نعم ..البحث العلمي في مصر الكنز المفقود ، وأكبر دليل على ذلك هو ما يحققه أبناء الوطن من العلماء المخترعين المصريين من تميز وإبداع في شتى المجالات في بلاد الغرب التي تساهم بأيد خفية لايقاع بلادنا في وحل التخلف والجهل والاستهلاك السلبي للفكر والصناعة، وتقوم هي بدعمهم وتوفير كل ما يلزم لينتج ويخدم مصالحها . لا يوجد تنميه حقيقية في أي دولة بدون بحث علمي و المستقبل يجب ان يكون للصحراء ،الدول المهتمة بالبحث العلمي تستطيع التحكم في العالم اقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا ولكن أين مصر من ذلك؟! البحث العلمى فى مصر مازال يحتاج الكثير من الدولة المصرية لأنه يعتبر الوسيلة الوحيدة للانطلاق بمصر إلى مستوي الدول العظمى خاصة وان العقول حاضرة والباحثين متميزين ولكن للاسف التمويل غائب والبيروقراطية والروتين هما سيد الموقف حتي الان. اننا نعيش في عالم وصل إلى مرحلة من التقدم العلمي ما جعله بمثابة دولة واحدة يتصارع فيها الأقوى ،وتحقيقا لدور البحث العلمي في خدمة المجتمع لابد من الاهتمام بالكوادر العلمية المتخصصة على أعلى مستوى من العلم والمعرفة والتي تستطيع توجيه البحوث والدراسات العليا لحل مشاكل المجتمع . الدولة يجب ان تبذل قصاري جهدها للارتقاء بالبحث العلمي ،لذلك لابد من وضع خريطة موحدة في مصر تشمل قاعدة بيانات لكافة الأبحاث العلمية المصرية في كل المجالات بالاضافة الي قاعدة بيانات بأسماء الباحثين وتخصصاتهم، حتي يسهل الوصول لأى معلومة تتعلق بأى مجال بحثي مع إتاحة هذه المعلومات للجهات البحثية العلمية وللهيئات الصناعية والخدمية في المجتمع للإستفادة منها،ولتكون هذة الخريطة جزء من خطة عمل لتطوير كافة المراكز البحثية في مصر وتعظيم دورها بهدف تطويع البحث العلمي لدعم الصناعة المصرية وتحويل الأبحاث إلى تطبيقات على أرض الواقع ،ولابد من وضع قانون موحد للبحث العلمي، و اعداد استراتيجية موحدة للبحث العلمى فى مصر تتناسب مع احتياجات الدولة. لابد من ضرورة التنسيق الكامل بين المراكز البحثية لانها شئ مهم للغاية ولابد من مراعاتها بشكل أكبر مما كان ،بالاضافة الي أن الاستراتيجية العامة للبحث العلمي يجب أن تتماشى مع الخطة العامة للدولة ،حتي نصل لأبحاث علمية تكون قابلة للتطبيق العملى على أرض الواقع ليستفيد منها المجتمع. يوجد مراكز بحثية في مصر مازالت تبيع شهادات الدكتوراة والماجستر ،ولا وقت للبحث العلمي ،ومن أكبر المعوقات التي يتعرض لها البحث العلمي في مصر ،الحصول على براءة إختراع يستغرق 4 أعوام مما يعوق الباحث لاستكمال بحثه العلمي ،النفقات يتحملها الباحث ،لذلك لابد من إنشاء مركز للمخترعين وقانون للاستثمار في الاختراع،نقص التمويل وقلة الامكانيات بالمراكز البحثة وعدم وجود بعثات أكبر المعوقات، التواصل مع متخذي القرار ومتلقى الخدمات من اكبر المعوقات، لا وجود أستراتيجة للبحث العلمي بمصر ولابد من هيكلة الوزارة وتحويلها لوزارة العلوم والتكنولوجيا ،نحن مازلنا امة مستهلكة للمعرفة ولاتنتجها والمعامل غائبة عن تعليمنا،11مركز بحثي تابع للوزارة ولا جهة تنسق بين مراكز الوازرة والوزرات الاخرى،اكثر من 22 ألفا و800 باحث بالقطاع الحكومي واكثر من 2057 طلب براءة اختراع ومنح 365 فقط منها،كلها مشاكل وعقبات مازالت تواجه البحث العلمي في مصر. مازال البحث العلمى فى مصر الكنز المفقود، المراكز البحثية لا حصر لها وتتبع العديد من الجهات الحكومية ولكن المحصلة صفر ،البحث العلمى الكنز المفقود ،عقول مهاجرة، اختراعات بالأدراج ،ومراكز بحثية لا تعمل ،والدولة مازالت غائبة. لابد من ضرورة سن قانون للاستثمار فى الاختراع لان المستثمر يحصل على مادة معروفة ولا يفكر فى مادة حديثة، ولابد من توفير امتيازات للمستثمر كالاعفاء من الضرائب مقابل إستخدام مادة حديثة أو ماكينة حديثة ،لابد من وجود برنامج شراكة بين الدولة والقطاع الخاص لدعم الباحثين والمخترعين لاجراء ابحاثهم وتجارب التشغيل، اننا بحاجة لتغيير نظام المتابعة الالكترونى بالوزراة لتسهيل البحث العلمي والاختراعات، نظرا لما يعانيه الباحثون وبالاخص من أبناء المحافظات. لابد من وجود خطة قومية للبحث العلمي تتسق مع أهداف ومشاكل الدولة ويتم تعميمها على الجامعات والمدارس والمراكز البحثية ،مازال هناك عشوائية فى البحث العلمي في مصر، فالكل يعمل في جزر منعزلة ،ان الانتاج البحثي في مصر مازال قليل بالمقارنة بعدد الباحثين. إن المؤسسات الحقيقية للبحث العلمى توجد بالجامعات، لكن الطلبة لا تقوم بعمل ابحاث فعلية، والأساتذة ليس لديهم وقت للاشراف عليها، لانشغالهم بالعمل في القطاع الخاص لتوفير نفاقتهم الخاصة بالاضافة إلى أساليب التجارة غير المشروعة بالمراكز البحثية التى تقوم ببيع رسائل الدكتوراة والماجستير وتقوم بسرقة مجهود الباحث أتمني أن يأتي اليوم الذي تدخل الجامعات المصرية قائمة أفضل 500 جامعة عالمية أو أن تقف على عتباتها، لكنها وللأسف لا تضع لنفسها خريطة طريق تصل في نهايتها الى تلك المواقع المتقدمة. نعم لدينا مباني فخمة، عليها لافتات ضخمة تقول هنا مراكز أبحاث كذا أو معهد كذا للأبحاث ونعم لدينا اكثر من 125 ألف مصرى يحملون لقب «باحث».. واكثر من387 مركزا ووحدة بحث ، مئات الآلاف من الأبحاث التى تتم سنويا وتوضع فوق أرفف الإهمال ،ودستور ينص صراحة على أن تكون مخصصات البحث العلمى فى مصر 1% من الناتج المحلى وهذة نسية قليلة لما يستحقه البحث العلمي للنهوض بامة ،يوجد مبنى كبير فى قلب القاهرة اسمه أكاديمية البحث العلمى ،نعم، لدينا كل ذلك ولكن ليس لدينا بحث علمى بالمعنى الحقيقى ، ولكن للاسف المسافة بين مراكز الابحاث وبين العلماء الحقيقيين مثل المسافة بين عطارد وبلوتو مصر لديها أوراق تحمل اسم "بحث علمى" ولكنها فى النهاية تباع لتجار الروبابيكيا بالكيلوجرام، تخيلوا؟! عندما تبحث فى عائدات البحث العلمى فى مصر، تشعر وكأنك تطارد خيط دخان، تراه ولا تلمسه، وفى النهاية إما أن "يكتم نفسك" أو "يخنقك" أو يجرى دموعك أنهارا. على الورق تضم مصر جيشا جرارا من "العلماء" و"الدكاترة" و"الباحثين" في شتي المجالات ،ولكن للاسف مصر ليس فيها بحث علمى بالمعنى المتعارف عليه ،القاعدة الذهبية تقول إن كل دولار يتم إنفاقه على البحث العلمى الحقيقى يحقق عائدا قدره 5 دولارات، بينما فى مصر لا نجد لهذه القاعدة وجودا ، بينما هى موجودة فى كل الدول التى تشهد بحثا علميا حقيقيا ،حتى فى إسرائيل ، تل أبيب أنفقت على البحث العلمى هذا العام 19 مليار دولار، فحقق لها عائدا بلغ 59 مليار دولار أى ما يوازى 590 مليار جنيه مصرى، وهو ما يقارب ثلث ميزانية مصر، والمفاجأة أن عدد علماء إسرائيل الذين يحققون كل هذه العائدات أقل من عدد علماء مصر، ففى تل أبيب 120 ألف باحث وعالم فقط منهم أكثر من 80 ألف عالم وباحث عربى! البحث العلمي ليس مرحلة ما بعد الجامعة فقط كما يظن البعض، ولكنه يبدأ منذ الصغر، ولابد من الاقتناع أنه الوسيلة المثلى لحل مشاكلنا ،وأن اهماله على مدار العقود الماضية كان سبب مشاكل كثيرة ، لذلك يعتبر البحث العلمي هو الكنز المفقود هو سلاح الفقراء والحاجة ام الاختراع . تنهض الأمم بنهضة علمائها وسيادة مجتمع المعرفة والثقافة والحضارة، مصر كانت تسود الدنيا حتى قرون قليلة مضت، أما الآن فقد انتقلت النهضة إلى أمم أخرى وانتقل معها علمائنا وعادت مصر إلى الوراء وأهانت العلماء وحطتت من مكانتهم وعلمهم باهمالهم لهذا الكنز البشري المفقود، والسؤال ما الذي جرى لأمتنا وعلمائنا وهل هناك طريق للنهوض مرة أخري بعدما أصبحنا في ذيل الأمم ؟! وللحديث بقية عن هذا الموضوع ،هذا المقال ماهو الا بداية لتسليط الضوء على مكامن الخلل والمشاكل التي يتعرض لها البحث العلمي و نقاط الضعف وأهم الخطوات التي يمكن أن تؤدي في النهاية للوصول إلى مراتب أفضل في البحث العلمي في مصر من اجل النهوض بمستقبل هذا الوطن .