إعتدنا بين الحين والآخر ظهور دعوة هنا ومبادرة هناك تزعم أن الدولة بصدد التصالح مع جماعة (الإخوان) الإرهابية، بعض هذه الدعوات التى تنطلق من شخصيات سياسية تكون بضغوط وإشارات غربية وأمريكية تحديدًا، فى وقت تعانى فيه الجماعة وفق ما يعلن انقسامات حادة وصراعًا على القيادة، وجاءت مبادرة مدير مركز (ابن خلدون) للتصالح مع الإخوان، لتطرح تساؤلًا عن هذه المبادرة، مع الإشارة إلى انها ليست الأولى، وفى الأغلب والأعم لن تكون الأخيرة، كما سنرى فيما بعد. هنا لابد أن نتعرف على طبيعة العلاقات الوثيقة بين (الولاياتالمتحدةالأمريكية) و(الجماعة الإرهابية)، ومن البداية يجب أن يكون معلوما انها علاقات وطيدة ولم تنقطع يوما!! وأن هناك لقاءات شبه دورية تجمع بين قيادات من الجماعة وأعضاء الكونجرس الأمريكى!! هناك أيضًا علاقات مادية، وتجمعهم استثمارات مشتركة قائمة، لكن المهم هنا أن نعرف أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعاملت مع الإخوان باعتبارهم )ملفًا مخابراتيًا(، حيث يتواجدون عسكريا فى أربعة أماكن تحديدًا فى اليمن وغزة وسوريا وليبيا، كونهم لاعبا رئيسًا فى المعركة على الأرض، كما ان للإخوان تواجدًا سياسيًا قويًا أيضا فى المغرب والأردن وتونس وتركيا وغيرها، وبالتالى فلا تستطيع أمريكا أن تخسر هذا التيار، بل قد تكون مضطرة للتعامل مع )جماعة الإخوان( المنتشرة سياسيًا وعسكريًا فى عدة دول. هنا لا ننسى أن هناك ظاهرة انتشار عدد كبير من المراكز الإسلامية والتنظيمات فى أوربا وأمريكا، يسيطر عليها التيار الإخوانى، ويليهم السلفية العلمية، ثم السلفية الجهادية!! أؤكد هنا أن للإخوان امتدادًا ماليًا واستثماريًا فى كثير من الدول الأوربية ومخترقين كل الطبقات، وهنا يلزم أن أشير إلى أن أمريكا لن تتخلى عن الإخوان بسهولة، ذلك أن فكرة الأصولية ستظل دائما تستخدم لإدخال العالم العربى فى دوامة من الصراعات الداخلية وصراع على الهوية. مادمنا نتحدث عن العلاقات الوثيقة بين )الجماعة الإرهابية( والولاياتالمتحدةالأمريكية، وكنا قد نوهنا فى البداية لانطلاق بعض دعوات المصالحة بين الحكومة والجماعة، يكون حريًّا بنا أن نعرض لطبيعة العلاقة بين )الإخوان وأمريكا( و)مبادرة مدير مركز ابن خلدون(. بداية، لا يوجد الآن من يستطيع إنكار دعم واشنطن لما يسمى ب)الإسلام السياسى(، وهناك تحالفات سرية وغامضة عقدتها الولاياتالمتحدة على امتداد عدة قرون لرعاية وتشجيع التيارات الإسلامية الراديكالية، ورغم أنه قد سادت السياسات الأمريكية حالة من التخبط والارتباك عقب أحداث 11 سبتمبر رغم كونها صناعة أمريكية، لكنها لم تغلق أبدا أبواب التقارب مع تلك الحركات الجهادية الإسلامية، وساندت بقوة )الإخوان( فى مصر باعتبارهم )البديل( القادم بعد رحيل نظام مبارك، والبديل القادر على حمايتها من الجماعات الجهادية باعتبارها فى نهاية المطاف، إما قد خرجت من عباءتها، وإما على صلات قوية بها، فى المقابل حاولت جماعة الإخوان أن تثبت لصناع القرار السياسى فى واشنطن، أنها وحدها باعتبارها تيارًا إسلاميًا معتدلًا، القادرة على التعامل فى عالم السياسة ببرجماتية وفاعلية، وبالتالى فأمريكا لن تتخلى عن الإخوان، ومن مصلحة أمريكا والغرب وفقا لسياساتهم ان يظل العرب فى حروب دائمة حتى لا يتفرغوا لمحاربتهم، ولن يتخلوا عن هذه اللعبة، لأنها تمثل صلب مصالحهم الأساسية وعلاقتهم بدول الشرق الأوسط بأن تظل المنطقة فى صراع دائم. هنا أشير لنقطة مهمة جدًا، أن الجماعة وإن كانت منقسمة على نفسها، فإنها تريد المصالحة مع النظام، إلا أنها تخشى كثيرا من غضب شبابها!! هذا عن )الجماعة الإرهابية( وعلاقتها بدول )راعية( الإرهاب والمحاولات المتكررة التى تدعو للمصالحة بين )الجماعة( و)الدولة(، لكن ماذا عن الشعب؟! بوضوح ومنتهى الصراحة الشعب رافض لأى أحاديث أو إشارات تتعلق بهذا الأمر، لذا توقفت كثيرًا أمام تصريح لوزير الشئون القانونية ومجلس النواب عن )المصالحة مع الإخوان(، والتصريح خطير وقد يكون كاشفًا عما يدور خلف الأبواب وفى الغرف المغلقة!! الوزير بتصريحه بدا وكأنه يبشرنا بمصالحة مع الإخوان!! ومن هنا بدأت حيرتى التى لم ولن تتبدد، كيف لوزير فى نظام يستهدفه )الإخوان( ويخططون لإسقاطه بالتعاون مع دول الشر والثورة عليه ليل نهار بعمليات تخريبية داخلية ويعلنون وفى غرور ولا ينكرون استهدافهم رموزه وقياداته )اغتيالا(، ويشنون على جيشه وشرطته حربًا بالأسلحة الثقيلة بطول البلاد وعرضها وحدودها، أن يصرح بهذا؟! مثل هذا الوزير الذى يبشرنا ب)المصالحة( يجب أن يقال فورًا، وفى أحسن الأحوال )تقبل استقالته(، وأقول إن الحكومة التى تقبل مثل هذه التصريحات حكومة تخون ثورة 30 يونية التى جاءت لأنها اختارت وزيرًا ليحدثنا عن مشروع قانون )العدالة الانتقالية(، والذى على ما يبدو أنه سيكون بمثابة معبر للمصالحة مع الإخوان!! هنا أطلق صيحة تحذير للحكومة، من تضمين مشروع القانون أى نص يتضمن المصالحة مع الإخوان، بل لا يتضمن أى نص يمكن تفسيره على أنه يحمل فى طياته مصالحة مع الإخوان، ولتعلم الحكومة مجتمعة أن أى قرار يتعلق ب)المصالحة( ليس للحكومة أو البرلمان فيه أى رأى لأنه أمر يتعلق بالشعب الذى خرج وأسقط الجماعة الإرهابية وأزاح حكمها. الوزير الذى أطلق هذا التصريح حنث بالقسم الذى أقسمه ولا يؤتمن على مصالح البلاد، والحكومة التى تضع يدها فى يد جماعة إرهابية تكون قد حنثت هى الأخرى بالقسم الذى أقسمته ولا تؤتمن على مصالح البلاد، وتخون دم الشهداء الذين يتساقطون كل يوم وتنسل من التفويض الشعبى بحرب الإرهاب. لكن يثار هنا تساؤل مهم: هل هذا الوزير، )عبد المأمور(؟! أو كما يقال: )إدبح يازكى قدره، يدبح زكى قدرة(!! أم أنه أحد عرافى الإخوان؟! واسألوا د. ثروت الخرباوى عن الأسباب!! ومن الذى طلب من الوزير التصريح بذلك؟ وهل ينفذ ما اتفق عليه خلف الأبواب؟ ومع من؟ وهل يعلم رئيس الجمهورية بهذه )الجريمة( السياسية التى ترتكبها الحكومة التى اختارها؟ أم أن التصريح (بالون اختبار( أم أن ما سيحدث، يأتى فى إطار ما سبق أن طرحه مدير مركز ابن خلدون؟! وهل لى أن أسأل سعادة الوزير، وهو رجل قانون قبل ان يكون وزيرًا: ماذا تعنى )مصالحة مع الإخوان(؟ وهل هم )طائفة(، أم )ملة(، أو )حركة( ولا )جماعة متمردة(؟ الوزير يبشرنا بأنهم من لم تتلوث أيديهم بالدماء!! وكيف نحددهم أو نعرفهم؟ الإخوان يا سعادة الوزير (جماعة( فى (تنظيم(، والتنظيم تحت الأرض وفوق الأرض وفى )الدوحة( و)إسطنبول( و)لندن(، وكل واحد منهم له دور محدد،حتى الجنين فى بطن أمه الإخوانية ينتظره أو ينتظرها دور!! ومهما صغر أو قل هذا الدور وابتعد عن مفهومك ل)إراقة الدماء(، هو مساهم بدرجة ما فى )سفك الدماء(!! سعادة الوزير الهمام: أقولها لك، المصالحة مع الإخوان أو من ينتمون للجماعة الإرهابية، قرار شعب مصر، ولا حكومتك ولا مجلس النواب مجتمعين يمنكهما إصدار قانون على هذا النحو، هذا القانون يا سيادة الوزير يعنى عدم شرعية 30 يونية. وحيث إننى مصرى وطنى غيور أطالب بإقالة الحكومة إن تقدمت بمثل هذا القانون. اللهم إنى قد بلغت اللهم فاشهد. وللحديث بقية.