فى ظل التطورات المتلاحقة فى المنطقة يأمل المرء أن يحرز الوزير أحمد أبو الغيط السبق للفوز بمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، فالرجل أهل لها كسياسى محنك وكدبلوماسى عريق ومتابع مدقق سبر أغوار السياسة والتعامل معها بحكمة وروية. قاد الدبلوماسية المصرية كوزير للخارجية على مدى سبع سنوات 2004 / 2011 قدم خلالها رؤى شفافة تعامل من خلالها مع كل القضايا التى واجهت مصر فى تلك الفترة بحكمة وواقعية عالج بها المواقف والتحديات. أثبت الوزير أبو الغيط أنه رجل دولة من طراز فريد. قدم عصارة فكره ووثق رؤيته فى كتابين: الأول «شهادتى» الصادر فى منتصف يناير 2013 والثانى «شاهد على الحرب والسلام» الصادر فى أكتوبر من نفس العام. ولا شك أن التاريخ الدبلوماسى المبهر للوزير أبو الغيط يسجل شهادة حق تؤهله وبجدارة لقيادة الجامعة العربية لا سيما مع التحديات غير المسبوقة التى تواجهها. وبالتالى سيكون قادرا على إدارة هذه المنظومة وعلى تطويرها لكى تكون فاعلة وتخرج من دائرة العجز والانكماش. أبو الغيط ملم بكل القضايا، فعلى حين يتبنى سياسة ترتكز على تعميق العلاقات مع روسيا والصين نراه يتحدث عن ضرورة الاستمرار فى الانفتاح على القوى الغربية وتطوير العلاقات معها. ولكن لا ينسى الثوابت التى يتشبث بها، ففى الوقت الذى يؤمن فيه بضرورة عدم فقدان التعامل مع أمريكا، نجده يشدد على استخدام الحزم معها كلما ظهر أنها تتجاوز حدود العلاقة الصحية. ويطالب بالاستمرار فى توطيد وبناء علاقات استراتيجية مع الأطراف العربية والاستمرار فى الدفاع عن فكرة المصير المشترك فى مواجهة التهديدات الخارجية والتشديد على عدم السماح للقوى الخارجية بالتدخل فى الشأن العربى. ويظل أبو الغيط مسكونا بالوضع العربى والمصرى تحديدا، فيعرض لأزمة سد النهضة ويتحدث عما يحدث فى العالم العربى ويرى أن ما يسمى بالربيع العربى قد دخل الساحة لإضعاف الدول العربية، وأن القوى الخارجية لعبت من خلاله بمقدرات الدول العربية لإضعافها، ويرى أن أمريكا منذ 2005 شرعت فى دعم منظمات غير حكومية بأموال ضخمة فى الدول العربية لتنفيذ مخططاتها. وعندما يعرض لمصر فإن رؤيته الحكيمة ترتكز على أن مكانة مصر الدولية والاقليمية وفاعلية سياستها الخارجية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال نجاحها فى تأمين منظومة كاملة من النجاحات فى الداخل حتى يكون لمصر فاعليتها وقدرتها على التأثير فى محيطها العربى والاقليمى. ولا شك أن المهام التى ستناط بأمين عام الجامعة القادم لن تكون سهلة، حيث ستتصدرها تنقية الأجواء العربية ودعم التعاون العربى الافريقى والسعى الحثيث للحفاظ على الأمن القومى العربى وتعميق وإرساء دور ايجابى وملموس للجامعة حيال التطورات الجارية وإدانة الارهاب. ولهذا أقول إن الوزير أبو الغيط هو أهل لها، فهو العروبى الوطنى حتى النخاع. ويكفى موقفه حيال سوريا الدولة، فهو مسكون بها وبضرورة الحفاظ عليها على أساس أن أمنها واستقرارها سيكون ضروريا للحفاظ على الأمن القومى العربى. وبالتالى فإن أبو الغيط سيكون مكسبا للجامعة، فهو الأقدر على قيادة السفينة إلى بر الأمان وعلى تحديد البوصلة وصولا إلى الهدف الذى ترنو إليه الأمة لا سيما مع الأزمات التى تسود المنطقة والصعوبات والتحديات غير المسبوقة فى التاريخ العربى.