أكد د.محمد أبو الفضل بدران الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة أن المجلس الأعلي للثقافة أنشيء في عام 1956 في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي كان حريصا علي أن تتبوأ مصر الريادة الثقافية وان تصل الثقافة للجماهير مضيفا ن أختيار ثروت عكاشة وزيرا للثقافة في هذه الفترة وما أنجزه, يدل علي أن هذا الأختيار كان جزءاً من توجه ناصر المثقف الذي كان قارئاً ونهِماً للكتب، ويعي حركة التاريخ ودور مصر الريادي الثقافي، مشيرا إلي ان ناصر اّنذاك كان شاباً صغيراً ويقود دولة في حجم مصر بكل التحديات التي كانت في عصره لكنه أهل مصر أن تتبوأ الدورالثقافي الرائد, جاء ذلك أثناء ندوة ' عبد الناصر والثقافة' والتي أُقيمت بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلي للثقافة وشارك فيها المؤرخ د.عاصم الدسوقي, الإعلامي محمد الخولي, والأديب الكاتب يوسف القعيد, الناقد الشاعر شعبان يوسف, وأدارها المؤرخ الكاتب محمد الشافعي, بحضور جماهيري كبير ولفيف من كبار النخبه المثقفة والمفكرين والكتابوالأدباء. وأضاف بدران أننا عندما نتمعن في حركة التاريخ نجد أن بعض أخطاء عبد الناصر في نظر معارضيه صارت إحدي مزاياه في عالمنا المعاصر عندما ننظر اليوم الي ما يحدث في موقعنا العربي، وأن القرارات الصعبة لايصنعها إلا من كان في حجم جمال عبد الناصر الذي اهتم بالتعليم وأنشأ جامعة أسيوط التي تفرعت الاّن الي ثماني جامعات, وأن السد العالي قد غير البنية الثقافية في مصر, مشيراً إننا أبناء ثورة يوليو التي أوجدت ثورتي 25 يناير و30 يونيو وأن الجماهير الواعية التي حملت صورة عبد الناصر تعي أن التاريخ لايمكن أن ينسي الخالدين, وختم حديثه بقصيدة شعرية لنزار قباني تقول ' وآخر قنديل زيت يُضِيء لنا في ليالي الشتاء.. لماذا قدمت إلينا فمثلك كان كثيرا علينا' وقال الدسوقي أن عبد الناصر إنحاز لوسطية الثقافة المصرية ورفض الإنحياز للتطرف سواء لليمين المتمثل في الاخوان المسلمين أو اليسار الشديد المتمثل في الحركة الشيوعية, مستعرضا تاريخ جمال عبد الناصر ابن الثقافة المصرية الذي ألغي المحاكم الشرعية والملية في سبتمبر 1955 وحول كل القضايا المعروضة الي المحاكم المدنية في 1956, واضاف الدسوقي بأن جورج فوشيه عندما دخل الكلية الحربية طلب أن يطلع علي فهارس الإعارات بالمكتبة, فوجد أن استعارات عبد الناصر للكتب كانت تركز علي فكرة الكتب التي تتناول التاريخ والاستراتيجيات والأقتصاد السياسي والجغرافيا السياسية والشخصيات الأبطال, وان هذه القراءات شكلت لدي عبد الناصر رؤية معينة للاحداث القائمة في وقتها, لذلك فهو تعبير واضح عن المثقف الذي يعرف كل شيء عن شيء ويعرف شيئا عن كل شيء. وأشار الخولي الي أن عبد الناصر استفاد من التجربة الثقافية في فترة الثلاثينات والاربعينات وأنه الزعيم المصري الوحيد الذي تقدم لشعبه في بداية حكمه بكتاب 'فلسفة الثورة ' الذي أكد فيه علي الدوائر الثلاثة العربية والأفريقية والأسيوية, محاولاً أن يعرف مضمون كل القوي السياسية ولكنه رفض الأحزاب الأقلية لانها تابعة للقصر الملكي والإحتلال الإنجليزي وقد عُرض عليه أن يكون رئيساً مدي الحياة, فرفض وقال إن الحياة بيد الله. وقد تحدث القعيد عن بعض الروايات علي لسان هيكل ونجيب محفوظ أهمها عندما طالب جمال سالم بإعدام الملك فاروق فرفض عبد الناصر وقال أقرأ رواية قصة مدينتين لتشارلز ديكنز التي تؤكد علي أن الثورة التي تبدأ بالدم لاتنتهي إلا بالدم, كما تحدث عن محاولة عبد الحكيم عامر اعتقال توفيق الحكيم بعد مسرحية السلطان الحائر فرفض جمال وقال له أن الحكيم كتب يوميات نائب في الأرياف أيام الملكية وتركوه, فهل تريد أن نعتقله ونحن في الثورة, مشيراً بأن هيكل كان يقوم بتجميع كل ما كان يكتبه عبد الناصر من أوراق ويوميات مدون عليها بعض أبيات الشعر, وأن كتاب فلسفة الثورة الذي كلف به فتحي رضوان أن يكتب صياغته النهائية لم تنل إعجابه, فطلب من هيكل أن يقدم صياغة أخري وهي التي نُشر بها الكتاب. وقد تطرق شعبان في حديثه الي كتاب رواية 'في سبيل الحرية' التي كتب فكرتها عبد الناصر في مرحلة مبكرة من حياته, وتم عمل مسابقة لكتابة هذه الرواية وتقدم لها أربعون أديبا فاز بالمركز الأول عبد الرحمن فهمي وتحولت هذه الرواية الي مسرحية ثم سيناريو فيلم كتبه علي الزرقاني ولكنه لم ير النور حتي الاّن. وأضاف الشافعي أن الهدف من إقامة ندوة 'عبد الناصر والثقافة' ليس استنساخ تجربة عبد الناصر الثقافية, ولكن استلهام لهذه التجربة العظيمة, وأن كل البنية التحتية للثقافة المصرية أُنجزت في عصر عبد الناصر الذي جعل من الثقافة أحد اّليات مقاومة الإرهاب والتطرف مع شرعية الانجاز والعدالة الإجتماعية, أن التجربة العظيمة للثقافة المصرية قامت علي اساس الشباب صاحب الرؤية والكفاءة مثل ثروت عكاشة وتلاميذه وسعد وهبه ومحمد غنيم وعمر البرعي وعز الدين نجيب. أعقب ذلك فتح باب النقاش حيث شارك أكثر من 20 من الحضور بمداخلات منها استكمال متحف جمال عبد الناصر الذي يجمع مقتنياته, توثيق أعمال هذه الندوة لكي تكون مرجعا للباحثين , عودة وافتتاح متحف أحمد عرابي, أن تجوب هذه الندوات كل المحافظات