حضر سامح شكري، وزير الخارجية نيباة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الإثنين، في افتتاح معرض 'أوزيريس.. مصر وكنوزها '. وقد ألقي شكري كلمة في الإفتتاح، جاءت كالتالي : فخامة الرئيس 'فرانسوا أولاند' السيد 'جاك لانج' رئيس معهد العالم العربي السيد 'فرانك جوديو' السادة أصحاب المعالي والسعادة السيداتُ والسادة، الحضور الكريم إنها لسعادة غامرة لي أن أشارك معكم اليوم في فعاليات افتتاح معرض 'أوزيريس، مصر وكنوزها المغمورة'، وهو المعرض الاستثنائي الذي ينظمه معهد العالم العربي، بالتعاون مع جمهورية مصر العربية، والذي يتضمن مجموعة فريدة من الآثار التي توصلت إليها عمليات التنقيب البحري التي أجريت علي مدار السنوات الماضية في خليج أبي قير أمام سواحل الإسكندرية بقيادة عالم الآثار الشهير 'فرانك جوديو'، بالإضافة إلي تشكيلة نادرة من المقتنيات الأثرية التابعة لعدد من كبريات المتاحف المصرية. يأتي انعقاد هذا المعرض تجسيداً لوشائج الصداقة الفرنسية المصرية علي مر العصور، وتعبيراً عن العلاقات المتميزة التي تربط بين البلدين علي المستويين الشعبي والرسمي، كما أنه يأتي في وقت غاية في الأهمية تسير فيه مصر بخطوات ثابتة وواثقة نحو تحقيق نهضة حقيقية في شتي المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مستلهمة تاريخها العريق وتراثها المجيد من أجل استشراف مستقبل مشرق لشعبها وأمتها عازمة علي خوض معركة البناء والتنوير بالاعتماد علي سواعد أبنائها الأبرار ودعم شركائها الأوفياء، وعلي رأسهم فرنسا. السيدات والسادة، ينعقد هذا المعرض كذلك في ظل تحديات متنامية تواجهها منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك تحدي الحفاظ علي التراث الثقافي والحضاري الغني الذي يرجع إلي آلاف السنين، سواء في مواجهة أعمال نهب الآثار والاتجار غير المشروع فيها من قبل شبكات الجريمة المنظمة، أو في مواجهة عمليات التخريب والتدمير المتعمد التي ترتكبها الجماعات الإرهابية، وهي التحديات التي حدت بمصر لاستضافة مؤتمر الممتلكات الثقافية تحت التهديد في القاهرة في مايو الماضي، والذي كان أول مؤتمر علي مستوي العالم لمناقشة الجرائم التي ترتكب ضد التراث التاريخي لمنطقتنا مهد الحضارات الإنسانية، وذلك بالتعاون مع منظمة اليونسكو، تلك المنظمة التي يربطها بمصر وتراثها علاقات طويلة منذ حملة إنقاذ آثار النوبة من الغرق وحتي الآن. وأنتهز هذه الفرصة لأعرب عن صادق امتناني للمبادرة التي أطلقها فخامة الرئيس 'فرانسوا أولاند' مؤخراً بتكليف متحف 'اللوفر' ببلورة مقترحات لحماية الممتلكات الثقافية في حالات النزاع المسلح بالتعاون مع منظمة 'اليونسكو'. إن تلك المبادرة لهي دليل إضافي علي مدي تقارب الرؤي بين فرنسا ومصر إزاء المخاطر التي تهدد أمن منطقة الشرق الأوسط وتراثها، وهي المخاطر التي اخترنا أن نجابهها سوياً، اقتناعاً منا بأن التطرف والإرهاب لا يمكن أن ينتصرا في النهاية، وإيماناً منا بأن البناء والانفتاح هما أفضل السبل لدحر قوي التخريب والظلام ورفض الآخر. السيدات والسادة، إنني في حل من الحديث أمام هذا الحضور الكريم من رجال سياسة وفكر وأدب وفن فرنسيين عن الحضارة والتراث المصري القديم، فالفرنسيون كما عهدناهم منذ عقود طويلة شديدو الولع بالحضارة الفرعونية وواسعو الدراية بالتاريخ المصري القديم، ليس فقط لأن المناهج الدراسية في المؤسسات التعليمية الفرنسية تتضمن شرحاً وافياً لهذا التاريخ، وإنما كذلك لأن المواطن الفرنسي المحب للترحال والمغرم بالمعرفة إنما تقوده بوصلته بشكل تلقائي إلي أرض الفراعنة مهد الحضارة الإنسانية، وهو يعرف تلك الحضارة عن ظهر قلب ويقدرها تقديراً كبيراً. وفي المقابل، أرجو أن تسمحوا لي أن أتوجه بجزيل الشكر لمعهد العالم العربي، الذي يمثل عن حق جسراً ثقافياً متميزاً بين فرنسا والعالم العربي، والذي اجتهد منذ إنشائه لإبراز التراث والثقافة المصرية بمختلف أشكالها، وعصورها، جنباً إلي جنب مع ثقافات عالمنا العربي الثرية، وها هو مرة أخري يؤكد دوره الرائد في هذا المجال، بحضور قوي من رأس الدولة الفرنسية، ورعاية ثمينة من مجتمع الأعمال في فرنسا وفي مصر، وتغطية واسعة من وسائل الإعلام المحلية والدولية، مما يكفل لهذا المعرض نجاحاً مبهراً وحضوراً جماهيرياً غفيراً. ولا يفوتني أيضاً أن أتوجه بالشكر للسيد 'فرانك جوديو' عالم الآثار الجليل الذي أسهم بعمله وعلمه علي مدار العقود الثلاثة المنصرمة، علي رأس فريق المعهد الأوروبي للآثار البحرية، في تحقيق اكتشافات غاية في الأهمية أضفت الكثير علي ثراء التراث المصري القديم، وبما بات أشبه بتقليد فرنسي علي مستوي الإسهام في تعريف البشرية بحضارتنا المصرية، كما أتوجه بالشكر لكل من وزارتيّ السياحة والآثار المصريتين والمتاحف المصرية علي إسهامهم القيم في إنجاح هذا المعرض وإخراجه بصورة مبهرة. السيدات والسادة، إن مصر التي وصفها 'برستد' بفجر ضمير الإنسانية، صاحبة الهوية الفريدة، ستظل متنوعة الثراء ومصدر الإشعاع الحضاري لمنطقتها بل ولعالمها بأسره، وإن كانت عبقرية موقع مصر قد ساهمت في نشر حضارتها وثقافتها، فإن إبداع مواطنيها كان وسيظل مصدر هذا الإشعاع وروحه، وإنجازات شعبها كانت وستظل مصدر إبهار وإلهام للبشرية، فها هو الشعب المصري العظيم الذي أبي لأقدم دولة مركزية عرفها التاريخ أن تسقط، مدافعاً ليس فقط عن وطنه وإنما عن منطقته برمتها، ينتهي لتوه من تحقيق أحدث إنجازاته لمصر وللعالم، ألا وهو قناة السويس. وكما كانت فرنسا حاضرة في مصر وضيف شرفها في حفل افتتاح القناة الجديدة منذ شهر مضي، فإن مصر حاضرة اليوم في فرنسا من خلال هذا المعرض الاستثنائي، والذي وصفه البعض بأنه الأهم والأبرز في الموسم الثقافي الجديد في فرنسا، مما يعكس عمق الروابط التاريخية بين مصر وفرنسا، وثراء علاقات الصداقة التي تربط بين الشعبين المصري والفرنسي. السيدات والسادة، في ختام كلمتي، أتوجه إليكم بالشكر علي حُسن الاستماع، وأتمني لكم زيارة طيبة للمعرض.