يجري في الثالث والعشرين من شهر يونيو الحالي، استفتاء شعبي عام في بريطانيا لتحديد مصير عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي، وستحدد نتيجة هذا الاستفتاء بقاء بريطانيا عضوا في الاتحاد أو الخروج منه، وأظهر أحدث استطلاع للرأي أن 51 % من البريطانيين يؤيدون البقاء في الاتحاد الأوروبي، فيما أيد 49 % الخروج منه، كاشفا أن غالبية كبار السن يعتزمون التصويت في الاستفتاء لصالح خروج بريطانيا منه. وبين المعارضة والتأييد يساور البريطانيون القلق، قلق يكافئ بذات القدر ما يشعر به الدول الأعضاء البارزة في الاتحاد من خوف أن يؤدى خروج بريطانيا إلى انفراط عقد الاتحاد، وفي الوقت الذي يقترب فيه موعد التصويت حيث سيكون بعد 12 يوما فإن حملة الاستفتاء باتت ساخنة على نحو متزايد مع استطلاعات الرأي التي لا تشير إلى أية نتيجة.في هذا الصدد، تكشف استطلاعات الرأي أن الأشخاص الذين يديرون الشركات الكبرى والبنوك والمؤسسات المالية، بالإضافة إلى السياسيين، هم المستفيدون الرئيسيون من الاتحاد الأوروبي، أما أصحاب الأعمال الصغيرة وذوو الدخل المنخفض، فهم أكبر الخاسرين من هذا التكتل القاري سلسلة من المناظرات الساخنة يشهدها الشارع السياسي البريطاني بين المعسكر المؤيد للبقاء في السوق الموحدة، ذلك المؤيد للخروج منه، وفيها يطرح كل من الطرفين أسبابه وحججه وأسانيده التي ترجح وجهه نظره وتؤيد قراره. فيما يتعلق بمكانة بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، قال ديفيد كاميرون رئيس الوزراء الذي تولي منصبه منذ 6سنوات، إن بريطانيا لديها إجراءات ترضي الطرفين، مضيفا أن الصفقة التي تفاوض فيها تعطي بريطانيا مكانة خاصة داخل تلك الكتلة.وفي مناقشة ساخنة، تمسك كاميرون برأيه الذي يفيد ببقاء بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي وسأله الجمهور حول قضايا ساخنة مثل الهجرة والأمن والاقتصاد، قائلا: إن التعاون والاستخبارات والمعلومات التي حصلناها من الاتحاد الأوروبي مهمة جدا، وإذا خرجنا من الاتحاد الأوروبي، فسنجد وسيلة لمحاولة العودة إلى هياكل الكتلة وتبادل المعلومات التي نحن حاليا فيها، لكن الأمر سيستغرق منا الكثير من الوقت والجهود. ويتعارض رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون قيادي في حزب المحافظين والمؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في رؤيته لمستقبل المملكة المتحدة، مع زعيم الحزب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي يقود حملة لإقناع الناخبين بالتصويت لصالح بقاء بلادهم في الكتلة الأوروبية الموحدة. ويعتبر جونسون أن الاتحاد يسعى لبناء دولة عظمى، مثل الديكتاتور النازي، أدولف هتلر، موضحا في مقابلة مع صحفية صنداي تلجراف البريطانية ، أن تاريخ أوروبا حافل منذ ألفى عام بمحاولات لتوحيد القارة تحت راية سلطة واحدة على غرار ما كانت عليه الامبراطورية الرومانية.من جانبه، أكد عمدة مدينة لندن الجديد، صادق خان أنه سيبذل قصارى جهده لكي تبقى بريطانيا في الاتحاد الأوروبي في غضون ما يقرب من أسبوعين سيظهر أى من المعسكرين سيكون فائزا . وبحسب مؤسسة فول فاكت البريطانية، ستؤدي مغادرة الاتحاد الأوروبي إلى توفير تكاليف العضوية على الفور ، حيث لن تساهم في ميزانية الاتحاد ، ففي العام الماضي، ساهمت بريطانيا ب 13 مليار جنيه استرليني، لكنها تلقت 4.5 مليار جنيه من قيمة الإنفاق ، ويعني هذا أن المساهمة الصافية للمملكة المتحدة كانت 8.5 مليار جنيه، أو 7 % مما تنفقه الحكومة على الخدمات الصحية الوطنية في كل عام. فيما تسمح عضوية بريطانيا في الاتحاد بأن يكون لها رأى في تحديد القواعد التجارية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الذي يعد بمثابة سوق موحدة لا تفرض رسوما على الواردات والصادرات بين دوله الأعضاء ، فأكثر من 50 % من الصادرات البريطانية تذهب إلى دول الاتحاد وتستفيد بريطانيا أيضا من الصفقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وغيرها من القوى العالمية، ويتفاوض الاتحاد حاليا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية لإنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، والتي من شأنها أن تكون مفيدة للتجارة البريطانية، لذلك، فإن بريطانيا قد تفقد بعضا من تلك الامتيازات التجارية في حال خروجها من الاتحاد الأوروبي، ولكنها ستكون حرة في إبرام اتفاقيات التجارة الخاصة بها. استفتاء يوم 23 يونيو الحالي يمثل فرصة للمواطن البريطاني للموازنة بين مميزات احتفاظ بلاده بعضوية الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه ، وأى من القرارين سيكون له مميزاته وعيوبه، والقول الفصل لنتيجة لصناديق الاستفتاء الشعبي .