لم يكن إسقاط الطائرة الروسية من قبل سلاح الجو التركي محض صدفة ، بل كان عملا مخططا ، روسيا التي انتهكت المجال الجوي التركي مرات عدة لم تتوقع غدرا من تركيا رغم خلافهما حول الوضع السوري ، ثمة أشياء عديدة أعطت تلك الثقة لموسكو، مذكرة التفاهم الأمريكية الروسية فيما يتعلق بضمان سلامة طلعات الطائرات العسكرية في سوريا ، والعلاقات الاقتصادية التركية الروسية ، وامتلاك روسيا قوة ردع هائلة ، كلها عوامل منحت روسيا تلك الثقة ، لكن اردوغان " المغرور " و بدعم مبطن من الناتو طعن موسكو من الظهر ، إسقاط الطائرة كان فرصة لقياس مدى ردة الفعل الروسية تجاه أي عمل استفزازي ورسالة من اردوغان إلى الداخل والخارج أنه لاعب أساس في المنطقة . بالتأكيد لن تنخرط موسكو في حرب مباشرة مع تركيا المدعومة من الناتو ، ولن ترد بذات الإسلوب داخل الأراضي التركية ، إلا أن إسقاط الطائرة الروسية هي هدية قدمها أردوغان إلى موسكو ، موسكو لن تكون في حاجة بعد اليوم إلى تقديم تبريرات لأي تعزيزات عسكرية لها في سورية ، فكل تعزيز بات مبررا ، لن تستطيع أمريكا والناتو وكل الأطراف المناهضة للتدخل الروسي في موسكو أن تفعل شيئا وهي ترى موسكو تعيد تموضع الطراد " موسكو " ليرابط قبالة سواحل اللاذقية ، لن يستطيع أحد أن يفعل شيئا أكثر من الإعراب عن القلق وهو يرى موسكو تدفع بمنظومتها الدفاعية المتطورة إس 400 إلى قاعدة حميميم الجوية ، شجب وإعراب عن قلق أو حتى التلويح بتزويد أوكرانيا ببعض الأسلحة هذا أقصى ما يمكن أن تفعله تلك الجهات وهي ترى سوريا الآن بين قبضة روسيا ، من الآن وصاعدا باتت سماء سوريا تحت الحماية الروسية ، لن تجرؤ تركيا على المغامرة بالزج بطائرتها في الأجواء السورية كما كانت تفعل من قبل ، كما أن روسيا ستكثف من ضرباتها لأنصار تركيا في سوريا وتحديدا " التركمان " ناهيك عن أنها ستقطع الحبل السري بين تركيا و داعش بقصف إمدادات البترول المتدفقة إلى تركيا عبر سوريا ، خسرت تركيا بهذا العمل كثيرا ، وألقت بكامل سوريا في قبضة الدب الروسي ، فلصالح من أسقطت الطائرة الروسية يا سيد أردوغان ؟