أشعر فعلاً أن مصر لم تمر بثورة.. ولكنها مرت بارتفاع في درجة حرارتها وأسعفها ولاد الحلال بقرصين "ريفو" خوفًا عليها من حمي الحرية! فرغم مرور عشرة أشهر فقط هي عمر ثورة يناير فإن المتربصين بها يزدادون يومًا عن يوم فمن كان ضدها بالأمس.. أصبح أكثر عداوة لها اليوم ومن كان يساندها علي استحياء.. أصيب الآن بالخرس كلما جاءت سيرتها أمامه ومن كان يهدف منها لتحقيق مطامع شخصية وخذلته.. يحاول الآن تفتيت قواها وبث روح الفرقة بين أطياف الشعب باحثًا عن دور جديد يقدمه! للأسف .. ثمة مؤامرة يدبرها آخرون للنيل من الثورة وتشويه صورتها السلمية التي أبهرت العالم.. أعلم أن هناك من يطالب بالهدوء لأن كل ما نعانيه الآن شيء طبيعي، خصوصاً أننا عانينا كما يرددون من ثلاثة عقود مشبعة بالفساد، وأننا لن نقضي علي فساد ثلاثين عاماً في ثمانية أشهر.. ولكني أري ان هناك محاولات تشويه علي قدم وتساق لصورتها وخدش معانيها في وجدان الجماهير من خلال سياسات متعمدة استهدفت محو أية ملامح للمطالب التي نادت بها الثورة، فإذا كانت الثورة قد طالبت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فقد جري افتعال مجموعة من الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، بدأت بالدقيق والخبز ومرت بالبنزين والبوتاجاز، مع تغطية إعلامية شريرة تربط الأمر باستمرار المظاهرات والاعتصامات الثورية، وصولا إلي أن الثورة لم تأت بالعيش والعدالة الاجتماعية بل جاءت بالجوع وأبقت علي اتساع الفجوة الرهيبة بين طبقات المجتمع...والأمر ذاته حدث فيما يخص الحرية إذ جري تجويع المواطنين أمنيا وأحيطوا بحزام مرعب من جرائم القتل والخطف والاغتصاب، وفقا لسيناريو انفلات أمني موضوع بدقة متناهية، بما لم يترك مجالا لأحد لكي يفكر في موضوع الحريات، وبمعني آخر نجحوا في أن يجعلوا قيمة الحرية - أثمن وأعظم ما يريده الإنسان - نوعا من الرفاهية أو 'كلام مثقفين. لقد سقط النظام السابق لأنه تعامل مع الواقع بمزيج من الغرور والغباء الغرور جعله لا يصدق أنه يمكن أن يسقط يوما ما والغباء جعله لا يتحرك الآن يتكرر نفس المشهد السياسيون والنخبة والاحزاب الهشة و الشارع يشتعل من ارتفاع الأسعار ونقص فرص العمل والبطالة التي ارتفعت معدلاتها بشكل مخيف وهذا يجعل مصر أمام قنبلة موقوقتة يمكن أن تنفجر في أي وقت وسيكون انفجارها عشوائيا الكل الآن في مصر مشغول اخوان وسلفيين وسياسيين وليبراليين وغيرهم الكثير مشغولون بتوزيع الكعكة مشغولين بقضايا لا علاقة بها بالمواطن البسيط الذي من المفترض أن الثورة قامت من أجله غرقنا في صراع فكري نخبوي حول هوية الدولة في مصر ما بعد الثورة ولكني أبشر الجميع أننا نتجه بسرعة الصاروخ هل هي دينية أم مدنية نحو نوع جديد هو "الدولة الهمجية... وأعلم يقيناً أن الثورة سُرقت وقُتلت وذُبحت ولكنهم يخشون إعلان وفاتها رسمياً، ولكن عاجلاً أو آجلاً سيتم إعلان الخبر إما بعد تشكيل مجلسي الشعب والشوري أو حتي بعد إعلان فوز المرشح الرئاسي الذي لن يخرج بأي حال من الأحوال عن شخص من أذناب النظام القديم .. فلن تتركنا مخالب و أنياب أمريكا و الصهيونية الا بعد جهد جهيد و تضحيات اكبر و نحن مشتتون و مشدودن بعيداً و الأموال الخبيثة تتدفق علي جهات متشددة جعلتهم يظهرون من العدم .. !! للأسف ثورتنا بل بلادنا تباع في المزاد و نحن غافلون ..وليس أمامك وأمامي سوي الانتظار لعل الله يصلح حال هذا البلد أو يهده ليبنيه غيري وغيرك علي ومبادئ وأسس سليمة لا تعطي الفرصة بعدها للسوس العفن أن ينخر أركانها ويعبث بها