جاء قرار البنك المركزى الأسبوع الماضى برفع سعر الفائدة 2٪ ليثير غضب المستثمرين ورجال الصناعة الذين وصفوا القرار بأنه سيؤدى لمعاناة جديدة للصناعة المصرية بجانب انكماش الاستثمارات وتوقف التوسعات.. وهو الأمر الذى قد يؤدى أيضًا لموجة جديدة من ارتفاع الأسعار نظرًا لزيادة تكلفة الإنتاج. وهذا بجانب ما تكبدته البورصة المصرية من خسائر فى اليوم التالى لصدور القرار. البنك المركزى يهدف من وراء قرار رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم الذى ارتفع لمستويات غير مسبوقة وصلت لأكثر من 31٪، ولكن قد يؤدى هذا للتأثير السلبى على حركة الاستثمار. وحذر اتحاد الصناعات من أثر القرار، وتوقع أن يكبد القطاع الصناعى مزيدًا من الخسائر الفترة المقبلة. وأكد المهندس محمد زكى السويدى -رئيس اتحاد الصناعات المصرية- أن القرار المفاجئ الذى اتخذته لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزى برفع سعرى العائد على الإقراض والإيداع بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 16.75% و17.75% على التوالى قد جاء فى وقت غير مناسب نظرًا لما ستتكبده الصناعة المصرية من معاناة جديدة، بالإضافة إلى ما تحملته على مدار الأعوام السابقة. وأكد السويدى أن جهودًا حثيثة قد بذلها رجال الصناعة ليصل القطاع إلى مرحلة التعافى التى يمر بها حاليًا بعد مواجهته للعديد من الصدمات الناتجة عن الإجراءات التصحيحية للاقتصاد المصرى من زيادة فى رسوم الطاقة وزيادة الرسوم الضريبية وآثار تعويم العملة المحلية ثم معدلات التضخم التى نتجت عن كل تلك الإجراءات. وأضاف أن هذا القرار سيضيف أعباءً جديدة تحد من قدرة الصناعة على التوسع الأفقى أو الرأسى والقدرة على التطوير وكذلك من إمكانية جذب استثمارات جديدة، كما سيؤثر سلبًا على المنافسة التصديرية والقدرة على مواجهة السلع المستوردة سواء كان ذلك فى الأسواق المحلية أو فى الأسواق الخارجية، مما سيتسبب فى انخفاض الصادرات المصرية ويزيد من الأعباء المالية لمساندة الصادرات حتى تتمكن من النفاذ إلى الأسواق الخارجية. وأشار إلى إن الصناعة المصرية قد تحملت الكثير من الأعباء حتى تتمكن من الحد من زيادة أسعار منتجاتها داخليًا وخارجيًا، واتحاد الصناعات من جانبه يناشد البنك المركزى تخصيص مبلغ مالى لإقراض الصناعة المصرية بسعر فائدة غير مرتفع وللاستثمار الصناعى حتى لا يؤثر ذلك على نمو الصناعة وتطويرها وجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية. كما أنها ستناقش أيضًا الخطط التوسعية للفترة المتبقية من العام الحالى، فى ضوء مستجدات أسعار الفائدة، التى تهدد بانكماش الاستثمارات وتوقف التوسعات. وكان البنك المركزى قد رفع أسعار الفائدة 2% على الجنيه، لتصل إلى 16.75% و17.75% على الإيداع والإقراض مؤكدًا أنه اتخذ هذه الخطوة لمحاصرة توقعات التضخم. وارتفع التضخم إلى 32.9% على أساس سنوى فى أبريل الماضى مقابل نحو 15% فى أكتوبر، بينما بلغ التضخم فى أسعار الطعام والشراب نحو 44%. وقال إيهاب السعيد -خبير أسواق المال- إن رفع أسعار الفائدة بشكل مفاجئ من قِبل لجنة السياسة النقدية بمقدار 200 نقطة أساس دفعه واحدة تسبب فى انهيار حاد بالبورصة بجلسة الاثنين فور الإعلان عن القرار الذى وُصف بأنه ضربة قاصمة لمناخ الاستثمار فى مصر فى وقت يعانى فيه الاقتصاد ركودًا تضخميًا غير مسبوق جراء الإجراءات الاستثنائية التى اتخذتها الدولة خلال العام الماضى. كما أثار هذا القرار أيضًا العديد من الأقاويل بينه وبين تقرير صندوق النقد الأخير بشأن توصياته بالإبقاء على أسعار فائدة مرتفعة فى مصر لكبح جماح التضخم, على الرغم من أن التضخم الحاد الذى شهدته البلاد, هو تضخم ناتج من قرارات اقتصادية وليس ناتجا من ارتفاع الطلب أو ذروة النشاط الاقتصادى, والأخير فقط هو ما يمكن التعامل معه بالسياسات النقدية التقليدية ومنها رفع أسعار الفائدة, أما التضخم الذى نعانيه الآن, فالتعامل معه يكون بالسعى نحو دعم النشاط الاقتصادى ورفع معدلات الإنتاج وفتح آفاق أكبر للقطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية وذلك هو السبيل الوحيد للخروج من نفق الركود التضخمى الذى يسيطر على الاقتصاد المصرى الآن. وبيان لجنة السياسة النقدية أكد أن التضخم جاء مدفوعًا بتحرير سعر الصرف وبدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة وخفض دعم الوقود وكذلك رفع الجمارك على بعض السلع وهو ما يعنى أنه تضخم ناتج من ارتفاع تكلفة, ومع هذا جاء القرار بالرفع بمقدار 200 نقطة أساس, ليصل إجمالى الرفع إلى قرابة 500 نقطة أساس منذ تحرير سعر الصرف! وبعيدًا عن الآثار السلبية المتوقعة على النشاط الاقتصادى وتعميق الركود, إلا أن المتضرر الأكبر لرفع أسعار الفائدة هى الدولة ذاتها, والتى ستعانى ارتفاع تكلفة الاقتراض, بما قد يجاوز 60 مليار جنيه إضافية على بند خدمة الدين، بما يعمِّق من مستويات العجز فى الموازنة العامة ويصعب من تحقيق المستويات المستهدفة!!