الأبنودي.. و'نومة جمال عبد الناصر'!

برحيل 'الخال' عبد الرحمن الأبنودي.. أكبر شعراء العامية.. اكتملت دائرة الحزن النبيل بعد نحو خمس سنوات من رحيل 'العم' محمد عفيفي مطر.. أكبر شعراء الفصحي، وهكذا فقد الإبداع 'شمسه الأبنودية' التي لا تغيب. وقد شاء الله أن أحظي بالاقتراب من 'العم' مطر في سنواته الأخيرة، وفي إحدي حواراتنا القاهرية سألته يوماً عن شاعر عامي كبير اشتهر بسبّه للأخرين، فرد مطر عليّ بمفاجأة:'آخره.. زجّال'؟!. ولكن حين سألته عن الأبنودي، رد منطلقاً:'شاعر في المطلق'.
'1'
أصاب الأستاذ هيكل كبد الحقيقة في مقدمته ل'المربعات' حين وصف الأبنودي بأن له 'جاذبية مغناطيس يشد ما حوله'، فهو الصوت المعبر عن وجدان أجيال متعاقبة.. حباً علي حسب وداد، ووطنيةً بعدي النهار.. ويكفي أن كلماته كانت التعبير الأصدق عن وجدان الثورات المصرية الثلاث: يوليو- يناير- يونيو.
في إحدي 'مربعاته' إبان حكم عصابة الإخوان، كان الأبنودي دائماً باعثاً للأمل في النفوس، مبشراً بزوال الغمة، وعودة الفجر إذ يقول: 'ماهُو اللّي راح.. زيّ اللِّي أَتَي/ العِلَّة تِتْدَاوَي.. بِالكَيّ/ تَبِّتْ في أوطانك يا فَتَي/ الفَجْر مهما حيهرَبْ.. جايّ!!'.
'2'
في نوفمير 2009م وفي ذروة حكم مبارك، أطلق الخال قصيدته الهادرة 'مواويل وتناتيش للذكري' عن الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، وهي القصيدة التي أثارت جدلاً هائلاً وقتئذٍ، علّق عليه الأبنودي في حوار صحفي قائلاً: 'بنيت مقبرتي وقلت كلمتي: يعيش جمال عبد الناصر'.
في لقائه مؤخراً بالرئيس السيسي، أوصاه الخال ب :الفقراء والشباب قائلاً: 'أهم ما فعله عبد الناصر هو أنه حافظ علي قضيتين، أولهما فقراء مصر، وكل ما فعله من أجلهم، وثانيًا الشباب، وكيفية خلق أطر تنظيمية يتعلم فيها الانتماء من جديد، وأن يدرس الأدب والفن والثقافة والاقتصاد'.
'3'
'هيّ البطولة تعيّش اسمك.. ولا البطولة إنك تعيش؟'.. هكذا صاغ الخال حكمة المصري الأصيل صاحب الرسالة في تتر مسلسل 'شيخ العرب همام' بلحن الشريعي وصوت الحجار. وربما كانت تلك 'الحكمة' هي سر حب الخال لعبد الناصر الذي عمل لشعبه ولأمته، ولذا قال عنه الخال شعراً:' قال'الوطن للجميع.. والدين للدَّيان'/ مش قام عَرَضْ أمِّتُه ع الدنيا في الدكّان/ لأ.. مات فداها وْما زالت تذكره للآن.. / للآن.. وبكره.. وبعدُه.. 'وردة الأوطان''. كما قال عن ناصر أيضاً: لو حاكتبك.. ما تساع أقلام/ولا كلام غالي وأوراق/ الأمر وما فيه.. أنا مشتاق/ فقُلتْ أمسِّي عليك وأنام نومةْ جمال عبد الناصر!!