وزير الشؤون النيابية: القيد التلقائي يفرض مراجعة الدوائر كل 5 سنوات لضمان عدالة التمثيل    8 توجيهات ل الزملوط خلال اجتماع المجلس التنفيذي للوادي الجديد    بعد أزمة تصريح «صنادل ونعال» عناصر القسام، سجن ضابط إسرائيلي رفض العودة إلى غزة    «الصابرة المحتسبة».. شيخ الأزهر يُعزِّي الطبيبة الفلسطينيَّة آلاء النجار في استشهاد أبنائها التسعة    الدوري الممتاز، زد يتقدم على إنبي بهدف في الشوط الأول    صراع أوروبي على حارس إسبانيول.. وبرشلونة يضعه في صدارة أولوياته    وزارة السياحة: لجان ميدانية على مدار 24 ساعة لخدمة حجاج السياحة بالمشاعر المقدسة    وسط استنفار أمني، الدفع ب 3 سيارات إطفاء إلى موقع تسرب غاز بمحطة وقود في رمسيس    محمد جمعة ينعي حفيد نوال الدجوي    انطلاق العرض الخاص لفيلم ريستارت بعد قليل    قريبًا.. انطلاق برنامج "كلام في العلم" مع دكتور سامح سعد على شاشة القناة الأولى    "عبدالغفار" يستعرض الفرص الاستثمارية للقطاع الصحي خلال منتدى قادة السياسات بين مصر والولايات المتحدة    وزير الصحة: زيادة ميزانية الإنفاق الصحي ل 406.47 مليار جنيه بدلا من 42.4 مليار عام 2014    هل السجود على العمامة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح الأفضل شرعًا    "بعد عودته للفريق".. ماذا قدم محمود تريزيجيه خلال رحلته الاحترافية؟    «نصيحة هامة على الصعيد المالي».. حظ برج الأسد في الأسبوع الأخير من مايو 2025    بدء تشغيل العيادات الخارجية ب المستشفى الجامعي في السويس    إنتر ميلان يستعيد 3 نجوم قبل موقعة باريس في نهائي الأبطال    متى يبدأ صيام العشر الأوائل من ذي الحجة 2025؟ فضلها وموعدها    حقيقة حدوث زلازل وانفجارات اليوم 25-5-2025| العالم ينتظر حدث جلل    دمشق تتعهد لواشنطن بالمساعدة في البحث عن أمريكيين مفقودين في سوريا    قبل أيام من قدومه.. لماذا سمى عيد الأضحى ب "العيد الكبير"؟    مباشر نهائي دوري السلة – الأهلي (29)-(27) الاتحاد.. ثلاثية من دولا    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    ختام الموسم.. ماذا يحدث في 10 مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز؟ (مُحدث)    مدبولي: حريصون على جعل مصر مركزًا إقليميًا لصناعة الحديد    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    تقارير تكشف.. هل يرحل ماريسكا عن تشيلسي إذا لم يتأهل إلى أبطال أوروبا؟    خلال المؤتمر الجماهيري الأول لحزب الجبهة الوطنية بالشرقية.. عثمان شعلان: ننطلق برسالة وطنية ومسؤولية حقيقية للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    إصابه 5 أشخاص في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالمنوفية    الهيئة العربية للاستثمار توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أمريكية لدعم التحول الرقمي في الزراعة    لجنة تصوير الأفلام تضع مصر على خريطة السينما العالمية    جامعة كفر الشيخ تنظم فعاليات المسابقة الكشفية الفنية لجوّالي الجامعة    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    5 سنوات على مقتل جورج فلوريد.. نيويورك تايمز: ترامب يرسى نهجا جديدا لخطاب العنصرية    مصر تهنيء الأردن بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال    المئات يشيعون جثمان القارئ السيد سعيد بمسقط رأسه في الدقهلية    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    محافظ المنوفية: تقييم دوري لأداء منظومة النظافة ولن نتهاون مع أي تقصير    ضبط سائق سيارة نقل بتهمة السير عكس الاتجاه بالقاهرة    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    بعد افتتاح الوزير.. كل ما تريد معرفته عن مصنع بسكويت سيتي فودز بسوهاج    انتظام كنترول تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    «ليلة التتويج».. موعد مباراة ليفربول وكريستال بالاس والتشكيل المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القوات العراقية ورحلة النهار الطويلة إلى جنح الموصل
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 16 - 05 - 2017

تعد مدينة الموصل من أكبر المدن العراقية بعد بغداد من حيث المساحة وعدد السكان وهي محافظة نينوى ، وتبعد عن العاصمة بغداد بحوالي 465كم ، وقد اشتهرت تاريخيا بالتجارة مع الدول القريبة منها مثل سوريا وتركيا ، وبحسب موسوعة الويكيبيديا والمراجع التاريخية فإن أغلب سكانها يتحدثون اللهجة الموصلية وهم من العرب والمسلمين من أهل السنة من القبائل الذين يشكلون غالبية السكان بجانب وجود طوائف أصيلة بها من المسيحيين وأقلية من
الأكراد والتركمان والشبك ويشكلون نسبة 20% ، وكانت الموصل منذ عشرينيات القرن الماضي محل تجاذب وتصارع سياسي واستعماري بين بريطانيا وفرنسا ومن قبلهم الاحتلال العثماني ولاحقا تركيا التي تنازلت عنها بعد معاهدة أنقرة ورسميا لصالح الدولة العراقية عام 1932 ، ثم عادت القوات الأمريكية لتحتلها بمساعدة طلائع البشمركة وبمساندة من معارضين الخارج وخونة الداخل بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 مما تسبب في تدهور الأوضاع الأمنية بها نتيجة لهدم جميع المؤسسات والبنى التحتية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية والأمنية ليؤدي ذلك الوضع إلى خلق مفهوم النزاعات والطائفية لأول مرة بين السكان ومن ثم وجود وتوافد تنظيم القاعدة بها والدخول في عمليات عسكرية لدحرهم وطردهم ، كما شهدت المنطقة انتخابات محلية تفوق فيها العرب السنة وحصدت أغلب المقاعد لتسيطر على مجلس المحافظة في حين تمكنت قائمة التحالف الكردستاني بعد ذلك بالفوز بالمركز الأول في انتخابات عام 2003 في الوقت الذي حاز فيه العرب السنة على 22 مقعد بقيادة أسامة النجيفي .
* معنى الموصل لغويا وتاريخيا *
موصل وجمعها وفقا لمعجم المعاني الجامع مواصل ، والموصول اسم مكان من موصل أي مكان الوصول ، والموصل بكسر الصاد ما يوصل من الحبل أو ما يوصل بالأرض كما أنها تعني مكان يصل شيء بالتجارة والمعاشرة والبيع أو بمعنى ما يوصل بين شيئين كونها وصلت بين ضفتي نهر دجلة عند بنائها وقيل بين الجزيرة والعراق أو لكونها تصل بين نهر دجلة والفرات ، ويعود تاريخ الاستيطان البشري بها لما قبل العصر الحجري حتى عرفت بعدها الموصل حضارات عديدة خلال العهد القديم كالآشورية والبابلية والآرامية ، كما غزاها الفرس واليونانيون والرومان والساسانيون الزرادشتيون حتى عرفت المسيحية في العهد
البيزنطي وازدهرت في عهد السريان بالقرن الخامس الميلادي حتى انتصر المسلمين على الساسانيين في معركة القادسية عام 21 هجرية وظلت الموصل ثغر من ثغور الكوفة طوال عهد الخلفاء الراشدين ، وبدأت القبائل العربية في الوفود إليها في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي عندما تولاها الأمويون ومن بعدها العباسيون حتى أصبحت أهم مراكز انطلاق الفتوحات الإسلامية ومن أشهر المغنيين والموسيقيين بالعصر العباسي 125 هجرية 742 ميلادية إبراهيم الموصلي وابنه إسحاق الموصلي المعروف بابن النديم الموصلي أي نادم الخليفة هارون الرشيدي ، والذي اشتهر بالعلم والأدب والفن والفصاحة والقضاء وعلوم الدين وعلوم الموسيقى وأسرارها ، وللموصل أسماء تاريخية عديدة فقد سموها قديما بالحدباء لانحدار واعوجاج نهر دجلة الذي يمر
بداخلها لأكثر من مرة ولاحتداب منارة الجامع النوري ، وسميت بالفيحاء لجمال بيعها ومناطقها ، وبأم الربيعين لاعتدال وعذوبة مناخها خلال الربيع والخريف ,أو بالمنارة لوجود الجامع النوري بها, كما سميت بالخضراء لاخضرار تربتها وجمال منظرها ، وبالبيضاء لبناء دورها القديمة بالرخام والجص الأبيض ، وبالحصنين لوقوع الحصن الشرقي بها على جبل النوية الذي توجد به آثار نينوى القديمة ثم الحصن الغربي المقام على تل القليعات التي بنيت عليه الموصل القديمة والذي يشهد أم المعارك الآن ، وعرباية وتعني بيت العرب أو بلاد العرب حيث سميت بذلك عند هجرة القبائل العربية إليها بعد سقوط نينوى وزوال ملك الآشوريين وغيرها من الأسماء القديمة والتاريخية والإسلامية التي تدل على قدر ومكانة وتراث تلك المنطقة من الناحية التاريخية والجغرافية للعراق .
* سيطرة التنظيم الإرهابي داعش على المدينة *
سقطت المدينة بالكامل في يد تنظيم داعش الإرهابي بالتآمر مع قوات محلية وإقليمية ودولية خائنة في عهد حكومة نور المالكي وذلك في يونيو عام 2014 خلال حملة شرسة شمال العراق بدأها داعش بالاستيلاء على مطار الموصل أمام هروب غريب وغير مفهوم للقوات العراقية التي كانت موجودة بكامل عتادها بعد أن انسحبت تاركة قواعدها ومعسكراتها ليتمكن التنظيم الإرهابي من الاستيلاء على مقر المحافظة وسط انهيار الجنود وتقهقرهم إلى منطقة كردستان ليتمكن التنظيم الإرهابي وبسهولة من السيطرة على كامل محافظة نينوى ويقوم بفتح السجون والمعتقلات بالموصل ليطلق من بداخلها من الخارجين على القانون لينضمون إليهم ليسيطر على تلك المنطقة الجغرافية والهامة من أرض العراق الغالية وبكامل سكانها تحت هيمنة تنظيم الدولة الإرهابية وما أعقبه من قتل وحرق وهدم وانتهاك حرمات وحقوق السكان وتعذيبهم وبخاصة الأقليات التي تمكنت من الهرب بعد حصارها في تلك المناطق ، والقيام بإدخال الفكر الظلامي في عقول الناس والسعي لتغيير مفاهيم حياتهم وعاداتهم وشئونهم الدينية واستعبادهم منذ استيلائهم على المنطقة وإعلانهم دولة الخلافة براياتها السوداء التي رفعت على سائر المنشئات الحكومية ناهيك عن تخريب وهدم داعش لكل الأماكن الأثرية والدينية بالمنطقة ، لتبدأ لاحقا ومتأخرا قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عام 2015 بالقيام بشن ضربات جوية على مدينة الموصل وبخاصة على المناطق العسكرية لداعش في الوقت الذي بدأ فيه التنظيم بممارسة القتل والهدم وتكفير الناس وفق عقيدته والقيام بعمليات إبادة جماعية للأقليات التي كانت تعيش بسلام مع نزوح أهلها وتشردهم داخل العراق وخارجها الأمر الذي أدى وبشكل سريع إلى تغيير ديموغرافي للمنطقة بأثرها أي دخولها في هذا النفق الظلامي وبمعنى آخر انعدام الأمل في تحريرها .
* أسرار سقوط الموصل *
رغم فتح القضاء العراقي ملفا يهتم بالبحث عن أسرار سقوط الموصل في قبضة داعش لتقديم كل الجناة والمتورطين والخونة إلى المحاكمة العادلة فمازالت القضية مفتوحة أمام القضاء وأمام الحكومة والبرلمان العراقي لتقصي الحقيقة عن الأسرار الكامنة وراء تسهيل سقوط المدينة والمدن العراقية وصولا إلى القرب من بغداد والنجف وكربلاء ليشكل سقوط الموصل جرح غائر في الوجدان العراقي الذي لن يندمل إلا بتحرير كل شبر من الأرض العراقية الغالية والقضاء على التنظيم الإرهابي لتظل الموصل وما حدث بها قصة غريبة ومؤلمة لكل أبناء الشعب العراقي .
قبل الخوض في ذكر الأسباب التي أدت لسقوط الموصل فإنه يجدر بنا أن نشير إلى بعض الأسباب الهامة التي أرهصت مهمة انتشار الإرهابيين بالموصل وهي أن سقوط تلك المدينة يتحمله من أطلق الوعود التاريخية الكاذبة وهي إدارة جورج بوش التي أعلنت زورا وبهتانا ذريعة غزوها للعراق بسبب الإدعاء بوجود روابط بين نظام صدام وتنظيم القاعدة بعد أحداث سبتمبر عام 2001 وذريعة وجود أسلحة دمار شامل ، وقد أثبتت الأيام والتحقيقات كذب وبطلان تلك الإدعاءات ، في حين أن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 كان هدفه تدمير الجيش العراقي وتدمير مؤسساته وبنيته التحتية ونهب ثرواته ومقدراته وحضارته الأمر الذي أضعف العراق وجلب له تنظيم القاعدة ، وجلب الأنظمة العراقية الفاسدة لحكم العراق وبخاصة في عهد ولاية أوباما الأولى ووصولا إلى جلب تنظيم داعش الإرهابي ، ولا يخفى على أحد أن الأمريكان دمروا الاقتصاد الاشتراكي للعراق في عهد صدام ، ودمروا أقوى الجيوش العربية التي تمكنت من هزيمة الجيش الإيراني في ثمانينيات القرن الماضي ، وهم الذين أقروا نظام المحاصصة وأقروا نظام انتخابي شجع على الانقسامات الدينية والعراقية وتقسيم العراق وتسببوا في تدخل إيران في الشأن العراقي والعمل على تخريبه والعمل على تنفيذ أجندات طائفية ومذهبية وفتح الآفاق أمام إيران لتنفيذ المشروع المسمى بالهلال الشيعي الأمر الذي ساعد التنظيمات الجهادية كالقاعدة ومن بعدها داعش على تبني فكرة الجهاد ضد إيران وانتشار ما يسمى
بالهلال السني بخاصة في بلدان الربيع العربي لهزيمة المشروع الإيراني بالمنطقة والدليل على ذلك هو الحرب الأهلية بين عامي 2006 ، 2007 والتي لا تزال آثارها مستمرة بين الشيعة والسنة وأدت إلى ظهور الميلشيات الشيعية ودخولها في الحرب الأهلية حتى تحولت بغداد لمدينة شيعية على الطراز الإيراني وطرد العديد من السنة لأماكن مثل الموصل مما كان له بالغ الأثر في زيادة مشاعر الكراهية بين أبناء الوطن الواحد ، ومع رحيل القوات الأمريكية عام 2011 بحسب الوعود التي قطعها أوباما أثناء حملته الانتخابية الأولى كان قرار الانسحاب للقوات الأمريكية خاطئة لأنه وبشكل مدبر تم ترك الجيش العراقي منهارا بعد إهمال تسليحه وتدريبه وعدم جاهزيته لمواجهة أي ظروف عدائية مع وجود نظام حكومي فاسد لم يهتم خلاله المالكي رئيس الحكومة العراقية
بالشأن العراقي في كافة المدن العراقية وفي نفس الوقت ساعد على انتشار الفساد وتأجيج الطائفية ولهذا فسقوط الموصل ترجع مسئوليته إلى الإدارة الأمريكية خلال سنوات ما بعد غزو العراق ، ثم مسئولية رئيس الوزراء العراقي نور المالكي والنخب السياسية الشيعية التي كانت تتولى أمر العراق منذ العام 2005 والتي لم ترغب يوما في العمل على المصالحة بين الشيعة والسنة والحفاظ على أمن العراق واستقراره ، ومن الأسباب الرئيسية في احتلال داعش للموصل هو أن رئيس الوزراء العراقي نور المالكي هو الذي يتحمل المسئولية وحده عن تلك المؤامرة التي حيكت في تركيا بموافقة أمريكية لخلق الفوضى والفتن الطائفية في تلك المنطقة الهامة من جغرافية العراق ، ويعود السبب لرضا في نفسه ، لما لا وهو الذي كان مقربا من الأمريكان ومقربا من إيران وتركيا ومن البشمركة ، في الوقت الذي كان يترأس فيه الوزارة ويعتبر الرجل الأول في البلاد والقائد الأعلى للقوات المسلحة وزعيم الحزب الحاكم ورغم كل تلك المهام فإنه لم يتصدى بالشكل المقنع للمؤامرة ويعمل على إحباطها والدليل على تعاونه مع الأمريكان هو عمل أمريكا بالتعاون معه على وقف تنظيم داعش التوجه نحو أربيل لأن هذا الجيب العراقي الكردستاني يمثل خط أحمر للإدارة الأمريكية وقيامها بتوجيه أسراب من الطائرات لقذف داعش ووقف زحفه نحو
أربيل الأمر الذي لم تقم به الإدارة الأمريكية لحماية المدن العراقية وبعدها المدن السورية ، كما أن المالكي هو الذي ارتكب الجزء الأكبر من مجازره في تلك المنطقة بمساعدة ميلشياته مما جعل أهل الموصل لا يقاومون بالشكل الأمثل قوات داعش وبالتالي عدم صمود الجيش العراقي في الموصل وغيرها وسط بلد كان يموج بالفساد والطائفية وزيادة التواجد الإيراني الساعي لتصفية الحسابات مع سنة العراق وأهل صدام ، وكل المصادر والتحليلات العسكرية برغم توجيه التهم للقيادات العسكرية العراقية التي كانت تحمي الموصل وغيرها من المدن ومسئوليتها عن قرار التقهقر والانسحاب المخزي أمام قوات داعش وترك أسلحتها تؤكد بأن السيطرة على الموصل تمت بناء على أوامر عسكرية عليا بالانسحاب والدليل عدم وقوع أية معارك تذكر مع هروب الجيش والشرطة العراقية تاركين أماكنهم ومعداتهم المتطورة أمام أعداد ومعدات قليلة كان يمتلكها داعش في حينه في الوقت الذي تقاعست فيه إدارة أوباما عن تزويدها العراق بالأسلحة المطلوبة والمساعدة الفعلية في التصدي لمواجهة داعش بناء على الاتفاق العسكري المشترك الذي وقعته الإدارة الأمريكية مع السلطات العراقية ، وبالتالي تجاهل إدارة أوباما لانتشار الجماعات الإرهابية وجماعات الإسلام السياسي بالمنطقة العربية ومساندة تلك التنظيمات أبان ثورات الربيع
العربي من أجل الوصول للحكم لخلق الخراب والفوضى والتقسيم بالمنطقة لتمزيق الجيوش العربية وغيرها من المصالح الغربية والأمريكية التي تهدف في المقام الأول لمصلحة وأمن واستقرار إسرائيل بالمنطقة ، ومن النتائج والوقائع المثبتة عن أسرار وقوع المدينة في أيدي تنظيم داعش الإرهابي هو وجود خيانات متعددة من داخل إدارة الموصل نفسها وكان للدور التركي نصيب في عملية تسهيل احتلال المدينة عن طريق الدور المشبوه للقنصل التركي الذي كان يمارس عمله بها بعد أن كان يقوم بأعمال خارجة عن العمل الدبلوماسي المحدد له ومنها تدخله في الشئون الإدارية والداخلية والاستخباراتية وكأنه محافظ الموصل مما يرجح تورطه في دخول داعش الموصل عن طريق دعم بلاده المادي والعسكري بالتعاون مع دول إقليمية ودولية ساعدت في دخول المقاتلين الأجانب عن طريق تركيا لداخل الأراضي العراقية ، وعن طريق التعامل مع البشمركة وبعد العملاء داخل الموصل ومحافظة نينوى ومدى مسئولية هؤلاء عن احتلال داعش للموصل وإعلان الخلافة واحتلال مدينة تكريت ومدن وبلديات الأنبار وتلعفر وكركوك وارتكاب مجازر جماعية ضد أبناء الموصل ومن الأقليات المسيحية والأزيدية والشبك والتركمان وغيرها وارتكاب مختلف صنوف الانتهاكات من قطع للرؤوس وتهجير واغتصاب وخطف ومتاجرة بالنساء ودفع الجزية والاعتداء على الأملاك العامة وفتح السجون ومنها إخراج جميع السجناء والإرهابيين ومن بقايا ومساجين تنظيم القاعدة بسجن بادوش وضمهم إلى
التنظيم والقيام بالاعتداء السافر والممنهج على الموروث الحضاري لمدينة الموصل ونسف التماثيل التي تعود لحقب زمنية غائرة بالقدم وتحف فنية وتاريخية لا تعوض إضافة إلى سرقة المتاحف والاستيلاء على أسلحة الجيش العراقي الذي انسحب أمام تلك القوات وسرقة فرع البنك المركزي العراقي بالموصل وممارسة تطهير عرقي وإبادة جماعية ثم إعلان التنظيم خلافته المزعومة من تلك المنطقة ليكشر التنظيم عن أنيابه ويعلن عن مخططه وأحلامه بالمنطقة كلها ويتجه إلى الأراضي السورية ، ومن دلائل التورط التركي المشبوه في الموصل هو أنه قد روج الإعلام التركي في حينه باختطاف القنصل التركي في الموصل من جانب تنظيم داعش الإرهابي من أجل منع الشبهات عن تورط تركيا ، إلا أن القنصل التركي وفق التمثيلية الهزلية التركية لم يختطف في الواقع ولكنه كان تنسيقا دعائيا بين تنظيم داعش والمخابرات التركية
* معركة الموصل أو " قادمون يا نينوى " *
معركة الموصل أو كما سماها رئيس الوزراء العراقي " قادمون يا نينوى " والتي بدأتها القوات العراقية في 16 أكتوبر 2016 المكونة من القوات العراقية ومن قوات الأمن وقوات الردع السريع وبمساندة الحشد الشعبي المدعوم من إيران وفصائل شيعية أخرى مع قوات البشمركة والمتطوعين من الأقليات في كردستان العراق بالتعاون مع التحالف الدولي المكون من قوات دولية منها فرنسا ، إيطاليا ألمانيا انجلترا ، استراليا وكندا وغيرها بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من أجل توفير الدعم اللوجيستي والجوي والاستخباراتي والاستشاري لإدارة المعركة من خلال مقر يقع على بعد 60كم جنوب الموصل بقاعدة القوات الجوية مع مشاركة تركية .
ومع بداية المعارك القوية للقوات العراقية المتعددة المهام على تنظيم داعش الإرهابي بالساحل الشرقي لمنطقة الموصل تم تحرير الكثير من القرى والمدن وعلى رأسها سقوط مدينة بعشيقة ثم منطقة تلعفر وحمام العليل وتحير جامعة الموصل لتستمر المعارك الضارية وحرب الشوارع داخل المدن والقرى لأشهر تمكن فيها الجيش العراقي من تخطي صعوبات الألغام والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والأنفاق المفخخة وغيرها من حيل التنظيم الإرهابي الذي يمتلك أحدث أنواع الأسلحة واستخدام المدنيين كدروع بشرية مع نزوح أعداد كبيرة من سكان المنطقة الشرقية للموصل بعد أن فتح لهم الجيش العراقي وقوات التحالف ممرات آمنة مكنتهم من الهرب إلى أماكن آمنة لتسهيل مهام القوات العراقية التي خاضت أيام شاقة وعصيبة وطويلة من أجل العبور ومن أجل تحرير الموصل وسط جنح وظلام الموصل المفخخة بأسلحة وأيديولوجية التكفيريين لتتم السيطرة على الجانب الشرقي من المدينة يوم 17 يناير الماضي ويتم خلالها تحرير كامل الساحل الشرقي وتكبيد داعش خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد مع انهيار صفوفه وتراجعهم أمام تلك القوات ليظل الساحل الأيمن وهو الجزء الغربي الذي يمثل المدينة القديمة في أيدي التنظيم الإرهابي لتبدأ بعدها تلك المرحلة الأخيرة والمصيرية .
* المرحلة الثانية من تحرير الموصل *
بدأت المرحلة الثانية من تحرير الجزء الغربي من مدينة الموصل في 19 فبراير الماضي عندما قرر رئيس الوزراء العراقي بدء تلك المرحلة الحاسمة لتحرير ما تبقى من الموصل بمسجدها الشهير وشوارعها التراثية القديمة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي الذي بدأ بإسقاط ملايين المنشورات لتحذير المدنيين ودعوة المتطرفين لتسليم أسلحتهم واستسلامهم ، وقد بدأ الهجوم بقيادة الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي وقوات البشمركة وقوات تركية غير مرحب بها وغيرها من رجال العشائر والقوات الأمنية العراقية المتخصصة في اقتحام المدن والتعامل مع حرب الشوارع والقناصة والمفخخات والأحزمة الناسفة المعدة والمنتشرة في الشوارع والأماكن والأزقة والأنفاق لاستدراج القوات العراقية وإيقاع أكبر الخسائر بها ناهيك عن استخدام المدنيين من السكان العزل والبالغ عددهم ما يقارب المليون عراقي كدروع بشرية مما جعل المرحلة الأخيرة المستمرة منذ فبراير وإلى الآن غاية في الصعوبة والتقدم وهو ما أكدته
تصريحات المسئولين العسكريين بأنها ستكون الحرب الأصعب لأي جيش بالعالم وفق ما صرح به أيضا قائد التحالف الدولي بقيادة أمريكا بالعراق ستيفن تاو تسفد ، بالإضافة إلى الدعم الكبير من جانب التحالف الدولي الذي تمكن مع القوات العراقية من السيطرة على مطار الموصل ومحطة الكهرباء الرئيسية واستعادة العديد من القرى المحيطة بالمدينة مثل قرى الكافور والحماسة والبجواري والأبيض وتحرير معسكر الغزلاني وغيرها من المساحات الكبيرة بقيادة الفريق الركن عبد الأمير رشيد والاقتراب أكثر من مسجد النوري القديم الذي أعلن منه البغدادي ولايته الإسلامية من أجل العمل على تحريره ، يحدث ذلك في الوقت الذي تمكنت فيه الحكومة العراقية استقبال وتأمين أعداد كبيرة من النازحين عبر مخيمات لاستقبالهم بالمدن والقرى الآمنة والقريبة التي سبق وتم تحريرها مع تعقب هروب أفراد التنظيم الإرهابي وسط الأعداد الغفيرة من السكان النازحين مع اهتمام الحكومة بالحفاظ على كرامة الإنسان العراقي وحقوقه ، ورغم التقدم الذي أحرزته القوات العراقية فمازالت عملية تحرير ما تبقى من مساحة غرب الموصل معقدة بسبب صعوبة تلك الحرب وصعوبة تحرك الآليات وصعوبة قذف المدينة التاريخية والتراثية المزدحمة بالسكان بسبب تحصن أكثر من 8 آلاف مقاتل من جنسيات عربية ودولية داخل غرب مدينة الموصل مما يعقد ويؤخر عملية التحرير .
وماتزال معركة الجيش العراقي البطولية مستمرة بشرف واستبسال للقضاء على التنظيمات الإرهابية التي تحتل العراق من أجل الانتصار على المخططات والمؤامرات الصهيونية الأمريكية والإقليمية بالمنطقة وتحرير كل شبر من الأراضي العراقية الغالية وعندها سيمحو هذا النصر المتوقع كل الآلام داخل الصدور العراقية والعربية وسيتمكن الجيش العراقي البطل بعد تلك الرحلة الطويلة التي ضحى خلالها بالغالي والنفيس الوصول عبر جنح الليل الطويل وعبر مفخخات داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية إلى تحقيق النصر على هؤلاء الشياطين ، ولكن الأهم بعدها هو مرحلة ما بعد تحرير الموصل وما تبقى من الأراضي العراقية وهي المرحلة الأصعب ومنها مسجد النوري التراثي برمزيته بسبب الأطماع الداخلية والإقليمية والدولية داخل العراق التي يمكن أن تفتح باب التقسيم والطائفية وغيرها من الأطماع التي يمكن أن تؤذي العراق وتؤثر على وحدته وأمنه واستقراره الأمر الذي يتطلب من العراقيين أن يتوحدوا من أجل الحفاظ على وحدة ومقدرات بلدهم بمساندة عربية ودولية من كل المخلصين والمحبين لهذا البلد .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.