حملة مسمومة تقف وراءها عناصر داخلية وأجندات خارجية تستهدف نشر الفوضي في البلاد!! قوي الثورة المضادة تحاول القفز علي الثورة ودفع الشارع نحو الصدام.. فضائيات وصحف مشبوهة ممولة من الخارج تحرض علي هدم مؤسسات الدولة باعتبارها من بقايا النظام السابق!! أشعلوها نارًا، اطلقوا الشائعات والادعاءات الكاذبة، ادفعوا الجماهير إلي الزحف باتجاه وزارة الدفاع، أسقطوا الرموز النبيلة، الصقوا بها كافة الاتهامات، افتحوا الأبواب أمام 'مكارثية جديدة'، الكل خونة، الجميع منافقون، كلهم من ذيول وأنصار النظام السابق، اخلطوا بين الشرفاء واللصوص، ثم حدثونا عن الثورة ومهامها ومقتضياتها!! ما كل هذا العبث المصري، وإلي أين تمضي بنا الأمور؟ وهل أصبح الشارع مجرد لقمة سائغة، أو مغشيًا عليه، يستدعي وقتما يشاءون، ويدفع نحو أهداف مجهولة، تحمل شعارات نبيلة، وكأننا نمضي جميعًا لنكتب نهايتنا بأنفسنا، ونسقط دولة، لنفتح الباب أمام حرب أهلية، وخطط للتقسيم، وتدمير للحاضر والمستقبل!! منذ اندلعت ثورة 52 يناير، أصبح لحياتنا طعم آخر، انها الحرية والعدالة والكرامة، انه الأمل الذي عاد من جديد، يبث اشعاعاته في النفوس، لقد عبّد الشهداء طريقنا بدمائهم الزكية، كان الشباب هو وقود الثورة، لكنها كانت ثورة الشعب المصري بأسره، ثورة الفقراء والكادحين، ثورة الطبقة الوسطي التي انهارت علي يد نظام فاسد مستبد، ثورة المثقفين الشرفاء الذين ناضلوا وكافحوا ورفضوا التهديدات والإغراءات .. ثورة الجيش الذي حمي المتظاهرين وأجبر النظام السابق علي الرحيل، كانت ثورة كل المصريين!! نعم كانت ثورة وطنية خالصة، كانت قاسمًا مشتركًا بيننا جميعًا، غير أن روح ميدان التحرير راحت بعد الانتصار تتراجع تدريجيًا، قفزت علي الثورة قوي جديدة، لا تريد لهذه الثورة أن تمضي، تسللت عناصر من الحزب الحاكم إلي المواقع والمناصب، وراح بعضها يتصدر المشهد الثوري، المندسون كان لهم نصيبهم في الشارع وخلال التظاهرات، انهم يأخذون الثورة بعيدًا عن أهدافها، يعتدون علي الممتلكات والمؤسسات، يبثون روح الكراهية في الشارع، يقومون بممارسة اعمال البلطجة، تحركهم عناصر مشبوهة، وأطراف لديها أهدافها وأجنداتها، أموال تتدفق إلي الجيوب من الداخل والخارج، تستغل حالة الفراغ، فتطلق خناجرها في جسد الوطن، تشيع الفوضي، تستمر في التحريض علي الصدام، وإثارة الفتنة وتهريب الأسلحة، وقطع الطرق علي الآمنين. وإلي جانب ذلك إعلام منفلت، وملايين من الدولارات والدينارات تتدفق، تبني صحفًا وفضائيات، انظر إلي أصحاب الكروش الذين صدعونا بالحديث عن الوطنية والشرف، فليقولوا لنا من أين هذه الملايين التي اقاموا بها فضائيات وصحفًا، وحسابات ضخمة في البنوك، إنهم يتولون مهمة التصعيد، والتشكيك في كل شيء، بينما تمتد أياديهم في الخفاء لتصافح أيادي مشبوهة مغموسة بدمائنا، ولكنهم دائمًا محصنون، إنهم وطنيون ثوريون، ومن يشكك فيهم هم من الفلول وانصار النظام السابق، اتهامات جاهزة ومعلبة، يرهبون بها من يتصدي لهم، لقد كشفهم هؤلاء وادركت الآن أنهم جزء من المؤامرة، وانهم ركبوا الموجة، وباعوا الشهداء، واكتنزوا المال الحرام وأسسوا وشاركوا في بناء هذه المؤسسات المشبوهة، ثم خرجوا يصدعون رؤوسنا بالتشكيك في المجلس العسكري وفي المثقفين، ورموز الوطن، والأحزاب والقوي السياسية، وتدمير ما تبقي من جهاز الشرطة، والسعي الدءوب إلي إثارة الفوضي، وكله باسم الثورة والديمقراطية والتخلص من بقايا النظام السابق!!هؤلاء يريدونها فوضي، يشعلونها حربًا أهلية بين الجميع، لا تعنيهم مصالح الفقراء الذين يموتون جوعًا، ولا يعنيهم الانفلات الأمني الذي سيبقي هكذا طالما ظلت حملات التشكيك وأزمة عدم الثقة هي التي تحكم العلاقة بين الشعب والشرطة، كل ذلك ليس مهمًا، المهم هو أن يبقوا في صدارة المشهد، يحصلون علي أموال مشبوهة، وجوائز مشبوهة، ويبنون لأنفسهم مجدًا زائفًا، ولو علي حساب جثة الوطن وركام الانهيار الكبير الذي يسعون إليه ويأملون في تحقيقه ليحصلوا علي المزيد. ان أمثال هؤلاء دربوا علي كيفية الإثارة، واستغلال الحاجة، والدفع إلي الصدام، جاهزون دائمًا، يمارسون الإرهاب الفكري علي الجميع، يطلقون الدعايات الكاذبة، ويسعون دومًا إلي تشويه الجميع، انها أيضًا خطة ممنهجة، تجبر الضعفاء علي الصمت والخوف وإيثار السلامة، لكن المقابل هو الضياع والدمار واختطاف الشارع الذي يمضي نحو المجهول!! الثورة الحقيقية لها رجالها، انهم هؤلاء الشرفاء الذين ضاعت أصواتهم وسط بقايا فلول النظام السابق، والعملاء المشبوهين، ومدعي الثورية، الأعلي صوتًا، والأكثر خبرة في الكذب والإثارة والتآمر. لقد نجح هؤلاء في شن حملة من الكراهية الشديدة ضد جهاز الشرطة، هؤلاء لم يفرقوا بين المنحرفين والقتلة، وبين الشرفاء الذين يؤدون واجبهم علي الوجه الأكمل، كان الهدف هو اسقاط هذا الجهاز وشل يده عن مقاومة المنحرفين والبلطجية، وترك الساحة مفتوحة لأصحاب الأغراض والأجندات، أحرقوا السجون ومراكز وأقسام الشرطة، دمروا بنية الجهاز، ودفعوا الجميع إلي اليأس وإلي التراجع. كانوا يظنون أن الوطن سينهار سريعًا، وأنهم سوف ينجحون في إثارة الفتنة بين أبنائه، لكنهم فوجئوا بأن مصر عصية علي السقوط، وأن شعبها قادر علي تجاوز المحن سريعًا، وانه يبني ولا يهدم، وانه يدرك الآن أبعاد المؤامرة، وأهدافها. بدأت الأصوات تنطلق من كل مكان، احرصوا علي مصر، تحولت الكلمات الهامسة، إلي أصوات عالية، تعلن السخط في البيوت والشوارع والمنتديات وعلي المقاهي، الناس ضجت، الناس ملت، المواطنون يشعرون بالخوف علي البلد، الأسر المصرية تفزع علي أبنائها، انهم يريدون الثورة، ولكنهم يريدون الاستقرار، لقد بدأوا يشعرون أن الفوضي تزحف إليهم، وأن مسار الثورة لم يعد بيد الثوار الحقيقيين، ولكنه أصبح في يد آخرين، لا يعنيهم شأن الثورة ولا شأن الوطن. إنهم يمضون بخطي مرسومة، صنعت في الحفاء، وتدربوا علي تنفيذها، تحالفت القوي المعادية، صنعت فيما بينها نسيجًا ورسخت ثقافة، وسعت إلي القفز علي الشارع، باسم الثورة، وباسم الوطنية، استغلوا معاناة الناس، وسخطها، وغضبها، وراحوا يدفعونهم للمضي معهم نحو تحقيق مآربهم. وإلي جوار هؤلاء نخبة خائفة، مذعورة، تؤثر السلامة، وتبتدع أساليب النفاق، إنهم ذاتهم الذين نافقوا مبارك وعبدوا له طريق الاستبداد والفساد، أصبحوا الآن ينافقون دعاة الفوضي والكراهية والانفلات باسم الثورة. بعد الشرطة جاء الدور علي الجيش، إنه الهدف الحقيقي، يريدون جر الناس إلي صدام مع القوات المسلحة، بدأوا خطتهم بالاساءة إلي رئيس المجلس الأعلي، لقد تطاولوا علي المشير باعتباره رمز المجلس، قالوا إنهم إذا ما نجحوا في تحطيم هذا الرمز والاساءة إليه وإلي سمعته، فبقية الأهداف ستكون سهلة بالتأكيد، راحوا يبحثون عن الوسيلة التي ينفذون بها، يفسرون كل شيء علي طريقتهم، يحملون الرجل ومجلسه مسئولية الانهيار، اطلقوا اتهاماتهم الكاذبة واطلقوا شعارات بذيئة، وراحوا يحطمون كل الحواجز والمحرمات. الجيش يغلي، الضباط والجنود يرفضون، والمشير صامت، باله طويل، ينتظر، البلاد علي شفا الفوضي، الانهيار الاقتصادي يمضي سريعاً الانفلات الأمني تتسع دائرته، والمشير لايزال يأمل، إنه يريد أن يسلم السلطة سريعاً بأقل قدر من الخسائر، ولكن هل ترك الأوضاع تمضي بهذه الطريقة يمكن أن يمضي بالوطن نحو الأمان.. والإنقاذ؟ هل إذا مضت الأمور بهذه الطريقة، يمكن أن يكون هناك وطن من الأساس؟! تعالوا معي نقرأ ما يجري .. بلد في أزمة، وشعب ينتظر، ارتباك في صناعة القرار وحكومة عاجزة، مجلس عسكري حذر مع أن بيده الحسم يصدر القرارات سريعاً، ثم يتراجع سريعآً. إليكم يا أيها الرجال، يا من وقفتم إلي جانب الثورة، يا من حملتم أرواحكم علي أكفكم وانتصرتم للشعب، أنا حائر في موقفكم، وغيري كثيرون، لمصلحة من ما يجري؟، ولماذا تترك البلاد هكذا تسقط رويدا رويدا، أين هو الحسم العسكري لمصلحة البلاد والثورة؟ لماذا لا تواجهون البلطجية والمنحرفين بكل قوة؟ لماذا تتركون الساحة هكذا؟ لماذا لا تحاسبون كل من باع الوطن، وقبض ثمن البيع؟ لماذا أنتم حذرون ومترددون؟ لماذا تركتم البعض يتجرأون؟ إذا لم تكن تلك هي الفوضي فما هي حيثيات الفوضي؟! انفلات في الشارع، قطع طرق، تعطيل العمل والإنتاج، انهيار صناعة السياحة، أوضاع اقتصادية متردية، فساد لايزال علي حاله، فلول تسيطر وتهيمن، حكومة مغيبة، خائفة، مذعورة، إعلام يباع ويشتري، مزايدات وأجندات، لا أظنها خطة كما يقول الكثيرون، فأنتم أشرف من ذلك، وتاريخكم العسكري وموقفكم من الثورة خير دليل، لكنه التراخي، أصبحتم أكثر حذراً شأنكم شأن هؤلاء المثقفين المذعورين من الاتهامات التي تلقي جزافاً!! نريد أن نشعر بأن هناك قانونًا، وهناك دولة ابعثوا فينا الأمل، ولا تتركونا عرضة لليأس ولا تخضعوا للابتزاز، قاوموا وتصدوا ونحن معكم، في حماية الوطن وتحقيق العدل وترسيخ مبادئ وأهداف الثورة، نريد ضبط الشارع وحماية الضباط والجنود الذين يواجهون البلطجة، اعطوهم الثقة، امنحوهم قوة الردع، وإلا ضاعت الدولة وعمت الفوضي. يا سادة الحرية ليست فوضي، الحرية مسئولية، وحالة السيولة تؤدي إلي الانهيار، نريد لقبضة القانون أن تعود، الناس تئن، وتتألم، والكل يتحدث عن سيناريو الفوضي والنفق المظلم الذي دخلت إليه البلاد عنوة، الكل يكتنز السلاح، لأن لديهم يقينا أن الدولة لن تحمي أحداً، فلماذا الصمت، ولماذا ترك الأمور تمضي إلي الهاوية!؟ لقد وقفنا وسنقف مدافعين عن المؤسسة العسكرية بكل ما نملك، ولكن ما يجري الآن وعدم حسم المجلس العسكري لكثير من الأوضاع، يجعلنا نتساءل لماذا أنتم صامتون؟ الشعب معكم ويؤمن بدوركم ويثق في احترامكم لوعودكم، ويدرك أنكم أنتم حائط الصد الوحيد في مواجهة المؤامرات التي تحاك ضد الوطن، فلماذا تتركون البلاد تمضي نحو الهاوية؟! نعم نريد الحسم، مهما علت أصوات المتآمرين، نريد التصدي ومواجهة الثورة المضادة، نريد حماية الدولة، والتصدي لمخططات الفوضي الهدامة التي تهدف إلي تقسيم الوطن، ودعوة قوي الخارج للتدخل تحت أي مبرر وأي حجة. إننا نعرف مدي حساسيتكم، وندرك استعدادكم المستمر للحوار والتجاوب مع المطالب المشروعة، وما حدث خلال اجتماع الفريق سامي عنان رئيس الأركان بقيادات الأحزاب واستجابة المشير والمجلس العسكري لمطالب هذه الأحزاب هو خير دليل علي ذلك، لكن علي الجانب الآخر نريد الحسم، يجب أن يعرف كل دعاة الفتنة أن هناك قبضة للدولة ستحمي الكيان وتتصدي للانفلات. نريد منكم تفعيل ميثاق الشرف الإعلامي والصحفي ضد كل المتجاوزين، ومن يعبثون بأمن هذا الوطن، نريدكم أن تفتشوا وراء القنوات والصحف المشبوهة ومنظمات المجتمع المدني التي تمول من الخارج لحساب أجندة خارجية تريد الإضرار بهذا الوطن، لا تتخوفوا ولا تخافوا، نحن معكم الأغلبية الشعبية لن تترك الوطن يضيع من بين أيديها مهما كانت الشعارات الخداعة البراقة التي يحاول البعض خداع الجماهير بها. إننا نرفض الارهاب الفكري الذي يرفعه البعض باسم الثورة، والثورة منهم براء، نرفض الاساءة للقوات المسلحة وللشرطة ولقضائنا العادل النزيه، وسوف نتصدي لكل من يحاول النيل من هذه الثوابت وسوف ندافع بكل ما نملك عن مصالح الشعب وأهداف الثورة مهما كان الثمن. إن انهيار المؤسسة العسكرية لا يفتح الباب أمام عودة الاحتلال الإسرائيلي مجدداً إلي سيناء وغيرها فقط، ولكنه يفتح الباب أمام الحرب الأهلية وتقسيم الوطن، وهي خطة جاهزة ومعروفة وقد حذر منها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل في حواره الأخير مع صحيفة الأهرام. إن الذين يصطادون في الماء العكر، ويتصيدون الكلمات، ويفسرون التصرفات وفقاً لما يريدون، هؤلاء هم أنفسهم الذين سعوا إلي التصعيد ضد المجلس العسكري، علي اعتبار أنه نكث بوعوده للثورة، وأصدر قوانين لمصلحة الفلول، فإذا بهم يفاجئون بأن المجلس استجاب لجميع مطالب الأحزاب والقوي السياسية سواء باسقاط المادة الخامسة من قانون الانتخاب أو بالموقف من الطوارئ والجدول الزمني أو انتخابات الرئاسة!! إذا أردنا إنقاذ الوطن واجهاض المخططات المعادية، فيجب أن نحسن الظن بأنفسنا أولاً، ثم فليكن الحوار هو الوسيلة التي يمكن من خلالها تحقيق الأهداف والمطالب، أما هؤلاء الذين يدعون إلي الصدام والتصعيد وإحراق مؤسسات الدولة فهؤلاء لهم أهدافهم وأجنداتهم التي تتصادم مع تطلعات وأماني شعبنا العظيم وثورتنا المجيدة.