طائرة روسية تحطمت في حادث مروع لم تتبين أسبابه بعد، راح ضحيتها 224 قتيلاً روسياً علي أرض سيناء المصرية.. إذن هو شأن مصري روسي بحت، وأتفهم جيداً أن من حق روسيا وهي من تضررت من جراء الحادث، إتخاذ أي إجراء إحترازي لحين إنتهاء التحقيقات، ولكن ما لا أتفهمه هو موقف بعض الدول وإستباق التحقيقات بتصريحات شائكة، تهدف إلي طعن الإقتصاد المصري في قلب قطاع السياحة قبيل موسم الكريسماس. فعندما يخرج علينا كاميرون رئيس الوزراء البريطاني بتصريح يرجح سقوط الطائرة إثر إنفجار قنبلة وذلك قبيل إستقباله الرئيس السيسي في لندن، في لفته لا تليق وجعلت من زيارة الرئيس زيارة باهتة، فتُشعرك تصريحات كاميرون بأن جناح الطائرة الأيمن إرتطم بالجناح الشرقي لعاصمة الضباب لندن، وأصاب كاميرون نفسه، وعندما يشير الرئيس الأمريكي أوباما في حديثه لإذاعة كيرو ' بأن هناك إحتمال كبير لوجود قنبلة علي متن الطائرة، وبأنه يأخذ هذا الإحتمال ببالغ الجدية '، فتشعر وقتها بأن جناح الطائرة الأيسر إرتطم برأسه، وأطاح ببؤرة عبقريته لا سمح الله، وعندما يُعرب رئيس إتحاد شركات السياحة التركية عن أمل بلاده في زيادة تدفق السائحين الروس إليها بعد الحادث، فتشعر أن ذيل الطائرة إستقر في يده، وها هو يلوح به في شماتة وينادي السياح الروس في تدني دبلوماسي ما إستطاع إخفاؤه ولا يليق بمواقف الدول مع الدول. وعندما تتأمل هذه التصريحات، تشعر وبكل يقين بأنها لم تكن طائرة روسية، نعم لم تكن طائرة روسية، بل كانت ' طائرة العالم '.. الطائرة التي تطايرت أجزائها في مناطق متفرقة من العالم، وأصابت قادتها في رؤوسهم علي الأرجح.. الطائرة التي جعلت كل من لا شأن له بالحادث، يحشر أنفه في سياق التحقيقات، ويستبقها بسموم التصريحات، التي تهدف وفي الأساس إلي ضرب الإقتصاد المصري، مُستخدمة في ذلك ضغوط من نوع جديد، تشبه الحرب الباردة بين الإتحاد السوفيتي وأمريكا، حرب تعمل شِباكها علي إصطياد الوجع، حرب بائسة فشلت في زعزعة إستقرار وأمن مصر، وفشلت في إرضاخها لضغوط مديريها ومموليها وعبيدها، حرب يائسة أفشلتها إرادة أرض مصر وأهلها، ولم يبقي لديها سوي شِباك الخسة التي إمتهنت إصطياد المواجع. ولمن لا يعلم، مصر لا تسقط، ولا تلعب بورقة رابحة واحدة، ولديها من البدائل ما يهز شِباك الخسة ويفتتها في عقر بحورها، فالحادث الذي أصبح حديث العالم وعناوينه، طال من قبلنا الكثير من الدول، ومنهم من يؤجج مشاعر الخوف من الوضع في مصر بعد الحادث، وإذا نظرنا إلي مشهد قريب حدث في تونس الشقيقة، في 26 يونيو الماضي عندما إستهدف داعشي السياح الموجودين علي شاطئ مدينة ' سوسة ' وأفرغ طلقاته التي قتلت 38 سائح، وعلي رأسهم أبناء بريطانيا، لم نجد وقتها قرارات الإجلاء، ولم يُحظر الطيران من وإلي تونس، بل كانت تصريحات الدعم والمؤزارة في مواجهة الإرهاب هي السمة الغالبة. ولمن يدقق في المشهدين، ' الطائرة الروسية ' و ' سوسة ' سيدرك علي الفور حجم الضغوط والهجمة الشرسة التي تتعرض لها مصر الآن، وبعد قرارات بعض الدول بإجلاء سائحيها ووقف رحلاتها، سيدرك أين تُصنع شِباك الخسة، ومتي يتم ترويجها. وبيصطادوكي يا مصر بشباكهم من ناصية المواجع، وبيوزنوكي بكل شئ واجع، ونسيوا إنك إنتي بهية، ونسيوا إنك إنتي قوية، لا إحنا في برودنا إنجليز، ولا إحنا دولة حديثة باسبورها أخضر رخيص، واللي بيوجعنا نشقلبه وبنقلبه وبنزرعه فرحة جديدة في كل شئ حلو وراجع !