لشهر رمضان عبق خاص في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد دخلها الإسلام في بدايات ظهوره في عهد الرسول 'ص' عندما أفد عمرو بن العاص لنشر الدعوة في مناطق شرق الجزيرة العربية، ولهذا فإن الإسلام هو الدين الرسمي والوحيد لتلك الدولة، وتنتشر مذاهبه المختلفة في إماراتها، فالمذهب المالكي منتشر في أبوظبي، والمذهب الحمبلي بإمارة الشارقة، والمذهب الشافعي في أغلب باقي الإمارات السبع إضافة لوجود أقلية شيعية، واللغة العربية هي اللغة الرسمية ذات اللهجة الخليجية ثم اللغة الإنجليزية بعد استعمارها من بريطانيا حتي عام 1971 عندما نالت استقلالها، عدد السكان حوالي 8.264 مليون نسمة، تتميز بوجود الكثير من المساجد ومنها جامع الشيخ زايد في أبوظبي ومسجد دبي الكبير، ومسجد البدية الأثري بالفجيرة، ومسجد النور بإمارة الشارقة، ومسجد الشيخ راشد بعجمان، ثم مسجد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، كما تتميز تلك الدولة بتماسكها بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة كما يتميز شعبها بالجود والكرم وحب الضيافة والالتزام الديني بوسطيته واعتداله، وحب أهلها للشعر واللغة والحفاظ علي الهوية والتراث ولهذا فهي من أغني الدول في ثراء المظاهر الاحتفالية المرتبطة بالأعياد والمناسبات الدينية. وضمن تلك الاحتفالات يظل لشهر رمضان طابع مميز بسبب مظاهره الاحتفالية الكبيرة في هذا البلد الذي يستعد أبنائه منذ ليلة النصف من شعبان عندما يخرج الأطفال ليلا يطرقون البيوت ويطلبون الحلوي من أصحابها وهم يغنون وينشدون وتسمي تلك العادة ' بحق الليلة ' وعادة ما يتم استقبال أول رمضان بالفرحة الغامرة ويهنئ الناس بعضهم بمقولة رمضان كريم أو عساكم من عواده، ويحرص الناس علي أداء الصلاة في المساجد وبخاصة صلاة التراويح وتنتشر الألعاب النارية ليلا، فبعض المساجد يصلون التراويح 8 ركعات وبعضها يصليها 21 ركعة وتقام المناسبات الدينية ويتم دعوة الكثير من المشايخ والعلماء من بلدان العالم الإسلامي لقراءة القرآن وتلقي الدروس الدينية، ومما يعطي لرمضان تنوعه هو وجود الكثير من أبناء الجاليات العربية والإسلامية مما يساعد في إضفاء وإسراء العادات الرمضانية الخاصة بمظاهر العبادة ومظاهر الاحتفال والإفطار، ولهذا فإن الإمارات تتميز بإسلامها المعتدل مما يعطي الفرصة لبقاء العادات الأصيلة والطيبة عبر المناسبات الدينية، فمازال الشعب الإماراتي محافظ علي عاداته الرمضانية، وإن اختلفت من إمارة لأخري ومنها أن إمارة الشارقة تتميز بتمسكها بالعادات والتقاليد التراثية الإسلامية والتمسك بالجذور القديمة كما أن أبناء الحي الواحد يجتمعون للإفطار داخل الخيم الرمضانية التي تنتشر بغرض الإفطار، والترفيه والألعاب وتناول الدروس الدينية وعرض ألوان وفنون من التراث الإماراتي، وبعضها يقدم بعض المنتجات التي تلقي رواجا ليلا بعد أداء صلاة التراويح، كما يتم نصب الخيام علي الشواطئ للترويح عن النفس بعد انتهاء العبادة، وتقوم المساجد بفتح أبوابها للمصلين وتقدم موائد الرحمن وبخاصة للفقراء وأصحاب العمالة المحدودة الدخل من الجاليات الأجنبية، كما تقدم محطات الوقود علي الطرق الكثير من الوجبات الرمضانية المجانية للعابرين مع تقديم المصاحف وشرائط القرآن والدعاء تقربا إلي الله في هذا الشهر، كما يقوم بعض الشباب بتقديم العصائر عند إشارات المرور والأماكن المزدحمة للصائمين الذين تعثروا في الوصول إلي بيوتهم، وليلا بعد العبادات تقام المهرجانات الرمضانية وتقوم المحلات ببيع الأطعمة والمشروبات، ومن الأطعمة الشهيرة عند أهل الإمارات يأتي الهريس في مقدمة الموائد ثم الثريد والأرز المكبوس والبرياني والعصيدة والبلاليط والمحلي، والغميلي والرقاق ثم التمر والحليب والعصائر بكل أنواعها إضافة لأكلات الجاليات الأجنبية حيث تجد الحلويات والأطعمة الهندية والباكستانية والمصرية والشامية كالكنافة ولقمة القاضي والجيلي وتكسر الزيارات بين الأسر خلال هذا الشهر كما تقام الوجبات الخيرية بسبب ثراء هذا البلد وجوده وكرمه ومساهمة الأمراء في البذخ والجود والكرم علي الفقراء والمحتاجين خلال هذا الشهر، كما يتم الاحتفاء بهذا الشهر عن طريق الهيئة العامة للشئون الإسلامية، ومما لاشك فيه أن هذا البلد تجد لشهر رمضان طابع خاص يستحق من القادرين الذهاب ولو لمرة لقضاء أيام في تلك الدولة الكريمة والمضيافة والمحبة للعرب وللإسلام.