عندما قال أوسكار وايلد مقولته الشهيرة ' خلق الإنسان اللغة ليخفي بها مشاعره ' لم يكن يعلم وقتها، أنه سيأتي يوم ونفس ال لغة التي إستُخدِمت لإخفاء المشاعر، هي نفسها اللغة التي تُستخدم لجرحها الآن.. وعندما ذكر الجاحظ أن إسم الخفاش، يقع علي سائر طائر الليل، لم يكن يعلم بأنه سيأتي زمان، نهاره ظلام من خفافيش البشر. وما بين لغة ترشق حروفها كالسهام في عيون تحجرت، ونخوة تبلدت معانيها وتبعثرت، وبين خفافيش أحاطت غيرها بمستنقعات مظلمة، وتاجرت بالوهم، تاجرت بالألم، وتاجرت باللحم، وحتي الوطن منها ما سلم ! مزيج شاذ أفرز لنا فئة لا لون لها ولا رائحة، تهوي إسقاط المجتمع في كل ما هو مخالف لتقاليده، وتتفنن في إخراج المشاهد المؤلمة والمثيرة للجدل، ويلتف حولها زمرة من محبي الظلام، والعجيب في الأمر هو تلك الطريقة المستفزة لكل شعور إنساني حر، والتي يُطرح من خلالها قضايا المرأة تحديداً، وكأننا ندور في حلقة مغلقة، مركزها إمرأة تدور حولها مدارات وأزمنه، جميعها تبحث عن بلورة الفتن حتي تكسرها، إما بوجه خاص، أو علي كل الملء. فإمرأة التسعينيات التي زينت مشاهد وصور الإعلانات، حقق وجودها أرباحاً طائلة، فوجه المرأة دائماً سلعة رائجة، وعن زماننا الذي نعيشه، ما عاد الوجه وحده يكفي للتجارة، فتمادي من لا نعرف له بداية أو مدي، تمادوا في تجارتهم البخسة بقضايا المرأة ومشاكلها، فتُصفع إحداهن علي وجهها في عرض الشارع، وتصفعها الشاشات في عرضها، ولغة المهانة ملء السمع والعيون ! إلي متي ستظل المرأة مستباحة في كل واقع، أو حتي خيال؟ وكيف لمجتمع مازالت نسائه تُهان، أن يرقي ويرتقي لفضاءات التطور، وبلحق بركب النهضة والرخاء. وإذا كنا نتحدث عن قوانين لن تحل شيئاً، فالأولي بنا أن نفلتر أجواءنا من طيور جارحة، تخدش كل ما يقابلها علي طول الطريق، فهدفها واضح ومحدد، وهو أن تصل لنقطة النهاية، مهما كلف الأمر من خسائر، لا تعنيها طالما أنها لن تسقط لها ريشة واحدة.. ولن تُفقدها زهو الطريق. وحقيقة الأمر، لقد سئمنا من إطار مؤلم وصار شائعاً، وضعت فيه المرأة ضحية تُهان وتُستباح كرامتها من هنا وهناك، وعلي سبيل عرض الحقائق، تظهر علينا كطائر جريح تحكي حكايتها الحزينة، وتمطرنا الهواتف بسيل من إنتفاضات الشهامة والإحتواء. ولكن.. علي سبيل الحياء ! ألا تستحق المرأة، أن لا تُستباح قضاياها وتُعرض بتلك الصورة المهينة، كما هو واقع الحال، عند بعض جهابذة الظلام، ونكتفي بتسليط الضوء علي المشكلة ومتابعة الحلول، دون الوخز في مواطن الألم، فبعض المواجع لابد وأن تُختصر، وهذا هو خيطنا الرفيع بين عرض المشكلة، والإتجار بها. المرأة في إعلامنا، عنوان يحمل في طياته الكثير من المعاصي التي إرتُكبت، ومازالت تُرتكب في حق المرأة، عنوان مازال يبحث عن طوق نجاة، يطفو بها فوق مستنقع مظلم، حُفِر لها عن عمد، ويأخذها بعيداً عن شاطئ مبهم، هو في الأصل دوامة، تسعي لتعريتها بالكلمات، وتكسيها بإحتواء زائف !