منح بعض الضباط العاملين بالشركة الوطنية للطرق صفة مأموري الضبط القضائي    وزير التعليم العالي: تدشين الأكاديمية الدولية للعمارة والعمران خطوة للاستجابة لمتطلبات التنمية العمرانية    محافظ أسوان يتفقد عددا من مدارس كوم أمبو لمتابعة الجاهزية التعليمية    الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم ورشة تدريبية لحماية النساء ذوات الإعاقة    وزير الري: تعزيز التعاون مع البحرين في مشروعات معالجة المياه    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 25 جنيهًا    الرقابة المالية: 77.2 مليار جنيه إصدارات التوريق بضمان محافظ التمويل العقاري    محافظ أسوان يفاجئ معرض أهلا مدارس بكوم أمبو ويطمئن على الأسعار والمستلزمات    وزارة البيئة واللجنة المصرية الألمانية وحماية البيئة يعقدون اجتماعا لتعزيز سبل التعاون    محافظ أسيوط يشهد تشغيل 3 بوسترات رفع مياه بمحطة البداري المرشحة    شعبة النقل: القطاع الخاص محرك رئيسي لتطوير الموانئ المصرية وجذب الاستثمارات    مدينة غزة تباد.. إسرائيل تدمر عمارتين سكنيتين بحي النصر ومخيم الشاطئ    مصر وروسيا تبحثان آليات التعاون المشترك في 7 قطاعات    المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة    الأهلي يفقد 7 لاعبين أمام سيراميكا في الدوري الممتاز    بيلينجهام وكامافينجا يعودان إلى قائمة ريال مدريد لمواجهة مارسيليا في دوري الأبطال    منتخب مصر يخسر من الفلبين في بطولة العالم للطائرة    جاهزية ماك أليستر لمباراة أتلتيكو مدريد في دوري الأبطال    تعرف على موقف لامين يامال من المشاركة ضد نيوكاسل    القضاء يحيل قضية بدرية طلبة إلى المحكمة المختصة بعد اتهامها بإساءة استخدام السوشيال ميديا    وزير التعليم: احتساب أعلى درجة لطلاب البكالوريا في التنسيق الجامعي    طقس الإمارات اليوم.. انخفاض مرتقب في درجات الحرارة مع اقتراب فصل الخريف    سقوط عاطل بكمية من مخدر الاستروكس بالسلام    سميح ساويرس: الجونة السينمائي فرض حضوره على خريطة المهرجانات الدولية    مهرجان الجونة السينمائي يكشف عن برنامج أفلام الدورة الثامنة خارج المسابقة    بأغاني سيد درويش.. قصور الثقافة بالغربية تحتفل باليوم المصري للموسيقى    مهرجان الجونة السينمائي يمنح منة شلبي جائزة الإنجاز الإبداعي في دورته الثامنة    وسط أجواء «روحانية ووطنية».. تكريم حفظة القرآن الكريم ب«الشواشنة» في الفيوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 16-9-2025 في محافظة قنا    نائب وزير الصحة تشارك في جلسة نقاشية حول تعزيز الولادة الطبيعية    خلال جولة مفاجئة: وكيل صحة الدقهلية يتفقد مبنى عمران الجديد بمستشفى دكرنس تمهيدًا للتشغيل والافتتاح    الكشف الطبي على 400 مواطن بمركز تنمية الأسرة والطفل بالقنطرة شرق بالإسماعيلية    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    مهرجان الجونة ومؤسسة ساويرس يحتفيان بالفنانة العالمية كايت بلانشيت سفيرة النوايا الحسنة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين    جامعة أسيوط تواصل الكشف الطبي للطلاب الجدد استعدادًا للعام الجامعي الجديد - صور    السكك الحديدية: إيقاف تشغيل القطارات الصيفية بين القاهرة ومرسى مطروح    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    روسيا تستهدف زابوريجيا في موجة جديدة من الهجمات الليلية    وزير الاستثمار يطلق أعمال الاجتماع الوزاري السابع عشر لوزراء التجارة الأفارقة بالقاهرة بمشاركة واسعة من دول القارة    نتيجة تقليل الاغتراب 2025.. مكتب التنسيق يواصل فرز رغبات الطلاب    "موتوسيكل دخل في جرار".. إصابة 3 شباب في حادث تصادم بالمنوفية    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    أسامة قابيل: يوضح معني" وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ": لا يعني مجرد التفاخر    سفيرة المكسيك تزور استديو نجيب محفوظ بماسبيرو وتتحدث عن بطولة سلمي حايك في زقاق المدق    المصري يختتم استعداداته لمواجهة غزل المحلة بدوري نايل    تودور: إنتر أقوى من نابولي في سباق لقب الدوري الإيطالي    قافلة المساعدات الإنسانية ال 38 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    ضبط 104 أطنان لحوم وأسماك فاسدة في حملة تفتيش بمدينة العبور بالقليوبية    استقرار أسعار النفط مع ترقب انقطاع محتمل في الإمدادات من روسيا    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    الصحة: حل جميع الشكاوي الواردة للخط الساخن 105 استطاع خلال أغسطس الماضي    وزير الصحة يبحث مع شركة أليكسيون التعاون في مجال الأمراض النادرة والوراثية    8 شهداء وعشرات الجرحى والمفقودين في قصف منزل شمالي غزة    عاجل- ترامب يفجر مفاجأة: نتنياهو لم ينسق معي قبل قصف قطر    مسلسلات المتحدة تتصدر نتائج تقييم موسم 2025 باستفتاء نقابة المهن السينمائية.. تصدر "لام شمسية" و"أولاد الشمس" و"قهوة المحطة" و"قلبى ومفتاحه" و"ظلم المصطبة".. كريم الشناوى أفضل مخرج وسعدى جوهر أفضل شركة إنتاج    هشام حنفي: لا مقارنة بين بيزيرا وزيزو.. وصفقة محمد إسماعيل ضربة معلم للزمالك    بسبب المال.. أنهى حياة زوجته في العبور وهرب    ليت الزمان يعود يومًا.. النجوم يعودون للطفولة والشباب ب الذكاء الاصطناعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في روضة الأخلاق النبوية
نشر في الشعب يوم 02 - 01 - 2016

سيرة النبي صلى الله عليه وسلم هي الصفحة الجَلِيَّة والروضة الندِيَّة التي نتنسم فيها ونتعلم منها الأخلاق النبوية الكريمة، فقد نشأ نبينا صلى الله عليه وسلم من أول أمره إلى آخر يوم في حياته متحلياً بكل خُلُقٍ كريم، مبتعداً عن كل وَصْفٍ ذميم، أدَّبه ربُه فأحسن تأديبه، فكان أحسن الناس عِشْرةً وأدباً، فهو أشد الناس حياءً من العذراء(البنت البكر) في خِدرها(بيتها وسترها)، ضُرِبَ به المثل في الأمانة والصدق، وقد أسموه الصادق الأمين، وكان أكرمَ الناس نَفساً، فما ردَّ سائلاً ولا فقيراً .. ومع علو قدره ومنزلته كان أشد الناس تواضعاً، وأبعدهم عن الكبر، قال له رجلٌ: يا خيرَ البريّة، فقالَ مُتواضعًا ( ذاك إبراهيم )، ولما جاءه رجل ترعد فرائصه قال له: ( هوِّن عليك، فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ) رواه ابن ماجه .
وكان صلى الله عليه وسلم أوفى الناس بالعهود، وأوصلهم للرحم، وأعظمهم شفقة ورحمة، يتَجوَّز في صلاتِه إذا سمِع بكاءَ الصَّبيّ كراهَةَ أن يشقَّ علَى أمّه، ورحمته شملت الإنسان والحيوان .. وكان خير الناس لأهله، لم يضرِب شيئًا قطّ بيدِه لا امرأةً ولا خادماً، ويقول: ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) رواه الترمذي .
ومن جميل صفاته وعظيم أخلاقه أنه أوفر الناس حِلماً، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، فقد آذاه قومُه فسَأله ملَك الجِبال أن يطبقَ عليهم جبلين فأبَىَ وقال: ( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا ) رواه الطبراني . وعندما دخل مكة المكرمة فاتحاً منتصراً كان قوله لمن حاربوه وعادوه: ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) .. ومع كثرة أعبائه ومسئولياته صلى الله عليه وسلم كان أطلق الناس وجهاً وتبسماً، فقد قال عبد الله بن الحارث رضي الله عنه: " ما رأيتُ أحدًا أكثرَ تبسُّمًا من رسول صلى الله عليه وسلم "، وقال جرير رضي الله عنه : " ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ تَبَسَّم " .
وبالجملة فإن نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقا، ويكفيه شهادة ربه عز وجل له بقوله: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }(القلم الآية: 4)، وقد سأل سعد بن هشام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت له: ( ألست تقرأ القرآن؟، قال: بلى، قالت: فإن خلق النبي صلى الله عليه وسلم كان القرآن ) رواه مسلم .
قال القاضي عياض: " وأما الأخلاق المكتسبة من الأخلاق الحميدة، والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها، وتعظيم المتصف بالخلق الواحد منها فضلا عما فوقه، وأثنى الشرع على جميعها، وأمر بها، ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها، ووصف بعضها بأنه جزء من أجزاء النبوة، وهي المسماة بحسن الخُلق، فجميعها قد كانت خلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " .
حسن خلقه من أسباب دخول الناس الإسلام :
السيرة النبوية مليئة بأمثلة كثيرة لصحابة دخلوا في الإسلام بسبب حسن خلقه صلى الله عليه وسلم في عفوه وصفحه، أو جوده وكرمه، أو حلمه ورفقه، أو تواضعه وعدله، أو رحمته وشفقته، فهذا ثُمامةُ بن أُثال يُسلِمُ بسبب عفو النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ويقول: ( واللهِ ما كان على وجه الأرض وجهٌ أبغض إليَّ من وجهِكَ، فقد أصبح وجهُك أحب الوجوهِ كلِّها إليّ، واللهِ ما كان على وجه الأرض دينٌ أبغضَ إليّ من دينِك، وقد أصبحَ دينُك أحبّ الأديانِ كلِّها إليّ، والله ما كان على وجه الأرض بلادٌ أبغض إليَّ من بلادك، فأصبح بلدك أحبّ البلاد كلِّها إليّ ) رواه البخاري، وآخر يتأثر بكرمه صلى الله عليه وسلم وجوده فيقول: ( يا قومي أسلموا، فإن محمدًا يُعطي عطاءً لا يخشى الفاقة ) رواه مسلم، وزيد بن سعنة الحبر اليهودي يقول: " ما من علامات النبوة شيءٌ إلا وقد عرفتُها في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نظرتُ إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمُهُ جهلَه، ولا تزيده شدَّةُ الجهلِ إلا حلمًا، وقد اختبرتُهما فأشهدك يا عمر أني قد رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً " .
قال ابن حجر في كتابه ( الإصابة ) حين عرَّف بالصحابي الجلندى ملك عمان أنه قال: " لقد دَلَّنِي على هذا النبي الأمي أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به، ولا ينهى عن شر إلا كان أول تارك له، وأنه يغلب فلا يبطر، ويغلب فلا يهجر ( لا يتلفظ بقبيح )، وأنه يفي بالعهد وينجز الوعد، وأشهد أنه نبي " .
قطوف من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في حُسْنِ الخُلُق ومنزلته :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائهم ) رواه الترمذي .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنَّ من أحبِّكم إليّ، وأقربِكم مني مجلساً يومَ القيامةِ أحاسِنُكم أخلاقا ) رواه الترمذي .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لم يكنِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا مُتَفَحِّشاً، وكان يقول: إن مِن خِيارِكم أحسنَكم أخلاقاً ) رواه البخاري
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما شيءٌ أثقلُ في ميزان المؤمن يوم القيامةِ مِن خُلُقٍ حسَنٍ ) رواه الطبراني، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه قالت: قال صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ المؤمنَ ليُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجةَ الصَّائمِ القائم ) رواه أبو داود .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن أَكْثرِ ما يُدخلُ النَّاسَ الجنَّة؟، فقال: ( تَقوى اللَّه وحُسنُ الخلُق ) رواه الترمذي .
ولأهمية الخلق الحسن للفرد والمجتمع والأمة أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين عامة، وأهل القدوة من الدعاة والمربين والولاة والقضاة خاصة ، ولذلك لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن قاضياً ومعلماً وأميراً، أوصاه بوصايا كثيرة، منها: ( اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن ) رواه أحمد، بل جعله النبي - صلى الله عليه وسلم حسن الخلق سبباً من أسباب بعثته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) رواه أحمد .
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإنْ هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وكثيراً ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه أن يهديه للخلق الحسن، قائلا: ( واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت ) رواه مسلم، ويقول: ( اللَّهمَّ كما حَسَّنتَ خَلقي، فحسِّن خُلُقي ) رواه ابن حبان .
لقد أصبحت الأخلاق الطيبة مطلبا أساسياً لنا أفراداً ومجتمعات ، ندعو بها إلى الله، ونسترجع بها سالف عِزِّ ومَجْدِ أمتنا الإسلامية، فقد كان الناس يدخلون في دين الله لِمَا يروا من عظيم أخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم ، ومن حسن معاملة الصحابة وجميل أخلاقهم مع بعضهم البعض ومع أعدائهم، ومن أجل ذلك جعل الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق العظيم قدوة ونموذجاً، يطبق ويُجَّسِّد الإسلام الذي أُرْسِل به واقعًا عملياً، بكلِّ ما يحمله من مبادئ تدعو إلى الأخلاق، وقِيَم تحث على الفضيلة، قال الله تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }(الأحزاب من الآية: 21) .
قال ابن كثير : " هذه الآية أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأفعاله وأحواله، ولهذا أُمِرَ الناسُ بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب في صبره ومصابرته، ومرابطته ومجاهدته، وانتظاره الفرج من ربه عز وجل - " .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.