اليوم استكمل حديثى عن الإصلاح الاقتصادى وضرورة وجود إجراءات حماية اجتماعية، فلاشك أن الحماية الاجتماعية هى حجر الزاوية ببرنامج الإصلاح الاقتصادى، وان أى إصلاح اقتصادى بهذا الشمول وبهذه القوة يحتاج إلى دعم وحماية محدودى الدخل وان نستكمل منظومته بخطوات تنفيذية أخرى وسياسات وإجراءات استثمارية محفزة مع برنامج حماية اجتماعية لمحدودى الدخل والتوسع فى برامج وأدوات لتخفيف المعاناة على الطبقات متوسطة الدخل الذين يعانون ارتفاع الأسعار. فمن يقرأ أدبيات وتقارير صندوق النقد الدولى يجد أن كل سطر فيها يلزم الدول بضرورة حماية ودعم محدودى الدخل، من خلال برامج تكافل وكرامة ومعاش التضامن الاجتماعى وترشيد الدعم حتى يصل لمستحقيه ومن الضرورى أيضًا الإسراع بخطوات تنفيذية نحو توفير ما نستخدمه من موارد النقد الأجنبى، مع محاولة زيادة حصيلة إيراداتنا منه حتى نساعد على استقرار منظومة أسعار الصرف فى المدى القصير. يجب أن نعى أنه عادة بعد تحرير أسعار الصرف يمر السوق بفترة من التذبذب، ولكن بنهاية هذه الفترة يستقر الدولار عند السعر العادل، والوصول إلى حالة الاستقرار مرتبط بتعاون الجميع وعدم شراء الدولار إلا عند الحاجة الدولية لذلك، والإسراع بتنفيذ خطوات الإصلاح الاقتصادى وقدرته على جذب استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة فى سوق المال. ومن المهم أن تقدم الحكومة برنامجًا متكاملًا بأرقام محددة وإطار زمنى واضح، تحدد فيه المستهدف الوصول إليه بعد هذه الإجراءات من زيادة فى معدلات التشغيل وارتفاع فى مستويات الصحة والتعليم، وهو الهدف الأساسى من أى إصلاح اقتصادى. لابد من ترشيد منظومة الاستيراد مع تحديد الأولويات، وخاصة أن اتفاقية الجات تعطينا حق اتخاذ إجراءات استثنائية فى ظل ظروف استثنائية. ويرتبط هذا بزيادة نسبة المكون المحلى ومدخلات الإنتاج فى المصانع الحالية وإحلال ما يتم استيراده. ووضع خطط محددة بأرقام مستهدفة لزيادة حصيلة الصادرات السلعية على مدار عامين، مع تفعيل دور هيئة المواصفات والجودة. وإقامة تجمعات زراعية وصناعية ومتكاملة ضمن استراتيجية دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة. مع تحديد الصناعات ذات الميزة التنافسية فى كل منطقة فيجب أن تتجه سياسة الاستثمار الداخلى إلى مبدأ التوزيع الجغرافى للمحافظات، وبالتالى تتم إقامة الصناعات الجديدة فى المناطق التى تزداد بها نسب البطالة ومعدلات الفقر وتتم إقامة الصناعات وفقًا للميزة التنافسية التى تتمتع بها كل محافظة. وأخيرًا وليس آخرًا، فالاهتمام بالبعد الاجتماعى والأخلاقى، وهذا البعد هو فى نظرى الأهم فى منظومة الإصلاح الطويلة المدى، حيث يتعامل هذا البعد مع القيم الإنسانية والسلوكيات المختلفة، ويعلى من قيم الجودة والانضباط والأنماط الاستهلاكية. وهى قيم يمكن الارتقاء بها على المدى المتوسط من خلال التوعية والإعلام والمدى الطويل من خلال منظومة التعليم الجيد. فهذه المنظومة هى أساسية والتى بدونها لا يمكن للاقتصاد أن يحقق التنمية المستدامة التى يهدف إليها. أدرك وأقدر صعوبة الموقف، ولكن بدون تعاون الجميع حكومةً ومجتمعًا مدنيًا وأفرادًا، لن تحقق برامج الإصلاح الاقتصادى الأهداف المرجوة منها. ................................... *الباحثة فى علم الاجتماع