إن الأخلاق هي من أهم الدعائم والأسس التي يقوم عليها نظام الحياة البشرية , فهي أساس الحضارة , ووسيلة للمعاملة بين الناس. فبدون الأخلاق تكون حياة النّاس منفلتةً من كلّ عقال ، ذلك بأنّ منظومة الأخلاق في المجتمع تشكّل ضوابط له تحكم سلوك الأفراد فيه ، وقد حثت عليها جميع الأديان , بل إن الأخلاق هي جوهر الرسالات السماوية على الإطلاق ، فالرسول المعلم النبي الأمي العربي محمد صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ". ولا شك أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو أكمل البشر خلقا لقول الله عنه } وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ { صدق الله العظيم ]سورة القلم - 4 [.ولما للأخلاق من أهمية لما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي المؤمنين أفضل إيمانا ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " أحسنهم أخلاقاً ". فالأخلاق الإسلامية هي الأخلاق والأداب التي حث عليها الإسلام وذكرت في القران الكريم والسنة النبوية , ومن مكارم الأخلاق في الإسلام الصدق والأمانة والحلم والأناة والشجاعة والمروءة والمودة والصبر والإحسان والتروي والاعتدال والكرم والإيتار والرفق والعدل والإنصاف والحياء والشكر وحفظ اللسان واتقان الأعمال والعفة والوفاء والشورى والتواضع والعزة والستر والعفو والتعاون والرحمة والبر والقناعة والرضا والعزيمة وعدم الخوف في الحق لومة لائم. وهكذا نرى أن الأخلاق الحميدة عند الإسلام احتلّت مكانة مرموقة وأخذت حيزًا متسعًا في أحكامه وتعاليمه ، فقد يظهر ذلك في الحث والتشديد على الاستمساك بها وتأكيده على التحلّي بها ، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه: " وخالق الناس بخلق حسن ". فما أحوجنا - نحن المسلمين - أن نتحلّى أنفسنا بالأخلاق الرفيعة ، ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أسوة حسنة ، ونجنب أنفسنا عن مساوئها وأضدادها التي تنتج التفكك والتشتت والانهيار والانحلال ، والدمار والهلاك . لكن ، مع أن الأخلاق في الإسلام ليست لونا من الترف يمكن الاستغناء عنه عند اختلاف البيئة ، وليست ثوبًا يرتديه الإنسان لموقف ثم ينزعه متى يشاء ، بل إنها ثوابت.. للأسف في ليبيا نحن صرنا اليوم مجتمع تسوده الكراهية والعصبية والقبلية والمؤامرة وسوء النية بالرغم من أننا نتبع ديناً إسلامياً يمجد الأخلاق الحسنة ومكارمها ولكن ترمى تلك الأخلاق خلف الظهر لمجرد خلاف بسيط !.ناهيك عن ماتشهده البلاد من حالة فيضان اجرامي ميليشياوي: الخطف وهتك الأعراض ، والاعتقال والتعذيب ، والقتل تحت التعذيب والقتل العمد خارج اطار القانون ، وسلب الأموال ومصادرة الممتلكات الخاصة والعامة. يامعشر الليبيين .. لقد بلغ السيل الزبى ، كفى خلافات ونزاعات ، وأعطفوا على بعضكم البعض ، وانتصروا للحق ، فهبوا هبة رجل واحد ضد عديمي الأصل والضمير، واستردوا بلادكم من براثن ميليشيات الإجرام والإرهاب ، فليبيا لأهلها الشرفاء من أقصى شرقها إلى أقصى غربها ومن أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها. إذن يجب أن نصحى من غفلتنا وننقي أنفسنا من الشوائب التي سبق ذكرها ونعود الى مرضات الله في القول والعمل ، وبينه الله عز و جل بقوله : } وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ { صدق الله العظيم ]سورة الأنفال [46 - . باختصار، ينبغي على المجتمع المسلم في ليبيا وغيرها أن يتمسك بالأخلاق الحميدة الموجودة في عقيدة الإسلام والتي علمنا إياها نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم - فمكارم الأخلاق أشد حاجة للافراد والمجتمع ، وغاية من أسمى الغايات الإنسانية ، ومن أعظم المقومات للحضارة الإنسانية. وتبقي الأمم والحضارات باستمرار ودوام الأخلاق والقيم فيها ، فيقول الشاعر أحمد شوقي:" وإنما الأُممُ الأخلاقُ ما بقيت ... فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا ". أسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها سواه.