون. وتبين أن أحد المتهمين المقبوض عليهم في أعقاب فض التظاهرة، وعددهم 24 متهما، كان بحوزته سلاحا أبيض ولافتات تحتوي على شعارات عدائية للدولة وسلطاتها.