لا أظن أن عالما درس الفقه والشريعة يمكن أن يقول ما قاله الدكتور سعد الهلالى، فلم أر تأويلا مثل تأويله لحديثين نبويين أدخل أحدهما فى الآخر، أو لكلمة «الحجاب» التى وردت فى حديث آخر استشهد به على عدم فرضية الحجاب. الكلمة وردت بمعنى محدد تؤكده آية قرآنية ، ولا يمكن تسمية ما قاله الهلالى اجتهادا فلا اجتهاد مع النص، وبداية استشهد الدكتور سعد الهلالى فى حلقته مع الإعلامى عمرو أديب بحديث جاء فيه «جاء عمر رسول الله وكان عنده نسوة يسألن ويستكثرن عالية اصواتهن فلما سمعن صوت عمر وقد أذن له رسول الله قمن يبتدرن الحجاب»، فأجابه عمرو أديب بتساؤل: «هل دا معناه أنهم كانوا فى حضرة الرسول بلا حجاب فلما جاء عمر لأنهم عارفين انه شديد قاموا لبسوا الحجاب؟!»، وكانت إجابة الهلالى «النص بيقول كده»، لقد بدل الرجل المعانى بشأن قيام النساء ليقفن خلف «ستارة أو حاجز» إلى أنهن كن يجلسن أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون حجاب، والحقيقة أن الحجاب الذى قامت النساء «يبتدرنه» أى يسرعن إليه هو نفسه الحجاب الذى جاء فى الآية الكريمة « وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ» }سورة الأحزاب: آية 53{. فإذا كان تبرج الجاهلية الأولى هو إظهار العنق والنحر وموضع القرط «جزء من الأذن» وقد نهينا عن هذا التبرج فليس من العقل أن نستبدل غطاء رأس الجاهلية الذى يكشف القليل بكشف كامل لا يستر شيئا، وليس معقولا أن يأمر الله زوجات النبى أن يكلمن الناس من وراء حجاب والنبى يجلس مع كاشفات الرؤوس وليس معقولا أن النبى الذى لا يصافح النساء يجلس معهن وهن كاشفات الرأس وليس من المعقول أن يقول سبحانه وتعالى }وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبهنَّ{؛ لا نقبل حقيقة أن الخمار لغة غطاء يغطى الرأس والعنق والصدر وينسدل على الأكتاف، ومن غير المعقول أن نفهم أن النساء كن مكشوفات الشعر رغم أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها. رواه البخاري في صحيحه، وفى رواية أخرى شبهت تحجبهن بأنهن كن وكأن على رؤوسهن غربان، ثم يأتى بعد ذلك من يقول إن الحجاب فرض على أمهات المؤمنين فقط أو يقول إن الخمار تغطية للصدر وترك للشعر مكشوفا!!، لقد خلط الرجل بين حديثين، وبالبحث عما قال، وجدنا روايات متعددة لحديث «عن عقبة بن عامر قال نذرت أختي أن تحج ماشية غير مختمرة فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال مر أختك فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام»، نعم لم تكن المرأة أمام رسول الله من الأساس، الحديث الثانى الذى خلطه الهلالى بالأول وكأنهما حديث واحد «ضعيف السند» يقول «بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير في جوف الليل إذ بصر بخيال نفرت منه الإبل فإذا امرأة عريانه نافضة شعرها، فقالت نذرت أن أحج ماشية عريانه نافضة شعري، فقال مرها فلتلبس ثيابها ولتهرق دما».