لاشك أن 'أدولف هتلر' يُعَد واحدًا من أعتي الطغاة وأكثرهم شرًا عبر كل الأزمان، فهو مَن كتب بيده أحد أخطر فصول التاريخ بدماء عشرات الملايين من البشر ضحايا عنصريته التي أسس عليها حزبه النازي في القرن الماضي. لذا نري أحفاد الضحايا في كل مكان- علي اختلاف أجناسهم، وانتماءاتهم- يطاردون سيرة 'هتلر' بعد أن لاذ هو بالانتحار فرارًا من انتقامهم، ولا يملكون في ذلك إلا المطالبة بالثأر المعنوي كأقل تقدير، وهو ما يفسر احتدام غضبهم تجاه أي عمل فني من شأنه تخليد ذكري 'هتلر'. ففي عام 8002 قام متحف 'مدام توسو' بافتتاح فرعه الجديد ببرلين والذي ضم 57 تمثالًا شمعيًا لكبار مشاهير التاريخ، ومن بينهم 'أدولف هتلر' مما أثار استنكار الكثيرين باعتبار هذه الخطوة بمثابة تحدي لمشاعر كل البشر حول العالم وخاصة اليهود، بالإضافة إلي كونها- من وجهة نظرهم- محاولة لتجميل الوجه الدميم لتلك الحقبة، فضلًا عن رفضهم من الأساس لوجود 'هتلر' بين شخصيات قدمت للبشرية العديد من الإنجازات. إلا أن 'سوزانا كيلر' المديرة الإدارية للمتحف أوضحت أن التمثال يحتل مساحة أربعة أمتار مربعة فقط لا غير من إجمالي المساحة الكلية التي تبلغ 0052 متر مربع.. وأنه يوجد لهتلر تمثال آخر بمتحف 'توسو' بلندن منذ عام 0391 تم تجسيده علي هيئة رجل مُهاب، إلا أننا في برلين تعمدنا أن يبدو 'هتلر' شاحب الوجه، منهارًا، تكسو وجهه ملامح كسيرة، ينظر باستسلام وهو جالس خلف مكتبه في الملجأ الذي قضي به أيامه الأخيرة، وعلي الحائط بجواره خريطة لأوروبا التي ارتكب كل تلك الفظائع من أجل التهامها.. وعلي الجدار المقابل ظهر جنود الجيش الأحمر السوفيتي من الجبهة الشرقية، ومعهم جيوش الحلفاء من الناحية الغربية، والجميع يزحفون نحو برلين. وإمعانًا في إبراز الانحياز ضد 'هتلر' وتأكيد جرائمه، وضعت إدارة المتحف بالقرب منه تمثالًا شمعيًا لفتاة تُدعي 'صوفي شول' وهي إحدي الذين تم تعذيبهم بمعسكرات الإبادة النازية، بالإضافة إلي صور لأعضاء بمنظمة 'الوردة البيضاء' التي كانت تقود المقاومة الشعبية المناهضة لهتلر. ومن باب الاحتياط فرضت الإدارة رقابة خاصة علي التمثال عبر عدة كاميرات، كما وضعت بجانبه لوحة مكتوبًا عليها: 'زوار متحف 'مدام توسو' الأعزاء، يمكنكم لمس التماثيل المعروضة، والتقاط الصور معها.. إلا تمثال ' هتلر' فيُحظَر لمسه، أو تصويره، وذلك مراعاةً لمشاعر بعض الزوار، واحترامًا للملايين الذين قُتِلوا خلال الحرب العالمية الثانية.. شكرًا لتفهمكم'. ورغم كل تلك التبريرات والتوضيحات، والصرامة الهائلة في مراقبة التمثال، فبمجرد أن فتح المتحف أبوابه قام مواطن ألماني بمباغتة الجميع، وقطع رقبة التمثال تعبيرًا عن احتجاجه قبل أن تقوم الشرطة بالقبض عليه. وفي العدد القادم سنتناول حكايات عن تماثيل أخري لهتلر اللعين، ونعقد المقارنة بينها وبين تمثال فرعون المسكين. moc. liamtoh@ruosnamdeugam