ظلت مصر عبر العصور مقبرة للغزاة والمستعمرين وتم علي أبوابها دحر أقوي الطغاة والجبابرة حتي أضحت مصر الحصن المنيع للعرب والإسلام, وها هي اليوم تقف صامدة وعازمة علي دحر عدو جديد يهدد أمن وسلامة البشرية اسمه الإرهاب تلك الآفة والغمة التي ظهرت بقوة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية وبخاصة بعد ثورات الربيع العربي, ثم تسلل خطر هذا الإرهاب ليهدد العالم أجمع دون تفرقة انطلاقا من مفاهيم مغلوطة تدعو للتشدد والإرهاب والظلامية والتكفير والقتل والخراب باسم الدين هدفها السلطة وإقامة الخلافة المزعومة في وقت يشهد فيه العالم مزيدًا من العلم و التطور والنظامية والدعوة إلي السلام والإخاء بين الشعوب بعيدا عن العنصرية والتطرف ومعاداة الآخر وهي قيم ومثل عليا تتمسك بها مصر منذ القدم وشواهد حضارتها المادية والمعنوية تعتبر خير دليل علي ذلك ولهذا عندما جاءت الأديان السماوية دينا تلو الآخر إلي مصر لم تجد من المصريين إلا السماحة والاستجابة والتقبل بسبب تلاقي القيم الدينية والوحدانية لله مع ما كان يؤمن به المصريون من معتقدات وقيم مثلي وعادات وتقاليد ونهج حياة يتمسك بقيم الخير والفضائل, ولأن الإسلام كان آخر الرسالات السماوية فقد وجد الإسلام ثم المسلمون الذين جاءوا إلي مصر في زمن الفتح الخير والعون والسند والاستقبال والتدين وتقبل العلم ورسالة الإسلام الغراء من شعبها لتظل مصر عبر العصور الإسلامية وأزمنة التاريخ الإسلامي مثلا أعلي في التعايش بين الأديان لِمَ لا وقد لاقي الصحابة وأهل العلم فيها مزيدا من الكرم والجود والإيمان والانفتاح علي المناهج والمذاهب الفقهية ما لم يحدث بتلك القوة في الأقطار الأخري التي دخلها الإسلام بما فيها البلد الذي نزل فيها القرآن؟! كما أقر ودلل علي ذلك الشيخ الشعراوي رحمه الله وهو العالم الذي كان غيورا علي الأمة ومدافعا عن مصر ودورها الريادي والحضاري عندما ذَكَّر الحاقدين والتكفيريين وخوارج هذا الزمان بم قدمته مصر للمسلمين والإسلام سواء من رجالها وأبطالها ومعاركها الخالدة ضد المغول والتتار والصليبيين وغيرهم من الغزاة, أو بفضل جنودها الذين شاركوا مع المسلمين الأوائل الفتوحات الإسلامية وصولا لحرب أكتوبر وعاصفة الحزم الآن, أو بفضل علمائها سواء من أهلها أو من الذين قدموا إليها وعاشوا فيها أو من خلال مدارسها وجامعتها الدينية وعلي رأسها أزهرها الشريف الذي يعتبر من أروع وأعظم ما أنتجته الحضارة الإسلامية للمسلمين والإسلام والذي يعتبر بحق ودون مغالاة حامي حمي الفكر الإسلامي الصحيح والمدافع عن الفكر والعقيدة السمحة الصالحة للإنسان في كل زمان ومكان والمحافظ علي الموروث الديني للأمة وفوق كل ذلك المْصُدَّرُ للفكر الوسطي للإسلام والمدافع عن قيمه ومثله العليا هذا الدين القيم الذي جاء منة وفضلاً من الله إلي كل الأمم, إنه الأزهر الذي ظل المتحمل مسؤولية الدفاع عن الإسلام بنشره لمبادئه السمحة والصحيحة بين كل الأمم إضافة إلي مدارس وتلاوة القرآن المتعددة التي ضربت المثل الأعلي في البلاغة والإلقاء والبيان وعلم اللغة والتذوق الفني من خلال مشايخ أجلاء عاشوا في مصر عبر العصور الإسلامية وأسهموا في نشر القرآن من خلال الترتيل والتجويد الذي انتشر في كل البلاد الاسلامية مما كان له بالغ الأثر في حب قراءة القرآن والمحافظة علي أدائه وحسن تلاوته بعيدا عن التزييف وتغيير الآيات وغيرها من الفضائل التي تتحلي بها مصر وقدمتها للإسلام والمسلمين وذلك من خلال دفاعها عن قضايا أمتها الإسلامية والعربية طوال تلك العصور مع تميزها دون غيرها بإقامة المساجد والمآذن والجامعات والمدارس الإسلامية بشكل كبير وصدارتها في الاحتفال بالمناسبات والأعياد الدينية التي تطفي علي الإسلام روحه وجماله ومدنيته وانفتاحه علي حضارات وشعوب الدنيا كلها من خلال وسطية وسماحة يتميز بها المصريين دون غيرهم, ولهذا ولكثير من الأسباب التاريخية والاجتماعية والدينية ستظل مصر الحصن المنيع للإسلام، وسوف يتكسر الإرهاب والإرهابيون بكل تنظيماتهم علي أبوابها وسوف يهزم كل من يعادي أمتنا أو يفكر في الكيل لها بفضل جنودها خير أجناد الأرض الذين لن يسمحوا بسبب تمسكهم بدينهم وإرثهم وتماسكهم مع قياداتهم وشعبهم في السماح للخونة والإرهابيين أعداء الوطن والدين بأن يعيشوا بيننا لأن مصرنا بلدًا ووطنًا لا يعرف إلا كل ما هو طيب ولا ينبت في أرضها إلا كل ما هو طيب وليس للخبيث مكان فيها, ولهذا فإن مصر ومنذ ثورة الثلاثين من يونية عازمة علي دحر الإرهاب ولن تهزمه في مصر فقط بل سوف تهزمه في كل مكان لتظل مصر بحضارتها وشعبها وقيادتها عاملة من أجل الأديان ومن أجل القيم والإنسانية ونشر الأمن والسلام والعدل والخير في كل بلاد العالم.