قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية: إن الأمة الإسلامية أحوج ما تكون في الوقت الراهن إلى نشر قيم التسامح والرحمة في مواجهة موجات التطرف والغلو والتشدد الديني وتياراته، وهو ما يتجلى في "فتح مكة" الذي يوافق 20رمضان المبارك من كل عام، مؤكدًا أن هذه الذكرى العطرة أكبر دليل على التسامح الإسلامي، الذي تجلى في عفو الرسول صلى الله عليه وسلم عن المشركين حينما دخل مكةالمكرمة فاتحًا منتصرًا. وأضاف مفتي الجمهورية في كلمته، اليوم الخميس، بمناسبةالاحتفال بذكرى "فتح مكة" الذي يوافق 20 رمضان من كل عام:ما أحوجنا في الوقت الراهن إلى نشر قيم التسامح والحوار مع الآخر ومواجهة الأفكار المتطرفة والمتشددة، مضيفًا أن السيرةالنبوية الشريفة تقدم لنا أعظم صور التسامح والعفو، فعندمافتح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مكةالمكرمة، قاللأهلها: «ما تظنون أني فاعل بكم؟» قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لهم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». وأوضح مفتي الجمهورية أنه إذا كان يوم الهجرة بمنزلة شهادةميلاد الأمة الإسلامية، و"غزوة بدر" تمثل نضجها وقدرتها على مواجهة الأعداء، فإن "فتح مكة" كان خاتمة هذا النصر؛ فكان الفتح الأكبر والنصر الأعظم للأمة الإسلامية. وأكد مفتي الجمهورية أن خُلق التسامح والعفو عن الناس، من الأخلاق الحسنة التي غرسها الإسلام في نفوس المسلمين،مصداقًا لقول الله سبحانه وتعالى للرسول الكريم: {فَاصْفَحِالصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85]، وقال سبحانه وتعالى أيضًا فىوصف المحسنين: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُيُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]، لافتًا إلى أن كثيرًا من الناس يظنون خطأً أن العفو إنما هو ضعف، ولكن الصواب يخالف ذلك، فالإنسان القوي هو الذي يعفو ويصفح، وهو الذي يستطيع أن يتغلب على نفسه، لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: «ليس الشديد بالصرعة، إنماالشديد من يملك نفسه عند الغضب» (متفق عليه)، وحينما جاءرجل وقال للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : أوصني يارسول الله! قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تغضب» (رواه البخاري). وأشار مفتي الجمهورية إلى أن أعظم انتصارات وفتوحات المسلمين إنما جاءت في شهر رمضان المبارك لتؤكد للجميع أن شهر رمضان هو شهر الكَدِّ والعمل والاجتهاد في مختلف المجالات، وليس شهرًا للكسل والراحة. وفى ختام كلمته أكد مفتي الجمهورية أن هناك قيمة كبرى عبرعنها هذا الفتح الأكبر، وهي أن الاسلام دين "التسامح والرحمة"فنجد أن "فتح مكة" لم يكن حربًا بل سلمًا، ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكةالمكرمة فاتحًا ومنتصرًا، ولو كان قتل من عذبوه وآذَوه لكان ذلك عدلًا منه، إلا أنه يعلمنا جميعًا أن التسامح سمة ومبدأ أساسي في الإسلام، وأنه ينبغي علينا أن نقاتل "الكراهية والعداوة" في نفوس الأعداء حتى ينقلبوا إلى أصدقاء، مصداقًا لقول المولى عز وجل: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَاالسَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُوَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].