كان جمال حمدان صاحب السبق في فضح أكذوبة، أن اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، وأثبت في كتابه 'اليهود أنثروبولوجيا' الصادر عام 1967، بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلي فلسطين، ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلي إمبراطورية 'الخزر التترية' التي قامت بين 'بحر قزوين' و'البحر الأسود'، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات 'آرثر كوستلر' مؤلف كتاب القبيلة الثالثة عشرة الذي صدر عام .1976 ويعد جمال حمدان واحداً من ثله محدودة للغاية من المثقفين المسلمين، الذين نجحوا في حل المعادلة الصعبة المتمثلة في توظيف أبحاثهم ودراساتهم من أجل خدمة قضايا الأمة، حيث خاض من خلال رؤية استراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة، لتفنيد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني في فلسطين. جمال حمدان كان سباقاً في هدم المقولات الإنثروبولوجية التي تعد أهم أسس المشروع الصهيوني، حيث أثبت أن إسرائيل كدولة ظاهرة استعمارية صرفة، قامت علي إغتصاب غزاة أجانب لأرض لا علاقة لهم بها دينياً أو تاريخياً، مشيراً إلي أن هناك 'يهوديين' في التاريخ، قدامي ومحدثين، ليس بينهما أي صلة أنثروبولوجية، ذلك أن يهود 'فلسطين التوراة' تعرضوا بعد الخروج لظاهرتين أساسيتين طوال 20 قرناً من الشتات في المهجر خروج أعداد ضخمة منهم بالتحول إلي غير اليهودية، ودخول أفواج لا تقل ضخامة في اليهودية من كل أجناس المهجر، وأقترن هذا بتزاوج واختلاط دموي بعيد المدي، انتهي بالجسم الأساسي من اليهود المحدثين إلي أن يكونوا شيئاً مختلفاً كلية عن اليهود القدامي. في وقت كان الصهاينة يروجون لأنفسهم كأصحاب مشروع حضاري ديمقراطي وسط محيط عربي إسلامي متخلف، لم تخدع تلك القشرة الديمقراطية الصهيونية المضللة عقلية لامعة كجمال حمدان، كما أنه لم يستسلم للأصوات العربية الزاعقة التي لا تجيد سوي الصراخ والعويل، واستطاع من خلال أدواته البحثية المحكمة ان يفضح حقيقة إسرائيل، مؤكدا 'أن اليهودية ليست ولا يمكن أن تكون قومية بأي مفهوم سياسي سليم كما يعرف كل عالم سياسي، ورغم أن اليهود ليسوا عنصراً جنسياً في أي معني، بل 'متحف' حي لكل أخلاط الأجناس في العالم كما يدرك كل أنثروبولوجي، فإن فرضهم لأنفسهم كأمة مزعومة مدعية في دولة مصطنعة مقتطعة يجعل منهم ومن الصهيونية حركة عنصرية أساساً '. واعتبر حمدان أن وجود إسرائيل رهن بالقوة العسكرية وبكونها ترسانة وقاعدة وثكنة مسلحة، مشيرا إلي أنها قامت، ولن تبقي وهذا تدركه جيداً إلا بالدم والحديد والنار، لذا فهي دولة عسكرية في صميم تنظيمها وحياتها، ولذا أصبح جيشها هو سكانها وسكانها هم جيشها.