الإسلام دين رفق ورحمة، دين بشاشة، دين حب، حب الإنسان لاخيه الإنسان، حتى الدعوة إلى الله منبعها الحب، حب الخير للمدعو لينعكس ذلك على الداعي ويكون خيرا له من حمر النعم، والدعوة إلى الله يجب أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، الداعية أو رجل الدين عموما يجب أن يكون أكثر الناس حرصا على تمثيل هذا الدين أفضل تمثيل، رجل الدين ليس مجرد لحية وجلباب قصير إنما سلوك، كان الرسول الكريم قرآنا يمشي على الأرض هكذا قالت السيدة عائشة رضي الله عنها، دعني أرى الدين في سلوكك وأخلاقك، لست في حاجة إلى تنظير وإنما إلى أفعال تطابق الأقوال، «كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون» هذه الآية موجهة تحديدا إلى المؤمنين، وما أدراك ما مقت الله!!، رسول الله صلى الله عليه وسلم أؤذي كثيرًا لكنه لم يقابل الإساءة بمثلها وإنما كان يعفو ويصفح كان يقدم نموذجا لما يجب أن يكون عليه الداعية، أؤذي في الطائف ونزل عليه ملك الجبال يقول له لو أردت أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت فكان رده صلى الله عليه وسلم بالرفض لعل الله يأتي من اصلابهم من يوحد الله، وعندما مكنه الله من فتح مكة عفا وصفح وقال لمن طردوه وقاتلوه قولته الشهيرة «اذهبوا فأنتم الطلقاء» هذا هو ديننا، لم يكن أبدا دين كراهية، بل دين حب ورفق ليس مع الإنسان فحسب بل وسائر المخلوقات، لكن لا أدري ما بال من يتمسحون بالدين الآن قد ضلوا الطريق، من أين لهم بهذه الغلظة وقد خاطب الله تعالى نبينا وقدوتنا بقوله «ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك»، يتساءلون: لماذا انفض الناس عنهم وكأنهم لم يقرأوا تلك الآية من قبل، هذه الغلظة في التعامل مع الآخر، هذه الأحقاد التي رانت على قلوبهم تجاه الوطن تحديدا والآخر عموما هي بالتأكيد ليست وليدة اللحظة ولا هي ردة فعل عفوية لفقد سلطة كما يدعي البعض، وإنما هي نتاج طبيعي وتراكم لتربية طويلة على الكراهية، هي ثمرة طبيعية لاتهام الآخر ب«الجاهلية» التي هي ضد الإسلام، هي تصرفات طبيعية ناجمة عن احتكار صحيح الدين من قبل فئة يؤمن أصحابها بأنهم الفئة التي ستعيد الإسلام الذي توقف إلى هذا المجتمع الجاهلي، لذا ليس بمستغرب أن يفرح هؤلاء بمصائب المصريين، ليس غريبا أن يتمنوا أن تقطع إثيوبيا المياه عن مصر أو أن تغرق السفينة بمن عليها، او يفقد بعض المصريين حياتهم في أي مصيبة قد تقع حتى في البلاد التي فروا إليها، وصدق الله القائل: إن تمسسكم حسنة تسوءهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط».