أكد جون كيري وزير الخارجية الامريكي أنه رغم توقيع الاتفاق النووي مع طهران فإن بلاده جادة في سعيها ل'صد' إيران في المنطقة. وكشف كيري في الحوار الذي أجرته معه عبر الهاتف صحيفة 'الشرق الأوسط' الدولية في طبعتها السعودية عن أن لقاءه المرتقب يوم 3 أغسطس المقبل مع نظرائه في مجلس التعاون الخليجي في الدوحة يهدف إلي إطلاعهم علي 'كافة تفاصيل الاتفاق النووي'، بالإضافة إلي التنسيق معهم حول استراتيجية ل'صد تحركات إيران غير المشروعة في المنطقة'. وشدد كيري في الحوار الذي تمحور حول الاتفاق النووي الإيراني بعد أيام من إبرامه في فيينا علي أن المرحلة المقبلة ستشهد تنسيقا بين واشنطن وحلفائها الخليجيين ل 'ضمان أمن المنطقة'، ولفت إلي أن 'الأولوية الأولي مكافحة تنظيم داعش.. ومواجهة المتطرفين في المنطقة وضمان شعور حلفائنا وأصدقائنا بأمان أكبر'. وبحسب الصحيفة كان كيري حازما في إجاباته حول إيران، مكررا خطابه الذي وجهه في جملة من المقابلات مع وسائل الإعلام الأمريكية منذ التوقيع علي الاتفاق النووي في 14 يوليو الحالي بأن الاتفاق هو أفضل خيار لمنع مواجهة عسكرية أو سباق تسلح. وشرح جون كيري سياسة الإدارة الأمريكية تجاه طهران، مؤكدا أن واشنطن 'لم تغير شيئا' في تلك السياسة رغم فتح قنوات اتصال للمرة الأولي بين البلدين منذ أكثر من 3 قرون. وأكد كيري أن 'إيران ستبقي معزولة بسبب دعمها للإرهاب، وبسبب دعمها لتجارة السلاح ودعمها للحوثيين ودعمها لحزب الله 'اللبناني'، فحزب الله منظمة إرهابية، وما داموا يدعمونها سنصدهم، وسنصد التحركات التي تدعمها 'إيران' في دول أخري'. وحرص كيري علي التوضيح بأن بلاده لا تنسق مع إيران في العراق، رغم أنه اعتبر أن أي طرف يواجه 'داعش' أمر يساعد في الحرب ضده. وردا علي سؤال حول الاتفاق النووي مع ايران وما مدي ثقته في أنه سيكون راسخا؟، قال كيري 'ما دام يتم تطبيقه، وإيران تتخذ الخطوات الضرورية للالتزام، سيكون راسخا، مضيفا ' لن نذهب إلي أي مكان، وأعتقد أننا سنقنع الكونجرس بأنه 'الاتفاق' أمر جيد لأمن الولاياتالمتحدة وجيد للمنطقة وسيحمي المنطقة من سباق تسلح، كما سيمنع إيران من تأمين سلاح نووي، وأعتقد أن ذلك يجعل إسرائيل ودول الخليج والجميع أكثر أمنا'. وأضاف 'إذا لم يتم التوصل إلي هذا الاتفاق، فورا سنكون أمام مواجهة، لأن إيران كانت ستقول: 'جئنا إلي طاولة المفاوضات وأنتم رفضتم الاتفاق، والآن لسنا ملتزمين أمام أحد'. وبالمناسبة، كانت العقوبات ستنهار، لأن شركاءنا 'في نظام' العقوبات وافقوا عليها من أجل الوصول إلي الطاولة للتفاوض، ولو فشلنا في المفاوضات، كانوا سيتخلون عنها، فالواقع أن حينها كانت إيران حرة للسعي وراء أهدافها، ما عدا التدخل 'العسكري'، مما كان ربما أدي إلي نزاع، أو أن دولا أخري 'في المنطقة' تقول: 'ما داموا سيسارعون للحصول علي سلاح 'نووي'، فعلينا أن نفعل ذلك أيضا'. وتابع 'فكانت فرص حدوث سباق تسلح نووي أكبر بكثير من دون التوصل إلي اتفاق، مع إبرام الاتفاق، هناك قدرة كبيرة علي معرفة ما تقوم به إيران، ونجد إيران تحت قيود كبيرة، وهم يعيشون مع ضوابط علي مستوي تخصيب 'اليورانيوم' وقيود علي أعداد أجهزة الطرد المركزي ومخزوهم 'العسكري'. لا يمكن صناعة قنبلة 'نووية' مع مثل هذه القيود، ومع هذا النوع من التفتيش'. وردا علي تساؤلات حول تداعيات رفع العقوبات عن إيران وإنهاء 'عزلتها السياسية' علي أمن الشرق الأوسط قال كيري 'لا نتفق مع هذا الرأي.. لا نتفق لأن الواقع أن إيران ستبقي معزولة بسبب دعمها للإرهاب، بسبب دعمها لتجارة السلاح ودعمها للحوثيين ودعمها لحزب الله، حزب الله منظمة إرهابية، وما داموا يدعمونها فسنصدهم، سنصد التحركات التي تدعمها في دول أخري، السبب وراء قمة 'كامب ديفيد' 'التي جمعت بين الرئيس أوباما وقادة دول مجلس التعاون الخليجي في منتجع كامب ديفيد في مايو الماضي كانت لجمع الناس حول جهد نظامي لصد إيران'. وأضاف 'ففي الواقع، ميزانية إيران العسكرية 15 مليار دولار، ودول الخليج تصرف 130 مليار دولار سنويا، ماذا يحدث كي لا يظهر هذا الفرق في الميزانية من حيث الواقع علي الأرض؟ لأنه من الضروري أن تكون هناك جهودا أكبر لتدريب وتنظيم والعمل علي مكافحة الإرهاب والتواصل علي الأرض من خلال جهود مختلفة'. وتابع ' مقاتلات 'إف 16' لا تؤثر علي الدعم الخفي للإرهابيين. يجب أن يكون هناك جهد أكثر فعالية في مكافحة 'التصرفات الإيرانية'، وهذا ما نقترحه، نعتقد أن لدينا خطة أكثر فعالية وعلي الناس أن ينظروا نظرة ثاقبة للوقائع من دون هذه القيود 'علي إيران''. واستطرد 'من المستحيل أن تصنع إيران قنبلة مع قيود لخمسة عشر عاما علي التخصيب بنسبة 3.67 في المائة، ومن المستحيل ذلك مع 300 كيلوجرام من المخزون 'النووي'، والسؤال هو: هل الوضع أفضل مع 15 عاما من القيود، بدلا من المواجهة غدا؟ وعلاوة علي ذلك، لدينا قيود ب25 عاما علي تصنيعهم لليورانيوم وقيود مدي الحياة بسبب البروتوكول الإضافي والقدرة علي الوصول إلي ما يقومون به، هناك شفافية كبيرة ومحاسبة في هذه القضية، وسأتوجه إلي الدوحة خلال الأسبوعين المقبلين للقاء مع كل دول مجلس التعاون الخليجي، وأعتقد أننا سنستطيع إقناعهم بأنهم سيكونون أكثر قوة مستقبلا من خلال صدنا 'إيران' بطريقة أكثر كفاءة، بالإضافة إلي فرض القيود المذكورة'. وحول سياسة الولاياتالمتحدة من حيث التعامل مع إيران.. قال كيري 'لم يتغير شيء. لقد أوضحنا ذلك كليا، وقلنا ذلك. لم يتغير شيء. نحن نعارض الدعم الإيراني لحزب الله، نعارض دعمهم للحوثيين، نعارض تدخلهم في الميليشيات الشيعية في العراق، ونعارض دعمهم للإرهاب. لم يتغير شيء. لقد فاوضنا للتوصل إلي اتفاق نووي للسبب البسيط بأننا نؤمن بأنه إذا كنت ستصد إيران، فمن الأفضل أن تصد إيران من دون سلاح نووي بدلا من إيران مسلحة بالنووي'. وردا علي سؤال حول سياسة ايران في المنطقة وان هناك انفتاحا للتعامل مع ايران بعد توقيع الاتفاق النووي وهل سيكون هناك انفتاحا لمناقشة ذلك قال كيري 'ليس لدينا فكرة عن ذلك، ولن نتخيل القيام بذلك من دون حلفائنا، ومن دون وجودهم، ولقد قلنا لهم ذلك. وردا علي سؤال ' هل بإمكان الولاياتالمتحدة أن تجلب الطرفين إلي طاولة الحوار، هل تريد القيام ذلك؟ قال كيري لا أعلم، سيعتمد ذلك علي ما يريده حلفاؤنا، ويعتمد علي إذا كانت إيران ستفعل ذلك أم لا. ولكن هذا ليس موضوع هذه المفاوضات. الرئيس 'الإيراني حسن' روحاني أشار في تصريحاته حول الاتفاق إلي أنه علي استعداد لأن تكون هناك علاقة مختلفة 'مع دول الخليج'، ولكن هذا ليس ما تفاوضنا عليه. المفاوضات كانت حول قدرتهم النووية وحرمانهم منها. وردا علي سؤال ولكن بعد انتهاء المفاوضات، ما الخطوة المقبلة؟ قال كيري ' سنجلس مع حلفائنا وأصدقائنا، لن نتقدم بشكل لا يتناسب معهم أو لا يدعمهم. وردا علي سؤال هل تعتقد أنه من الممكن أن تكون لديكم علاقة بناءة مع الإيرانيين، خصوصا بعد إبرام الاتفاق ولقاءاته المتعددة مع ظريف؟ قال كيري 'الأمر ليس موضوع علاقات شخصية. إنها مسألة التفاوض في مفاوضات صعبة جدا والتوصل إلي اتفاق. بتفاوضنا بنية حسنة. وكان بإمكاننا أن نبقي الأجواء بناءة جدا حتي عندما احتدم النقاش، كانت هناك نقاشات عدة محتدمة. ولكننا اعتقدنا أنه من الضروري أن نبقي الأجواء بناءة. ولكن الهدف لم يكن بناء العلاقات، الهدف كان بناء الاتفاق. وردا علي سؤال علي الصعيد الشخصي، ماذا يعني الاتفاق لك؟ قال كيري ' أعتقد في حال تنفيذه، وأركز علي هذه النقطة، سيكون هذا الاتفاق تاريخيا، فقد قررت دولة أن تتفاوض طوعا لعدم صناعة سلاح نووي. هذا أمر في غاية الأهمية. أعتقد أنه في حال تم تطبيقه، هذه هي الأهمية، عدم صناعة سلاح نووي. بالطبع، الزمن سيختبر ذلك، ولكننا سنكون علي بينة. إذا حاولوا أن يطوروا سلاحا نوويا، هذا الاتفاق يعني أننا سنعلم، وسنكون في الوضع الذي نحن عليه الآن، قبل أن يتم تطبيق الاتفاق. ففي الواقع، هذه فرصة، فرصة للمنطقة، وفرصة لنا وللإيرانيين أن نكون علي مسار مختلف، الذي قد يفتح الباب لاحتمالات أخري، وقد لا يحدث ذلك. ليس لدينا الإجابة عن ذلك بعد'. وردا علي سؤال حول الاولوية المقبلة بعد الاتفاق قال كيري إن 'الأولوية المقبلة ضمان أن يفهم أصدقاؤنا وحلفاؤنا كليا هذا 'الاتفاق'، وأنه سيساعد علي 'ضمان' أمنهم، وأننا موجودون لضمان ما قلناه في السابق من حيث إمكانية صد 'إيران'، وأنه بإمكانهم الاعتماد علي الولاياتالمتحدة لتكون جزءا من الأمن الطويل الأمد والدفاع عن المنطقة. وردا علي سؤال 'هذه كانت رسالتكم في قمة 'كامب ديفيد'، والرئيس أوباما قال ذلك تكرارا وأنتم أيضا قلتم ذلك تكرارا. ولكن الشكوك ما زالت قائمة، هل الأمر يعود لانعدام الثقة في الولاياتالمتحدة؟ قال كيري ' لا، أعتقد أن هناك مصادر قلق يمكن تفهمها. الناس غير متأكدة، وواجبنا أن نجعلهم أكثر ثقة. علينا أن نضاعف الوقت والجهود المبذولة لضمان معرفة الآخرين ما يحدث. الاتفاق بناء وحقيقي، وسيكون له تأثير في حياتهم. نحن لا نعبث في هذه المسألة، القضية جدية وتتعلق بأمنهم، وعليهم أن يعلموا بكل تأكيد ما يحدث، وسنتأكد من حدوث ذلك'. وحول مقولته بان إيران دولة راعية للإرهاب، وهذا الموقف الرسمي للولايات المتحدة بناء علي القانون. ولكن هل ما زلت تؤمن بذلك أم هذه فقط 'صفة تقنية'؟ قال كيري 'لا، الأمر ليس فقط تقنيا، فهم يدعمون حزب الله ويدعمون أعداء آخرين. إنهم يدعمون الحوثيين، والحوثيون يطلقون صواريخ باتجاه السعودية، وهم يدعمون أناسا توجهوا إلي السعودية وقاموا بتفجيرات. لقد دعم الحرس الثوري الإيراني أعمالا إرهابية، بما فيها هجوم عام 1996 علي أبراج الخبر. إنه أمر جدي'. وحول خيارات التعامل مع هذا الإرهاب؟ قال كيري 'هناك خيارات كثيرة. بالطبع زيادة جمع المعلومات الاستخباراتية، وزيادة تبادل المعلومات، وزيادة القدرة علي اعتراض 'العمليات'، منع تدفق هذه الأسلحة. هناك جملة من العمليات التي نقوم بها'. وحول عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وهل من الممكن توقع عودة التركيز علي جهود إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط؟ قال كيري 'ما زالت أولوية كبيرة. مكافحة 'داعش' الأولوية الأولي حاليا، ومواجهة المتطرفين في المنطقة وضمان شعور حلفائنا وأصدقائنا بأمان أكبر. هذه هي الأولوية الآن. بالطبع سنبقي مهتمين بالقضية السورية وقضية إسرائيل وفلسطين وقضية مكافحة التطرف الإقليمي. هذه كلها أولويات لنا. وحول رسالة يوجهها لدول الخليج قبل اجتماع الدوحة أن عليهم الشعور بالأمان، وأن بإمكانهم الاعتماد علي الولاياتالمتحدة؟ قال كيري 'الرسالة أن نطلعهم علي كل تفصيلة في الاتفاق، وأن نشرح لهم الاتفاق كليا كي يشعروا بأنهم يفهمونه كليا، وأن يدركوا لماذا يجعلهم أكثر أمنا ولا يعرضهم لمخاطر. الرسالة ليست فقط لإظهار تفاصيل الاتفاق لهم، بل كل الاستراتيجية حول كيف سنشترك معهم في صد كل العمليات غير الشرعية، إن كانت من إيران أو جهة أخري، والعمل معهم من أجل الدفاع والأمن المشتركين في المنطقة.