تضاف الجريمة البشعة التى وقعت ظهر الجمعة الماضى والتى راح ضحيتها ما يقرب من أربعين شخصا من الأسر القبطية، إلى سلسلة الجرائم البشعة التى ترتكبها الجماعات الإرهابية التى تقتل بدم بارد، دون أدنى إحساس بحرمة الشهر الكريم أو حرمة دم الإنسان. كنا نتهيأ لاستقبال شهر رمضان المعظم، وكانت الفرحة تملأ قلوبنا بقدوم شهر البر والإحسان والبركة، وفى خضم الاستعدادات، فاجأنا الخبر المؤلم والموجع، بكاء وعويل لأسر الشهداء، قلوب مكلومة وأخرى مفجوعة، ليس شرطًا ان تكون من أقربائهم، كى تشعر بالألم، ولكن مجرد متابعة الحادث كفيلة بتسرب إحساس الحزن إلى قلبك، مشهد الأطفال المضرجة أجسادهم الصغيرة بالدماء، هو مشهد كاف لسنوات من الوجع والآلم. لماذا يختار الإرهابيون مناسباتنا الدينية حتى يفاجئونا، بجريمة أبشع من سابقتها، ففى يوم المولد النبوى، اختاروا التاريخ المحدد لتفجير كنيسة القديسين بالعباسية، ونفس الأمر يتكرر فى الآونة الأخيرة، وفى تواريخ محددة، هل قصدوا إفساد فرحتنا المعهودة بالشهر الفضيل؟ وهل خططوا لذلك أم أن للموضوع أبعادا أخرى تستهدف وحدتنا الوطنية؟ بالطبع هناك من يقصد إدخال الحزن على قلوبنا مع اقتراب الأعياد، وهم بالفعل نجحوا فى ذلك، فالحزن يدمى القلوب، والإحساس بالبهجة مفتقد، وهناك إحساس تسرب إلى أذهاننا بالخطر والخوف من المجهول الذى يتهدد وحدة واستقرار مجتمعنا. إخواننا الأقباط يربطهم بالمسلمين نسيج عضوى واحد، ورباط وثيق، تلك العلاقة التى ضربت مثلًا عبر السنين بتوحد قطبى الأمة، فهناك الكثير من النماذج التى يحتذى بها فى العلاقة بينهم. ما نستطيع قوله، إن علاقة المسلم بالمسيحى، هى علاقة أخوة وجيرة وصداقة من القلب، ولا يستطيع أى ما كان أن يضربها فى الصميم، فتلك العلاقة المستعصية على الاختراق، هى صمام الأمان الذى يدعم استقرار المجتمع. الارهاب ظاهرة عالمية نتفق على ذلك، ولا يستطيع أى ما كان الاختلاف على ذلك، فما يحدث عندنا، يحدث أيضًا فى كبريات دول أوربا والتى تعتمد عل أحدث التقنيات والوسائل التكنولوجية، وهى أيضًا تتلقى ضربات موجعة ومؤلمة، غير اننا لا نستطيع القول إن كل الأمور على ما يرام، وأن الإرهاب هو إرهاب دولى وفقط، ولكننا نقول إن تشخيص الوضع هو السبيل الوحيد لمواجهة الظاهرة، واحكام القبضة الامنية على الكنائس والأديرة بات ضرورة ملحة، لأن الاستكانة والاستسلام لحالة الهدوء المؤقت لا تخلف سوى الكوارث التى ندفع ثمنها اضعافا مضاعفة من أبناء الوطن.. رحم الله الشهداء وألهم ذويهم الصبر...