زيارة أردوغان لمصر اليوم تستدعي المواقف المشرفة لحزب العدالة والتنمية حيال دول وقضايا المنطقة .. فمنذ أن جاء إلي الحكم فتح الأبواب علي مصاريعها لتوثيق علاقاته مع الدول العربية واليوم سيتم مع مصر بحث دعم اتفاق التعاون الاستراتيجي ورفع تأشيرات الدخول لاسيما وأن تركيا جاهزة لتفعيل هذه الاتفاقيات بشكل كامل . مواقف تركيا من المنطقة تستدعي أيضا الإجراءات التي اتخذتها بالنسبة للكيان الصهيوني في أعقاب المحرقة التي سلطها علي غزة ديسمبر 2008 / يناير 2009 واتبعها بمجزرة في 31 مايو من العام الماضي عندما شن هجوماً علي أسطول الحرية وقتل تسعة أتراك ورغم ذلك رفض الاعتذار .. فقط سرت لديه هواجس القلق حيال تدهور العلاقات مع تركيا الحليف الاستراتيجي القديم لاسيما بعد أن صعدت تركيا من لهجتها ورأينا أردوغان يحذر بفرض المزيد من العقوبات عليه بعد أن علقت بلاده علاقاتها العسكرية والتجارية والصناعات الدفاعية بالكامل مع تل أبيب . إسرائيل عودت العالم علي ألا تعتذر لأنها فوق القانون ولأنها تتمتع بحصانة استثنائية تعصمها من المساءلة والعقاب مهما ارتكبت من جرائم والفضل في ذلك لأمريكا التي تقود الغرب فلقد أحاطتها بالحماية والرعاية ودعمتها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً واليوم ورغم جريمة إسرائيل النكراء دخلت أمريكا علي الخط في محاولة لإعادة العلاقات بين تركيا وإسرائيل إلي طبيعتها ومن ثم تحاول إقناع تركيا بوقف التدهور في علاقتها مع إسرائيل وضرورة إنهاء الأزمة الطارئة . أمريكا حريصة كل الحرص علي الحليف الإسرائيلي الذي يخشي اليوم أن يخسر تركيا كحليف استراتيجي له في المنطقة ويخشي تبعاً لذلك أن يفقد التعاون الثنائي معها بعد تراجع التعاون الاستراتيجي والعسكري لاسيما أن خسارة تركيا كحليف تعني بالنسبة لإسرائيل فقدان صلة الوصل مع العالمين العربي والإسلامي . ورغم الخطوات التي أقدمت عليها تركيا ضد إسرائيل حتي الآن والتي تزداد وتيرتها يوماً بعد يوم فإن العملية تظل مرشحة للتصعيد من جانب تركيا بحيث إذا ما استمرت إسرائيل في تعنتها والتشبث بموقفها الرافض تقديم اعتذار عن الآثام التي ارتكبتها فإن حكومة أنقرة ستتخذ المزيد من البدائل والخطوات ضد إسرائيل وأحد هذه البدائل التوجه إلي محكمة العدل الدولية بخصوص استمرار الحصار المفروض علي غزة وبصفة خاصة بعد تقرير الأممالمتحدة الأخير حول الهجوم الإسرائيلي علي أسطول الحرية والذي صدر في الأول من الشهر الحالي وعرف بتقرير ' بالمار ' وهو تقرير غير منصف وغير متوازن يمنح الاحتلال فرصة الإفلات من المسئولية ويكفي أنه منح الشرعية للحصار الإسرائيلي علي غزة عندما أصدر قراراً أفتي بموجبه بأن الحصار علي غزة قانوني رغم مجافاته كل قواعد القانون الدولي . تركيا ستتوجه إلي محكمة العدل الدولية في محاولة منها لتصحيح هذا القرار الظالم الذي يعكس بجلاء التواطؤ مع الكيان الصهيوني والانحياز الأعمي له ضد القانون والعدالة .