ألقي د.محمد عثمان الخشت المستشار الثقافي المصري محاضرة بعنوان 'الديكارتية وأثرها بين الفكر الغربي والفكر العربي' بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وذلك مساء يوم الاثنين 1436/5/25ه الموافق 2015/3/16 م.وأدار الندوة الأكاديمي السعودي د.محمد أبو الخير، وصاحب المحاضرة ترجمة فورية إلي اللغة الإنجليزية والفرنسية. وتأتي هذه المحاضرة في إطار الاحتفالات بالفرنكوفونية بالتعاون بين السفارة المصرية ومركز الملك فيصلوالسفارة الفرنسية، وكان علي رأس الحضور السفير المصري عفيفي عبد الوهاب ود.يحيي بن جنيد الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلاميةوالقنصل العام د.اشرف شيحة والمستشار الثقافي الفرنسي جان لوي لافي، وكوكبة من أعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي وأساتذة الجامعات والمفكرين السعوديين. وصرح السفير المصري/ عفيفي عبد الوهاب بضرورة تضافر الجهود من أجل التنسيق بين المؤسسات المصرية والسعودية من أجل تجديد الخطاب الديني والتعاون العربي والدولي للقضاء علي الإرهاب. وذكر أن هذه المحاضرة تأتي في إطار جهود السفارة المصرية بالرياض علي مستوي العمل الثقافي المشترك مع المؤسسات السعودية والسفارة الفرنسية. كما أشاد بالمستوي الذي خرجت به المحاضرة، وإحاطة المحاضر العلمية والفكرية التي جمعت بين الفكر الغربي والإسلامي، ووجه الشكر لكافة الأطراف التي شاركت في تنظيمها. وصرح المستشار الثقافي الفرنسي جان لوي لافيأن هذه الحاضرة تأتي في إطار الشهر المخصص للّقاءات الفرانكفونية بالرياضوحضرها جمع غفير من الجمهور، الذي أبدي إقبالاً كبيراً عليالمحاضرةوموضوعها الجاد المتخصص. و قد تناول المحاضر باقتدار ما كان لفكر ديكارت من تأثير علي تاريخ الفكر الغربي والعربي، مذكراً بأهمية تحاور الثقافات ما بين العالم العربي و الغربي في إطار السياق الراهن. وأوضحد.محمد عثمان الخشتفي محاضرته كيف يتم افتتاح عصر جديد، والشروط الواجب اتباعها لتجديد الخطاب الديني في مصر ليس فقط لدحر التطرف، ولكن لأننا فعلا في أمس الحاجة لافتتاح عصر حداثة جديد في مصر. كما قام الخشتبنقد العقول المغلقة من أجل تأسيس عصر ديني جديد لا مكان فيه للإرهاب والتطرف، وحيث الوسطية والعقلانية النقدية التي تتسع لرحابة الدين ورحابة العالم ورحابة الإنسانية التي تأسس عليها الخطاب الإسلامي الأول في القرآن والسنة الصحيحة.وذكر أن الاصلاح الديني في أوربا في عصر النهضة هو الذي أنتج الرأسمالية وفتح الباب للتجارة العالمية. وأكدت المحاضرة علي أن ميزة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، أنه قبل أن يأتيه الوحي الإلهي مارس التفكير المنهجي، ورفض الواقع القديم بناء علي هذا التفكير، لكنه لم يكتف بهذا مثل التفكيكين والشكاك الجذريين ونفر من الثوريين الذين لا يملكون سوي الثورة علي واقع موجود لا تأسيس واقع جديد، ولا يستطيعون إلا الرفض والهدم، لكنهم غير قادرين علي بناء واقع بديل، فيكون ضررهم أكثر من نفعهم، بل انطلق عليه السلام بعد الشك المنهجي وهدم القديم، إلي اليقين وبناء واقع جديد. واستعرض الخشتضرورة الدعوة للتفكر وإعمال العقل النقدي كدعوة قرآنية أصيلة في مقابل العقل الجامد الحاضن لنصوص القدماء والمفسر لها حرفيا بعيدا عن الواقع المتجدد، وبعيدا عن النظر في الآفاق وفي الأنفس وفي الكتاب. وتوقفت المحاضرة عند أهم ملامح الديكارتية ودورها في تجديد الخطاب الديني في الغرب، وكيف انقسمت بعد ديكارت -وبسبب منه- إلي عقلانية لاهوتية وعقلانية نقدية في الفكر الأوربي، لكن الغلبة كانت لتيار العقلانية النقدية التي سارت بعيدا عن درب لاهوت العصور الوسطي المكرس لسلطة رجال الدين وملاك الحقيقة المطلقة.ثم أوضح الخشت كيف تم استقبال ديكارت في الفكر العربي الحديث. وأيضا كيف انقسمتالديكارتية في الفكر العربي إلي تيارين : عقلانية لاهوتية وعقلانية نقدية، لكن الغلبة هذه المرة كانت للعقلانية اللاهوتية التي ارتمت في أحضان المتعصبين والعقول المغلقة. وأضاف الخشت: إن المشكلة التي واجهها أبو الأنبياء إبراهيم في عصره كانت مشكلة التقليد والاتباع الأعمي للآباء وكبار القوم، ومنهجهم القائم علي اليقين المطلق بصحة أقوال السابقين وسدنة الدين والتاريخ. والمشكلة التي واجهها ديكارت وعصره هي أيضا سيادة أقوال الكهنة وتفسيرهم الأحادي للكتاب المقدس. وكيف رفض إبراهيم عليه السلام إسكات عقله، ورفض ديكارت ورفاق عصره إسكات عقلهم. مع إبراهيم بدأ دين جديد يرفض التقليد، ومع ديكارت ورفاق عصره تم الشروع في تأسيس عصر جديد و خطاب ديني جديد تراجع فيه لاهوت العصور الوسطي الذي كان يحتكر فيه المتعصبون في أوربا الحقيقة الواحدة والنهائية. وفي ختام المحاضرة قام الحضور بفتح حوار حول أهم القضايا التي أثارتها المحاضرة، ومن أبرز المداخلات مداخلة د.عبد العزيز آل الشيخ، و د.ابراهيم الشتوي، ود.عبد الكريم السمك، ود.طلال الشهري.