تختلف تتفق مع مصطفى سائق التوك توك، تصفة بالإخوانى المؤجر أو المواطن الغلبان، تتهم الليثى بتقليب الرأى العام أو تصفه بالإعلامى الوطنى، كل هذا لن يقدم أو يؤخر من الأمر شيئًا. الأفكار تطايرت وتناثرت ودخلت عقول وقلوب الغلابة والبسطاء وجاءت على هوى النخب والمثقفين، فى ظل دولة عاجزة بكل أجهزتها عن مواجهة حرب الصور والأفكار فى انتظار مقطع فيديو ثانٍ ورابع وعاشر يزيد من حالة الاحتقان ويقيس القدرة على الحشد ويهدم حاجز الخوف ويزج بالشعب فى آتون ثورة ملونة جديدة. رئاسة الوزراء تقوم بالبحث عن صاحب التوك توك وقد ارتدى «طاقية الإخفاء» لتصحيح مفاهيمه والاستماع إلى مظلمته. والحقيقة أن الحكومة تحتاج للبحث عن 7 ملايين مواطن تلقفوا أفكارًا مغلوطة من سائق التوك توك دغدغت مشاعرهم وهزت عقولهم. السيد الرئيس لم يرغب -كما أفصح فى كلمته بالندوة التثقيفية الأخيرة- الحديث عن الوضع الداخلى المصرى من منطلق أنه يقود قاطرة التعمير والبناء ولا يجب الالتفات لمهاترات وإرهاصات من هنا وهناك. وهذا خطأ فادح، فالمصريون فى أشد الاحتياج لمن يمنحهم الأمل فى المستقبل. «طالعين فى التلفزيون يقولوا مصر بتنهض، وعمال تلم الفلوس فى مشاريع ملهاش لازمة!! جعان وصحتى تعبانه وهو بيعملى مشاريع هيلبسنى بيها فى الحيطة»!!! هكذا عبر سائق التوك توك الفصيح، وله كل الحق، فهو مثل الكثير من المصريين لا يعلمون ولا يدركون، والدولة فقدت قنوات الاتصال مع الشعب، وسُرقت الآلة الإعلامية الوطنية من يد الرئيس. خزان سد النهضة سيبدأ فى الملء منتصف 2017 لتنخفض حصة مصر من المياه بمقدار 15 مليار متر مكعب وينخفض إجمالى الناتج المحلى من الكهرباء بقيمة 3%، وتتقلص الرقعة الزراعية، وينخفض الإنتاج الزراعى، ويقل مقدار كوب الماء. نعم هذا ما سيعانيه المصريون بكل وضوح وشفافية. مليون ونصف المليون فدان ستقوم الدولة باستصلاحها وزراعتها بالمياه الجوفية وبطرق رى حديثة، تمت زراعة عشرة آلاف فدان منها بالفرافرة، لمواجهة تقلص الرقعة الزراعية عشان منلبس فى الحيط. 100 ألف صوبه زراعية تتيح إنتاج الخضراوات طوال العام ليزيد الإنتاج الزراعى بنسبة 50%، مع زيادة صادرات مصر الزراعية، عشان منلبس فى الحيط. 8 محطات تحلية مياه البحر تم الانتهاء من إنشائها، وجارٍ إنشاء محطات جديدة بالغردقة ومرسى مطروح، لتعويض نقص كوب مياه الشرب، عشان منلبس فى الحيط. محطة كهرباء سيمنز ببنى سويف وثانية فى البرلس تم ربطهما فعليًا بالشبكة القومية للكهرباء، وجارٍ إنشاء محطة أخرى فى العاصمة الإدارية الجديدة، تزيد الناتج المحلى بقيمة 50%، بخلاف التوسع فى مشاريع الطاقة المتجددة عشان منلبس فى الحيط يا درش، ونلاقى كهرباء فى البيوت والمصانع. مزارع الثروة السمكية على ضفاف قناة السويس وكفر الشيخ، مع تطهير بحيرة البردويل والمنزلة وقارون. ألا تعتبرها مشاريع ذات جدوى اقتصادية عالية تعود على المواطن الفقير وتجذب الشباب لسوق العمل بدلًا من القفز فوق مراكب الموت على البحر المتوسط؟ سبعة آلاف كم من الطرق الجديدة تدخل شبكة الطرق والمواصلات، تُعيد توزيع ديموغرافية مصر، وتربط المصريين بالمدن الصناعية الجديدة التى يتم إنشاؤها، وتخرج بهم من تكدس الوادى، وتدمج الثقافات الاجتماعية، وتربط الطرق البرية المصرية بالسودان إلى أن تصل لكيب تاون بجنوب إفريقيا لربط التبادل التجارى بين موانئ البحر المتوسط بالمحيط الأطلسى ألا تعتبرها نهضة؟ مدينة الجلالة الجديدة، مدن سياحية عالمية ومناطق ترفيهية، مجمع طبى وصناعى وسكنى تحمل بين طياتها جامعة تقدم كليات غير نمطية تتيح لخريجيها العمل فورًا فى المصانع المجاورة لها. تنقل مصر نقلة نوعية فى استغلال ثرواتها الطبيعية، وتضعها فى مصاف الدول المصدرة، ألا تعتبرها نهضة فى نظرك سيدى المثقف الغلبان؟ ستة أنفاق تشق مياه قناة السويس، تدمج سكان بورسعيد والإسماعيلية والسويس بأهاليهم فى سيناء. بالتوازى مع استكمال مشروع ترعة السلام، وزيادة تدفق مياه نهر النيل تحت قناة السويس، لاستصلاح ملايين الأفدنة بأرض الفيروز، وتحويلها لمدن زراعية وصناعية ألا تراها نهضة كبرى لأهالى سيناء؟. عشرات المشاريع القومية لا تتسع المساحة لسردها وشرح العائد منها، لكنك أخى سائق التوك توك لا تستطيع رؤيتها، ليس عيبًا فيك، بل تقصيرًا من السيد الرئيس وحكومته التى فشلت فى تسويق نهضة مصر الجديدة فى عيون وعقول المصريين. نعم هناك أزمة أرز، وأزمة سكر. نعم هناك زيادة رهيبة فى الأسعار، وارتفاع جنونى فى الدولار كلها بفعل فاعل. سواء نتيجة الخناق الاقتصادى الذى يمارسه الغرب ضد الدولة لإفشالها، أو نتاج لمؤامرات جماعة الإخوان الإرهابية ظنًا منهما أن الخناق الاقتصادى وتجويع الشعب ثم تركيعه سيؤدى لانقلاب الشعب على الرئيس والخلاص منه. لكن دائمًا هناك وجه آخر للعملة. نحن أمام حكومة ضعيفة تفتقد الرؤية للإصلاح، وتضل طريقها فى رفع المعاناة عن الشعب المطحون، وتقف أجهزتها الرقابية عاجزة أمام أزمات حقيقية. سيدى الرئيس اسمعها منى، النوايا الحسنة وحدها لا تكفى، ولا يمكن الارتكان على ما بحوزتك من رصيد لدى المصريين. نحن شعب ينكر الجميل وينسى العرفان حينما تتعلق المسألة بلقمة العيش. نحن شعب لا يمتلك ثقافة البناء، ولا يجيد تحمل أعباء الحروب إلا حينما تضعه أمام مسئولياته. نعم سيدى الرئيس شعبية سيادتكم تتناقص فى الشارع المصرى. أرى وأسمع بنفسى ما تحاول التقارير أن تخفيه عنكم. الناس تئن من زيادة الأسعار وغياب الرقابة وفرض الضرائب ورفع الدعم تدريجيًا، ولا تدرك أنها روشتة الإصلاح الأليمة. بعض الشباب فقد الانتماء واستعذب العمالة والخيانة، ولم لا وقد رأى أن كل من خان وباع وقبض قد أصبح من صفوة المجتمع؟! عدالة القضاء بطيئة وشهداؤنا يسقطون واحدًا تلو الآخر وحبارة لا يزال على قيد الحياة. الفساد استشرى واستقر فى نفوسنا جميًعا بعد أن فقدنا موروثنا الثقافى وضاعت عاداتنا وتقاليدنا المصرية الأصيلة وتغيرت سلوكياتنا فى غياب دولة لا تمتلك الإرادة للتغيير الحقيقى. سيدى الرئيس.. الناس بتاكل فى بعض. كاتب جيوسياسي