قصر «ببا» تسكنه الأشباح.. و«إهناسيا» كعب داير فى محافظة لا تدعم الثقافة فتح أدباء بنى سويف قلوبهم، كان من المنتظر ان يلتقوا بوزير الثقافة فى حوار مفتوح يتضمن معاناتهم، اللقاء الذى لم يتم حاولت «الأسبوع» الوصول إلى أهم المشكلات التى كانت ستطرح من خلاله، لعل أصوات مبدعى مصر فى أقاليمها تصل.. وكان المجلس الأعلى للثقافة قد دشن أولى قوافله الثقافية التنموية بحفل افتتاح لقافلة بنى سويف التى انطلقت صباح الإثنين الماضى وهى القافلة التى ينتظر ان تتبعها قوافل أخرى تجوب محافظات الصعيد فى محاولة لإعلاء قيم المواطنة وترسيخ مفاهيم حب الوطن، وهو ما أكده هذا الحضور الثرى فى اليوم الأول من القافلة لمثقفين وسياسيين وفنانين ومفكرين ورجال دين، تكبدوا مشقة السفر حبا فى المشاركة، إلا أن مثقفى ومبدعى بنى سويف كان لديهم الكثير والكثير مما يقال وهو ما تمنوا نقله إلى وزير الثقافة الذى غاب عن الافتتاح والذى كان من المنتظر ان يعقد لقاء مفتوحا معهم ينقلون خلاله مشكلاتهم ومعاناتهم حيث قد ضاق وقت اللقاء المفتوح الذى عقد مع المنصة عن أسئلة الحاضرين التى بلغت ثمانين سؤالا، مع تأكيدات لأدباء بنى سويف انهم يفتقدون تماما دعم المحافظة فى أنشطتهم على الرغم من افتراض أن ميزانية المحافظة تتضمن بنودا خاصة بالثقافة. وهو ما أثار دهشة كثيرين إثر تأكيدات محافظ بنى سويف المهندس شريف حبيب فى الجلسة الافتتاحية، على أهمية رفع الوعى لدى المواطن ليكون شريكا وعنصرا أساسيا فى تنفيذ ما تطمح إليه الدولة من تحقيق تنمية شاملة،مشيرا إلى أهمية أن تمتد كل الأنشطة والفاعليات التثقيفية بمشاركة كبار المثقفين وأصحاب الفكر المستنير وعلمائنا فى شتى المجالات إلى القرى وخاصة أن أهلها متعطشون لرؤيتهم والاستماع إليهم. وتترجم تلك الدهشة الشاعرة سيدة فاروق رئيس نادى الأدب ببنى سويف موضحة أن أدباء بنى سويف يفتقدون دعم المحافظة تماما، وظهر ذلك بوضوح فى تجاهل المحافظة لمؤتمر اليوم الواحد لأدباء بنى سويف والذى أقيم بالفعل الخميس الماضى أى بعد افتتاح القافلة بيومين فقط والذى لم يحضره المحافظ ولم يرسل من ينوب عنه لحضوره، وتضيف «فاروق»: المر ليس بجديد، لقد عانينا أشد المعاناة لعقد القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافى، وطالبنا أن تقوم المحافظة بالاستضافة فقط لضيوف المؤتمر، إلا أن طلبنا قوبل بالرفض، وقد أثبتت أمانة المؤتمر ذلك، حيث تأخر رد المحافظة علينا حوالى شهر واضطررنا لعقد المؤتمر فى القاهرة واستضافتنا دار المركبات التابعة للقوات المسلحة التى ساهمت مساهمة كبرى فى تمويل المؤتمر. وقالت «فاروق»: غياب وزير الثقافة عن افتتاح القافلة لم يكن يمنعه من إقامة حوار مع المحافظ لأن لدينا الكثير لنقوله والمهم ان يصل صوتنا إلى المسئولين، خاصة وإننا نعانى بشدة قلة الدعم لإقامة الأنشطة وقد يدفع الأعضاء من جيوبهم لإقامتها، مؤكدة ان فصر ثقافة ببا هو إحدى المشكلات الضخمة الملحة التى تعانيها بنى سويف وهو قصر مشكلته قائمة منذ ما يقرب من تسع سنوات وبدأت مشكلته منذ عام 2008 عندما رصد محافظ بنى سويف وقتها مبلغ نصف مليون جنيه للترميم ومن وقتها لم يحدث شىء ولا يجد العاملون أماكن محترمة للجلوس وتحول سور القصر إلى مكان للباعة الجائلين، بينما تحول القصر إلى مكان مهجور نسمع بين الحين والآخر انه سيتم استكمال ترميمه. ويضيف الشاعر عطية معبد: لقد حاولنا مرارًا ان ننشئ قصر ثقافة فى إهناسيا تلك المدينة التاريخية العريقة دون جدوى، فكلما استطعنا الحصول على تخصيص لقطعة أرض فوجئنا بأننا نتنقل بين وزارة الثقافة والمحافظة دون نتيجة، وفى النهاية إما ان يتغير المحافظ وإما يتغير وزير الثقافة قبل البدء فى اى خطوات عملية، لنعيد الكرة فى كل مرة، وتظل إهناسيا دون قصر ثقافة، ويظل بيت الثقافة الخاص بها والموجود فى «شقة» تحت الترميم، ولا ندرى لماذا ترمم من الأساس، ويظل بند الاستضافة غائبا عن ميزانية نوادى الأدب بما لا يجعل بإمكانى استضافة شاعر على سبيل المثال من أسيوط، ويظل الدفع الإلكترونى لمستحقات الأدباء الذين نستضيفهم أزمة، لأن المبدع إذا كان يريد أن يأخذ قيمة مواصلاته فعليه ان ينتظر أن نرسل صورة بطاقته الشخصية؛ ليتم الدفع له الكترونيا بعد ذلك بفترة، ويؤكد معبد ان المحافظ لا يؤمن بالثقافة، وان كبار المثقفين الذين جاءوا إلى بنى سويف وصلوا بالفعل وهم يريدون ان يقدموا شيئا لكن ما قيل على المسرح إن الناس لم يحضروا الا فتتاح لأنهم لم يصدقوا أن تلك الكوكبة قادمة بالفعل غير حقيقى، لكن الحقيقة أن الناس غير مؤمنين بما يقدم لهم، خاصة مع هذا العنوان المجانى «فى حب مصر» الذى اعتبره محاولة لإثبات ما هو ثابت، فمن منا لا يحب مصر؟! وأكد معبد أنه كان يتمنى أن يكون لقاء هذه الوجوه الإعلامية بالناس على أرض الواقع وسط مراكز الشباب وفى المدارس وفى القرى المحرومة. وكان اللواء يسرى خضر نائبًا عن المحافظ حيث افتتح الفاعليات مشاركا الدكتور حاتم ربيع، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة «الجهة المنظمة للقافلة»، والدكتور أحمد عواض رئيس صندوق التنمية الثقافية، وصبرى سعيد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، الفنان إيمان البحر درويش الذى ألهب حماس الحاضرين بغنائه، الشاعر والإعلامى جمال الشاعر، والدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع، والدكتور أسامة الأزهرى وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب، والدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية، والمستشار الدكتور خالد القاضى رئيس محكمة الاستئناف بالقاهرة، والمخرج خالد يوسف عضو مجلس النواب المصرى، والنائبة مرفت ميشيل ناصيف عن دائرة بنى سويف، والنائبة ياسمين أبو طالب عضو مجلس النواب، وتضمن الافتتاح كلمات للضيوف الذين آمنوا بالفكرة، وحاولوا طرح رؤاهم حول أزمات المثقفين والوطن بشكل عام إيمانا منهم بأن التنوير وحده هو ما يمكنه القضاء على الإرهاب، وجاءت كلمة الفنان خالد يوسف معبرة عن واقع الثقافة والمثقفين، عندما أكد انه يحمل مظلمة أحد مصابى مسرح بنى سويف الذى أصيب بحروق شديدة ليوصلها لوزير الثقافة مؤكدا أنه غير بعيد عن هذا المكان حدثت مأساة حريق مسرح بنى سويف» الذى تسبب الإهمال فى تدميره وإزهاق أرواح ضحاياه» ومطالبا بالوقوف دقيقة حداد على أرواح ضحاياه. بينما أكد الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية ان معركتنا الآن «يقصد معركة المثقفين» هى معركة الشارع وكيف يتم التغلغل داخل الناس لأن تلك اللحمة هى التى ستقضى على الإرهاب مؤكدًا أن الجيش يكمل الجهود التى يجب أن يقوم بها الآخرون وان القضاء على الإرهاب ليس بالمواجهة الأمنية فقط، فمعركتنا هى التنمية الفكرية، مؤكدا أن الإرهاب يجب أن يواجه بالثقافة والتعليم والإعلام، وأضاف: أن الثورة هى ثورتان، ثورة للعدالة الاجتماعية وهى التى لابد أن تتحقق، وثورة للقضاء على استخدام الدين بديلًا للقوى السياسية. وافتتح الضيوف معرض الكتاب )لجميع إصدارات قطاعات وزارة الثقافة، وعددا من المعارض الفنية( معرض «بنى سويف فى عيون أطفالها»؛ ينظمه المركز القومى لثقافة الطفل، معرض «بنى سويف كما أراها»؛ تنظيم الهيئة العامة لقصور الثقافة، معرض الحرف التقليدية؛ تنظيم صندوق التنمية الثقافية، كما تفقد الضيوف الورش التدريبية )ورش أورجامى/جدارية/خزف( كما تم عرض مجموعات من الكتب مجانا للجمهور، واستمرت القافلة على مدار ثلاثة أيام وتضمنت محاضرات توعية صحية، وشارك المنشد محمود التهامى فى أنشطة القافلة بأمسية حضرتها حشود جماهيرية كبيرة من محبى هذا الفن.