تحيي منظمة الصحة العالمية غدا الثلاثاء اليوم العالمي للصحة النفسية 2017 تحت شعار " الصحة النفسية في مكان العمل " ، حيث يسلط الاحتفال هذا العام إلي أن العوامل الاجتماعية النفسية مثل العمل بكفاءة عالية وبأجور متدنية تؤدي إلى مضاعفات صحية وصحية نفسية تنعكس على الأداء والجودة في العمل . وقد أثبتت الدراسات أن عدم الاستقرار في العمل ، والعمل تحت ظروف نفسية اجتماعية غير مطمئنة تؤدي إلى مضاعفات نفسية تؤثر على القلب والشرايين تفوق التدخين لفترات طويلة ، وأن أعلى الأضرار لسوء الحالة النفسية هي أضرار اقتصادية من الدرجة الأولى. إن أعلى أضرار الاكتئاب هي انخفاض إنتاجية الانسان وما ينتجه من توترات في أماكن العمل وغياب وأضرار مباشرة على الأجهزة والآلات نتيجة لعدم التركيز . كما أن الاهتمام بعلاج المرضى النفسيين قد أهمل في حين أنه جزء لا يتجزأ من كفاءة العملية الإنتاجية المتكاملة. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلي أن الاكتئاب واضطرابات القلق هي الاضطرابات النفسية الشائعة التي لها تأثير على قدرتنا على العمل ، والعمل بشكل منتج. وعلى الصعيد العالمي، يعاني أكثر من 300 مليون شخص من الاكتئاب، وهو السبب الرئيسي للإعاقة، كما أن أكثر من 260 مليون يعيشون مع اضطرابات القلق وكثير من هؤلاء الناس يعيشون مع كليهما. وتقدر دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية مؤخرا أن اضطرابات الاكتئاب والقلق تكلف الاقتصاد العالمي 1 تريليون دولار سنويا من فقدان الإنتاجية. ويتم الاحتفال فى 10 أكتوبر من كل عام باليوم العالمى للصحة النفسية ، وكان أول احتفال به في عام 1992 بناء على مبادرة من الاتحاد العالمي للصحة النفسية ، وذلك لتذكير الشعوب بأهمية الصحة النفسية ومزيد من التوعية عن المرض النفسى والعمل على حل كافة المشكلات التى تعترض السلامة النفسية لشعوب الأرض والعمل على علاج الاضطرابات النفسية التى ظهرت مع متطلبات العصر وضغوطه . وتعريف الصحة النفسية، أي تعنى غياب الاتزان بين ثلاثة محاور رئيسية التى ترتكز عليها الشخصية السوية ، والثلاث ركائز التى تكتمل بها الصحة النفسية هى العقل والنفس والجسد. وعندما يحدث خلل بهذه الركائز الأساسية للشخصية السوية يحدث المرض النفسي ، أي عدم توافق الشخص مع ذاته الداخلية وعالمه الخارجى بالمثل. ويشير تقرير منظمة الصحة العالمية "الخاص بالصحة النفسية في مجال العمل" ، إلي أن العلاقة بين التوتر والأداء في الوظيفة شيء معقد ويمكن أدراك مؤشرات التوتر في العمل بتحليل نسبة الانقطاع عن العمل كإجازة عادية أو مرضية ومن خلال استجواب عن مدى استمتاع الموظف بعمله ، وعن مستوى حوافز الإنتاج التي تتجاوز المتوقع . وأوضح التقرير ، إلي أن وسائل خفض التوتر في أماكن العمل غير متوفره بطريقة مقاس واحد للجميع ، فأن المتغيرات التي تؤدي للقلق كثيرة تتراوح من بيئة العمل لمهارات الفرد في تحمل الضغوط المختلفة ،لافتا أن الضغوط المؤدية للقلق والتوتر تتضاعف في حالة عدم الاستقرار وعدم الاستمتاع بالعمل كما أن هناك عوامل أخرى مثل : طول ساعات العمل والعمل تحت عبئ كبير والعمل القليل على السواء ؛ عدم تحقيق الطموحات وعدم التحكم في الصراعات والعمل بدون مواصفات للوظيفة ؛ العلاقات والسلوكيات داخل أماكن العمل غير صحية لا تؤدي إلى شيء سوى إلى تشتت تركيز العامل وقدرته على العمل مع المجموعة ؛ فقد الاتصال بين المؤسسين والرئاسات داخل البنيان الوظيفي صعوداً أو هبوطا وجنبا بين زملاء العمل ؛ عدم الأمان الوظيفي الذي يتفاقم مع مدير إدارة غير مسئول ، وعدم الثقة والحاجة للنفاق ، ومكان يسوده قوى متصارعة وعدم توازن بين العمل واحتياجات الحياة المختلفة . وقد لخص الرئيس الفخري لغرفة التجارة الكندية ميشيل ويلسون ( وزير المالية الكندي السابق ) خطورة الموقف بالأرقام . فأمريكا الشمالية وحدها تخسر 60 بليون دولار بسبب مرضى الاكتئاب وحده ، مشيرا إلى أن الصحة النفسية أصبحت جزءا لا يتجزأ من نجاح الاستثمار الاقتصادي وأنه آن الآوان لان نحتضنها بكلتا يديانا قبل أن تصيب العاملين بإعاقة عن العمل تنعكس على الإنتاج . وأشار التقرير إلي جهود منظمة الصحة العالمية إلي أنها تقوم بوضع خطة للصحة النفسية تقوم علي الآتي : التقليل من التوتر اذ أمكن في أماكن العمل ؛ التقليل من الضغوط الناتجة عن التغير التكنولوجي وسرعة الأداء التي أحدثتها هذه التغيرات ؛ وضع مفاهيم لتطوير الإنتاج من منطلق الممارسة الإدارة الصحية ؛ تصميم برامج للتنمية البشرية وسياسات تهدف الى تحسن الصحة النفسية للعاملين في أماكن العمل . وعلى مستوى السياسات العالمية، تحدد خطة العمل العالمية لمنظمة الصحة العالمية بشأن صحة العمال (2008-2017) وخطة عمل الصحة العقلية (2013-2020) المبادئ والأهداف واستراتيجيات التنفيذ ذات الصلة لتعزيز الصحة النفسية الجيدة في مكان العمل. وهي تشمل: معالجة المحددات الاجتماعية للصحة العقلية، مثل مستويات المعيشة وظروف العمل؛ الأنشطة الرامية إلى منع وتعزيز الصحة والصحة العقلية، بما في ذلك الأنشطة الرامية إلى الحد من الوصم والتمييز؛ وزيادة فرص الحصول على الرعاية القائمة على الأدلة من خلال تطوير الخدمات الصحية، بما في ذلك الحصول على خدمات الصحة المهنية. ولمساعدة المنظمات والعمال، أصدرت منظمة الصحة العالمية سلسلة "حماية صحة العمال" التي توفر التوجيه. كما يجري حاليا جمع البيانات إعداد أطلس للصحة النفسية لعام 2017، بهدف توصيف حالات الموارد في بلدان الإقاليم ، وقدرتهاعلي الإبلاغ عن التقدم المحرز في تنفيذ الأهداف والمؤشرات المتفق عليها فيإطار العمل لتحقيق الأهداف 17 للتنمية المستدامة 2030.