لم يعد التسول مجرد تواكل واعتماد علي الغير وعدم ارهاق النفس بالتعب والمشقه ولكنه اصبح منذ سنوات مهنه وحرفه يقبل عليها كثيرون ويحققون منها ارباحا هائله . ولان كل شييء في مصر تغير بعد الثورة فان التسول في مصر اصبح مبتكرا وله طعم جديد مختلف !! وهذا ما دفعنا الي النزول للشارع وخوض تجربه التسول بزي عمال النظافه الهدف هو كشف حقيقه هذا العالم والتحذير من توجيهه الصدقه لغير مستحقيها ودق ناقوس الخطر بعدما اصبح التسول هوم ديليفري.. تصادقنا مع احدي عاملات النظافه بشركه اوربا 2000 وطلبنا منها ان تكون الدليل لخوض تجربه التسول في نهار رمضان استئجار الزي كان الامر صعبا في البدايه للحصول علي زي عامله نظافه في شركه اوربا 2000 لاننا في الموسم كما قال لنا العمال من الزملاء في المهنه ولن يستطيع احدهم الاستغناء عن زيه ولو ساعه واحدة ولكنهم دلونا علي احد المحلات الواقعه في حلوان بمحازاه سور المترو تقوم ببيعه او تاجيرة في الخفاء !! الايجار بعشره جنيهات في اليوم والشراء بخمسين جنيه وبعد الفصال اصبحت حمسه وثلاثين فقط .والنصيحه كانت من احدي الزميلات هو من الممكن عدم التقيد بالزي خاصه السيدات لان الشركه صممت زي للرجال فقط ولكننا اردنا السير بالطريق الرسمي وقمنا بشرائه وبدات الرحله . البدايه من العشوائيات التوقيت بعد العاشره صباحا لان الموظفين والمصريين عموما يذهبون الي اعمالهم متأخرين في رمضان والبدايه كانت من امام منطقه المساكن الاقتصاديه بحلوان شارع عمر بن عبد العزيز فقط ارتديت الزي و امسكت بمقشه عاديه وامام احد صناديق القمامه اقف محاوله الكنس حول الصندوق واستطلع في وجوه المارين لم اطلب مساعده ولكن احدي السيدات اقتربت ودست في يدي خمسه جنيهات وقالت كل سنه وانت طيبه بس متنسيش تدعيلي , مرت نصف ساعه وتقرر الامر مرتين ولكن الاموال كامنت تزيد في كل مره وبعد مده دخلت شارع جانبي وامام احد محال الاطعمه ناداني صاحب المحل واعطاني شنطه سوداء اكتشفت فيما بعد ان بها وجبات جافه من بلح وعلبه سمن صغيره وكيلو سكر وكيلو رز وزجاجه زيت وشاي وكيس مكرونه تقدر محتوياتها بخمسين جنيه واستكملت الرحله الي احد الاسواق الشهيره " سوق المساكن " حيث الباعه والمشترين من كل مناطق حلوان وما حولها في بدايه السوق طلب مني تاجر الفاكه ازاله مخلفات البضاعه وعندما حملتها في احد الشنط المخصصه للقمامه مد يده واعطاني كيس فاكهه و 2 جنيه معدن وفي داخل السوق كنت امسك حقيبه سوداء فرايت بائعي الخضروات كانوا يجدون علي حتي دون ان اطلب من هنا طمام واخري خيار وبطاطس وامتلاءت الشنطه بجميع انواع الخضروات الغالي منها زي الباميه الكرنب كان لي نصيب . في المعادي الامر اختلف من السوق في المساكن وداخل عشوائيات حلوان الي منطقه قريبه ولكنها اكثر رقيا حيث المعادي الحي الهادي وسكن عليه القوم و بعيد عن محطه مترو المعادي وتحديدا في شارع" 9 " بدات المحطه الثانيه للرحله بنفس الزي نتجول ومعنا المقشه وكانت الساعه تقترب من الثانيه ظهرا خروج الموظفين "ومش اي موظفين موظفي المعادي ظللت اقترب من الشوارع الراقيه التي رايت ان الرقي بمفهومه الجديد اختلف فالقمامه كانت موجودة كالتلال امام الصنادق وخارجها ومواقف الميكروباصات زادت عشوائيه وفي كل مكان ولم يعد الحي الهادي كما كان مرت ساعه دون ان يشير لي احد عارضا صدقه او مساعدة لموظف القمامه الذي يعرف جيدا دخله المنعدم وبعد مده اقتربت احدي السيدات الصغيرات تقود سيارتها الفاخمه وسالتني انتوا فين سيبين الزباله في كل حته وجيين بس للعيديه وكل سنه وانت طيبه يا هانم صح عموما ياريت تواظبي علي شغلك ومدت يدها لتمنحني جنيه . بعدها بقليل اقتربت مني زميله في المهنه تسالني ايه جابك هنا ده منطقتي وعموما الشغل بيبدا مع العشرة الاواخر في الشهر الكريم واقتراب اخراج الصدقه وامام المساجد الكبري بعد صلاة التراويح اختتمت كلامها محذرة ان تراني في اماكن نفوذها تاني وانها تركتني لاني جيت في وقت غلط . خرجت الي طريق الكورنيش لاجد ما لايسر علي بعد كل عشره متر راجل ماسك مقشه وواقف في الطريق وفي الاشاره يقترب من السيارات قائلا كل سنه وانت طيب فقط ولم يكن لي مكان سواء من المعادي الي وسط البلد او بالطريق العكسي الي حلوان المصريين عاطفيين وغير منظمين الدكتورة زينب حسن استاذ الاجتماع بجامعه عين شمس علقت علي موسم التسول في مصر قائله احنا لللاسف شعب عاطفي ونستجيب للمشهد الذي تراه اعيننا بصرف النظر عن صحته من عدمه وكان الثورة لم تغير هذا السلوك الاجتماعي ولابد من نقطه نظام وتحديد المستحق للصدقه ولا ننخدع بالمظاهر وللاسف التسول هذا العام اصبح ديليفري فكثيرا ما تجد شخص غالبا رجل مسن او سيده تحمل اطفالا تطرق بابك طالبه الصدقه او العيديه طبعا للصغار والامر متاح لهم لايوجد امن ولا رقابه والعمليه بقت مفتوحه هذا غير الاشخاص الذين هم حولك بالفعل ويطلبون الصدقه بشكل اخر كبواب العمارة وحتي سايس الجراج والسيده التي تساعد في المنزل كلهم يتعاملون معك علي عليك ان تعطيهم راتبهم وحسنه اةو عيديه وبالطبع اذا استطعت فعل هذا فلن تجد مساحه لاخرين ..والحل يكمن في توجيهه الصدقه لجمعيات مشهره ومعلنه تحتاج فعلا ولديها كشف مالي تقدمه للمتبرع لنعلم مكان انفاق الصدقه الدكتور مجدي رجب رفعت استاذ الاقتصاد بجامعه اكتوبر علق علي تفاعل سكان العشوائيات مع المتسولين عن غيرهم بان سكان العشوائيات دخولهم محدوده وعندما يجدوا محتاج يشعرون به سريعا اكثر من بعض الاغنياء الذين نسوا الاحتياج لانه كان بعيد لبعض الوقت عليهم وهذا ما ترجمه الفلكولور المصري في مقوله " الحسنه ما بتهونش غير علي القفير " اما عن التسول فظهر بشدة مؤخرا نتيجه ما يحدث للاقتصاد المصري وعمال اليوميه والعمال الذين فقدوا دخلوهم مؤخرا واتمني ان يخرج لنا ضمن برامج المرشحين لرئاسه الجهموريه من يعالج الظاهرة بصورة صحيحه ومن جدورها وان كنت اجد ان بعض المصريين تخلوا عن حيائهم في طلب المساعده بفعل الحاجه وعدم وجود دخول لانفاق ولابد الي العوده للفكر الاقتصادي للجمعيات الخيريه بمفهوم متطور جمعيه تدرس الحاله التي تطلب مساعدتها ثم تساعدها بعمل او بطريقه تضمن العيش بكرامه وبشكل دائم بمشاركه مجتمعيه كبري .