على أبواب العام الدراسى الجديد علينا أن نسال كيف نبدأ إصلاح العملية التعليمية، ولدينا أوضاع سيئة للمعلمين ما بين أجور متدنية وإهمال يعانى منه فى المدارس وعملية تعليمية تحتاج مراجعة. وزير التعليم طارق شوقى مؤخرًا أعلن عن خطة طويلة وقصيرة الأمد للإصلاح، قال: إنه بدأها بالمشروع القومى (المعلمون أولًا) وترقية أكثر من نصف مليون معلم وتثبيت آخرين وإصلاح مالى ربما لا يتم بشكل كامل لكن الأمور تحتاج إلى حركة سريعة قبل بداية العام الدراسى، الوزير أكد أن المشروع القومى (المعلمون أولًا) تم بالتنسيق مع المجلس التخصصى للتعليم والبحث العلمى التابع لرئاسة الجمهورية، موضحًا أنه تم تقسيم تطبيق المرحلة الأولى من المشروع، والتى يستهدف تدريب 10 آلاف معلم من 1000 مدرسة من المدارس الرسمية والرسمية للغات إلى عدة مراحل. البرنامج يهدف لإتاحة الفرصة لكافة المعلمين من مختلف المحافظات للاشتراك بالمشروع، حيث تم اختيار المدارس فى المرحلة التجريبية الممتدة من المدارس الداعمة والمدارس الرسمية المتميزة بالإضافة لعينة من المدارس الرسمية. الوزير لفت إلى تخريج أول دفعة من برنامج الرئاسة لتدريب المعلمين «المعلمون أولًا» وأن المرحلة الأولى من مشروع «المعلم نجحت فى أول 100 مدرسة وتم تدريب 500 معلم، وإن المرحلة الموسعة الأولى تم تنفيذها بمشاركة 1350 معلمًا من 450 مدرسة، مشيرًا إلى أن المرحلة الموسعة الثانية يجرى حاليًا تنفيذها بمشاركة 1391 معلمًا من 450 مدرسة، وأنه من المنتظر أن يتجاوز عدد المعلمين المسجلين بمجتمعات الممارسة الموسعة 10 آلاف معلم يبتكر ويفكر. معلم يبتكر معلم يبتكر وأوضاع مالية سيئة، فهل تستقيم الأمور بهذا الشكل، خاصة بعد الأزمة الأخيرة التى دارت رحاها بعد تصريح الوزير لإحدى الصحف وقيل إنه اتهم المعلمون بأنهم (حرامية وغير كفء) لتبدأ معركة من البلاغات والاعتراضات وبينها نفى من الوزير بأنه لم يقل هذا الكلام وأنه يكن كل تقدير للمعلم ويسعى لإصلاح أحواله. وأنه سيقدم مقترحه لتعديل مرتبات المعلمين والتى قيل إن رئيس الوزراء اعتمدها فى الموازنة الحالية. فى حين يراها عدد كبير من المدرسين «لعبة مكشوفة» لتقليل الاحتقان بين المدرسين ومنع أى محاولات للاضراب أو الاعتراض. ولذلك كانت البلاغات التى قدمتها نقابة المعلمين المستقلة برئاسة رائد الحسينى، النقيب، واتحاد المعلمين المصريين، وتحالف المعلم المصرى. كما قدم مجموعة من نشطاء التعليم، والمعلمين، بلاغًا آخر ضد الوزير للتحقيق معه فى تلك الاتهامات التى تعد سبًا وقذفًا فى حق أكثر من مليون ونصف معلم وإدارى تابع لوزارة التربية والتعليم، ومالها من آثار سلبية على العملية التعليمية ككل. البلاغات التى حملت أرقام 10218 و10219 وتم تقديمها للنائب العام ضد الوزير هى عنوان الأزمة التى يبدو أنها ستتصاعد خلال الأيام القادمة مع اجتماع الجمعية العمومية للنقابة لمناقشة أزمة فرض الحراسة والدعوة إلى انتخابات تعبر عن المعلمين، خاصة بعد أن أثارت تصريحات النقابة المعينة من الحكومة استياء المعلمين لانحيازها التام للوزير. ملف شائك التعليم ملف شائك باعتراف الجميع ويراه المسئولون بالعملية التعليمية أزمة خطيرة بسبب تكدس الفصول فى المرحلة الابتدائية وأول الإعدادية، إلى جانب الدروس الخصوصية التى تثقل كاهل الأسرة المصرية. وقبلها أحوال المعلمين المتردية والتى أكدت أغلب الدراسات التى تمت أن الراتب الحالى للمعلم ينطبق عليه خط الفقر ولا يلبى أى من الاحتياجات الأساسية للمعلم والتى طالبوا أكثر من مرات عديدة بزيادة الميزانية المخصصة للتعليم وهو المطلب الذى تجدد مؤخرًا بعد زيادة ميزانية التعليم للعام المالى 2017/2018 من 80 إلى 100 مليار جنيه، مؤكدين أنهم يتحملون بعض الأعباء الإضافية منها زيادة جمله الضرائب على الرواتب، وزيادة قيمه ما يخصم من نقابه المعلمين لصندوق الزمالة والمعاشات والتأمين. المعلمون والذين تحاورنا معهم «دون ذكر أسمائهم» يعترضون على كثير من الأمور الغامضة والغاضبة فى الوزارة التى يصر وزيرها على أن المدرس الذى يعمل فى عام 2017 تتم محاسبته على أساسى مرتبه فى 2014 والتى يحصل بموجبها على حوافزه فى حين تتم محاسبته ضريبيًا على أساس أنه فى عام 2017. المعلمون يتساءلون عن السبب الذى يمنع صرف حافز الإثابة ال200% رغم صدور حكم قضائى. وما الذى يجعل سيادة الوزير يصرف لهم مكافأة 200 يوم امتحانات فى نسبة 5% والمطبعة 1200 يوم فى حين تمنح للعاملين فى الوزارة مكافأة 900 يوم بنسبة 7% دون أن يتحركوا من مكاتبهم. المعلمون اتهموا الوزير ووزارته بإنفاق مليارات على التدريب الوهمى لاستكمال الورق دون أن يستفيد أحد وانفاق مليارات على الجودة ثم تخرج مصر من التصنيف العالمى للتعليم. ولم ينسوا ملايين الجنيهات التى تنفق على مستشارين فى الوزارة التى تعد مغارة على بابا الحقيقية لمن يعملون فى الديوان وطالبوا الوزير بمقارنة المبالغ التى يتم دفعها كمرتبات للمعلمين وبين أجور ومكافآت العاملين بالديوان. المعلمون قالوا إن مراكز الدروس الخصوصية يعمل بها أشخاص لا علاقة لهم بالتدريس أو مدرسون «أباطرة» حصلوا على إجازات بموافقة الوزير للتفرغ للدروس وظل مكانهم «محفوظ» بدرجته المالية. أما مدرس الفصل فتم تكبيله بالقواعد التى تمنع الثواب والعقاب ومحاضر الشرطة اذا تجرأ وأراد تعديل سلوك طالب لأن تصريحات الوزراء تعتبر الطالب هو صاحب السيادة. وأن الفائض ليس فى المدارس وانما فى الإدارات وان الفساد المالى والإدارى أيضًا فى الإدارات والمديريات وليس فى المدارس التى تضم بينها الصالح بنسبة أكبر من الطالح. الوزير يدافع عن نفسه على الجانب الآخر، نفى الوزير اهانته للمعلمين، بل أعلن خلال مؤتمر صحفى عقد مؤخرا أن العملية التعليمية لا تستقيم بدون معلم ورغم أنه لم يتطرق إلى الأزمة الدائرة بينه وبين المعلمين الا أن عدة تقارير صحفية خرجت لتؤكد أنه الوزير الوحيد الذى قرر ترقية 270 ألف معلم خريجى دبلوم معلمين لأول مرة فى تاريخ الوزارة مثلهم مثل زملائهم. وأنه وقف ضد قرار رئيس الوزراء بفصل 4 آلاف معلم فصلًا نهائيًا لأن شروط تعيينهم جاءت مخالفة للقانون، وانه أصر على تعديل القانون لإنقاذهم من الفصل. كما أنه الوزير الذى وقع على قرار عودة 30 ألف إلى محافظاتهم الأصلية. كما يقوم بالبحث عن بدائل لشرط محو الأمية الذى وقع عليه المعلمون كشرط للتعيين ولم ينفذوه. ويقوم بتدريب 500 ألف معلم منهم على أحدث النظم التربوية وبواسطة خبراء وجهات دولية معتمدة حتى نرفع من مستواهم الوظيفى. وانه هو الذى بدأ المشروع القومى الذى يحمل اسم «المعلمون أولًا» ليكون المعلم هو أول شىء فى التعليم وهو أساس التعليم. أجور المعلمين بين غضب المعلمين ودفاع الوزير تأتى المشكلة الحقيقية وهى المرتبات الضئيلة التى يحصلون عليها باعتراف حكومات كثيرة وان النهوض بالتعليم لن يتم الا برفع العائد المادى للمعلم فعندما سألوا «لى كوان بو» مؤسس سنغافورة قال: «أظن أننى لم أقم بالمعجزة فى سنغافورة، أنا فقط قمت بواجبى فخصصت موارد الدولة للتعليم وغيرت مكانة المعلم من الطبقات الدنيا فى المجتمع إلى المكان اللائق بهم، وهم من صنعوا المعجزة التى يعيشها المواطنون الآن». راتب المعلّم فى سنغافورة يتراوح بين 30 و60 ألف دولار فى السنة، ويمنح حوافز مجزية.