أثبتت الأحداث في مصر، وبصفة خاصة بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013 أن جماعة 'الإخوان' لا تمتلك، ولن تمتلك مصدراً واحداً من مصادر المعلومات داخل المؤسسة العسكرية، ولو كان للتنظيم الإخواني مصدر واحد داخل مقر القيادة العامة للقوات المسلحة لما ذهب محمد مرسي وفريقه الرئاسي إلي دار الحرس الجمهوري بالقاهرة طلباً للحماية من رياح 30 يونيو العاتية.. ولو كان لجماعة 'الإخوان' مصدر واحد من مصادر المعلومات في وزراة الدفاع لما وافق محمد مرسي بصفته القائد الأعلي للقوات المسلحة علي نزول قوات الجيش إلي الشارع طمعاً في حمايتهم لدولة 'الإخوان' !!! وخير شاهد علي قدرات 'الإخوان' ومصادر معلوماتهم الوهمية أن قيادتهم قامت بتوزيع التعليمات والتكليفات علي أعضائها وتابعيها داخل السجون في الأسابيع الأخيرة من عام 2013 متضمنة خبراً يؤكد مقتل الفريق أول عبد الفتاح السيسي في عملية اغتيال تمت في أكتوبر 2013.. وسريعاً تراجعت الجماعة ونقلت خبراً آخر مفاده أن السيسي نجا من محاولة الاغتيال، لكن المحاولة أعجزته عن الحركة وقد أصبح خارج نطاق الخدمة '!!!' وتناقلت قنوات 'الإخوان' ومواقع الجماعة وصفحاتها علي مواقع التواصل الاجتماعي هذا الخبر المكذوب، وتباري المنظرون والإعلاميون 'الإخوان' والمتأخونون في إثبات غياب السيسي عن المشهد، واستمرت هذه الحملات حتي الأيام السابقة علي إعلان قرار ترشح السيسي لمنصب الرئيس، وكان 'الإخوان' يؤكدون أن السيسي لن يترشح لأنه أصبح من الماضي، وأن المؤسسة العسكرية ستدفع باللواء مراد موافي مرشحاً للرئاسة !! ولاتزال صفحات 'الإخوان' ومواقعهم شاهدة علي المعلومات الكاذبة والمكذوبة التي كانت قيادات الجماعة تبشر بها تابعيها من 'الإخوان' والمتأخونين، بعد الإطاحة بحكم التنظيم الإخواني، ونذكر من هذه القائمة ما يلي: - قيادات الجيش تمهل السيسي أسبوعاً لإلغاء قرار الانقلاب !! - الحرس الجمهوري يرفض عزل مرسي ويتحفظ عليه لحمايته من الاغتيال!! - الحرس الجمهوري يرفض تسليم الدكتور محمد مرسي للفريق السيسي، وضابط كبير في الحرس يتصل بأصدقائه ليبشرهم أنه يتم الآن نقل الدكتور محمد مرسي إلي قصر القبة!! - الحرس الجمهوري ينضم للجيش الثاني ويتمرد علي الفريق عبد الفتاح السيسي، ومقتل قائد في الحرس الجمهوري !! - التلفزيون الإيطالي ينقل خبراً عاجلاً عن انشقاق داخل جيش مصر 'لم يرد مثل هذا الخبر في أية قناة أجنبية' !!! - مراسل سي إن إن يؤكد أن مرسي سيلقي خطاباً مهمأً خلال ساعات 'لم تبث شبكة سي إن إن مثل هذا الخبر'.. !!! - انشقاق مجموعات من ضباط الجيش وتشكيل حركة باسم 'ضباط النخبة المصرية' تطالب السيسي بإعادة مرسي إلي الحكم!! - 'ضباط النخبة المصرية' تكشف وثائق بتوقيع السيسي تثبت مسئوليته عن أحداث ماسبيرو، وقد تقدم جهاز الأمن الحربي ببلاغ إلي النائب العام ضد ناشر هذه البيانات !! - حركة تحمل اسم 'ضباط ضد التسيس' تهدد بانقلاب علي السيسي !! - المجلس العسكري يقرر إعدام مجموعة من قيادات الجيش بسبب انشقاقهم عنه!! - القضاء العسكري أصدر حكماً بإعتقال مجموعة من قيادات الجيش لرفضهم للانقلاب العسكري علي مرسي!! - إعدام جماعي للجنود الرافضين للانقلاب !!! - مجموعه من قيادات الجيش قررت السفر خارج مصر للإعلان عن انشقاقها خارج مصر!! - الرئيس المؤقت عدلي منصور يقدم استقالته إلي الفريق أول عبد الفتاح السيسي !! - السيسي يضع الرئيس المؤقت عدلي منصور تحت الإقامة الجبرية!! - السيسي يستعد للهروب من مطار القاهرة الدولي !! - أنباء عن هروب السيسي إلي السعودية بعد أن شاهد الأعداد المهولة التي نزلت في 30 أغسطس 2013!! - السيسي ينقل عائلته إلي مطار ألماظة استعداداً لهروبه خارج البلاد !! - التحفظ علي السيسي في مطار ألماظة !!! - السيسي يغيب عن احتفالات العاشر من رمضان هرباً من مواجهة قادة الجيش !! - السيسي يضع اللواء محمد العصار مساعد وزير الدفاع تحت الإقامة الجبرية!! - القوات المسلحة تخطط لاغتيال محمد مرسي وتروج لخبر محاولة انتحاره !! - انسحاب وحدات الجيش من الشوارع عقب اطلاق النار علي نائب وزير الدفاع ' لا يوجد منصب عسكري في مصر اسمه نائب وزير الدفاع ' هذا الخبر نشره صحفي إخواني كبير!! وتوالت الأخبار الكاذبة والمكذوبة والشائعات التي لا يقبلها سوي العقل الإخواني أو المتأخون، وأخيراً وليس آخراً جاء التسجيل الصوتي المنسوب لقيادات القوات المسلحة والذي بثته قناة 'مكملين' الإخوانية في مساء الخميس الرابع من ديسمبر 2014 ولحقت بها قناة 'الجزيرة' ثم مواقع وصفحات 'الإخوان'، وعقب بث التسجيل أو التسريب كما يسمونه انفجرت مواقع التواصل الإجتماعي بحملات السخرية من بلاهة القائمين علي إنتاج هذا التسريب الهزلي الذي تضمن العديد من الأخطاء الساذجة ومنها: 1 ورد في التسجيل نص علي لسان اللواء ممدوح شاهين يتحدث فيه عن خطورة الكشف عن حبس مرسي في مكان غير قانوني في الفترة من 3 يوليو، وحتي تم نقله ' إلي سجن طرة' حسب التسجيل، مع أن مرسي تم نقله إلي سجن 'برج العرب'، وليس سجن 'طرة'، وقد بدأت فترة حبسه احتياطيا من تاريخ 5 يوليو، وليست من 3 يوليو، ومن غير المقبول أن نقول أن اللواء ممدوح شاهين لا يعرف اسم السجن الذي تم نقل مرسي إليه أو أنه لا يعرف الفرق بين سجن طرة وسجن برج العرب!! 2 ورد في التسجيل حديث عن'سيادة المشير'، مع أن قرار ترقية الفريق أول عبد الفتاح السيسي صدر في نهاية يناير 2014، وتم تنفيذه رسمياً في الأول من فبراير 2014 بينما كان مرسي في ذلك التوقيت داخل سجن 'برج العرب' ولم يكن في قاعدة بحرية أو في مكان آخر!! 3 نسب منتج التسجيل إلي اللواء ممدوح شاهين أقوالاً في اتصال هاتفي مع وزير الداخلية، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصدر عن مساعد وزير الدفاع للشئون القانونية، فقد ورد في التسجيل النص الآتي: ' سلام عليكم يا فندم، اللواء ممدوح شاهين، أنا آسف لإزعاج حضرتك.. أنا آسف لإزعاج حضرتك.. والله عمال خلي بال حضرتك.. ما يؤمرش علي سيادتك ظالم يارب' وقد يكون من المقبول أن نسمع هذه الكلمات من جندي في قوات الأمن المركزي في مواجهة وزير الداخلية!! وإذا توقفنا قليلاً أمام جملة ' والله عمال خلي بال حضرتك ' لا نصل إلي مفهوم واضح، وهذا يدل علي أن إنتاج هذا التسجيل تم بطريقة اقتطاع ولصق الحروف وليس الكلمات فحسب. 4 تبدو مستويات الصوت الصادر عن جميع المتحدثين داخل المكتب واضحة وقوية بدرجة واحدة رغم أنهم يجلسون علي مسافات مختلفة بعيدا عن جهاز التسجيل.. لكن بدا الصوت وكأن كلا منهم يعلق في ملابسه مايك متصلا بجهاز التنصت السري!!! 5 نقل التسجيل صوت جميع المناقشات التي تمت في مكتب السيسي حسب زعمهم، ولم يلتقط التسجيل سوي طرف واحد من المكالمات الهاتفية التي قيل إن اللواء ممدوح شاهين أجراها مع وزير الداخلية، رغم أن التسجيل تضمن الإتصالات الهاتفية من طرفين بين اللواء محمود حجازي، وقائد القوات البحرية!! 6 لم يقدم هذا التسجيل معلومات سرية تؤثر في مجريات المحاكمة، لأن ما ورد في نص التسجيلات لا يتجاوز المعلومات الواردة في ملف القضية حول مكان احتجاز مرسي، فقد طلب دفاع 'الإخوان' في أولي جلسات محاكمة مرسي وبالتحديد في الرابع من فبراير 2014 الكشف عن مكان احتجاز مرسي، وبجلسة الأول من مارس 2014 قدمت النيابة للمحكمة صورة رسمية من قرار وزير الداخلية رقم 776 لسنة 2013 والصادر في 2 مايو 2013 بشأن إنشاء سجن شديد الحراسة في أبو قير وبالتحديد في القاعدة البحرية، وانتهي الحديث عن مكان احتجاز مرسي منذ ذلك التاريخ، ولم يعد هناك مبرر لقيام أي جهة بالبحث عن وسائل لتقنين احتجاز مرسي!!! 7 المعلوم للكافة أن التقنيات والبرمجيات الحديثة تسمح باقتطاع الحروف وإعادة تركيبها وترتيبها، ويعلم طلاب كلية الحقوق، قبل المحامين أن المحكمة لا تعتمد علي دليل باطل، ومثال الدليل الباطل التسجيلات الهاتفية وغير الهاتفية التي تمت دون إذن من النيابة أو من قضاة التحقيق، ويجب أن يعتمد هذا الإذن علي تحريات جدية، وإذا كان 'الإخوان' يعلمون هذا علم اليقين فما الهدف من فبركة هذا التسجيل ونشره بكل وسائل النشر الإعلامي؟!! الهدف واضح وصريح، فقد جاء توقيت توزيع هذا التسجيل بعد ساعات من انسحاب التجمع الأقوي في التحالف الإخواني 'الجبهة السلفية' ثم انسحاب الصوت الصاخب 'حزب الإستقلال – العمل الجديد سابقا' لتصبح سلسلة المنسحبين طويلة 'الوسط – الوطن – الحزب الإسلامي الذراع السياسي لجماعة الجهاد'، والحبل علي الجرار، وتزايدت حالات تجميد العضوية والخلافات داخل التنظيم الإخواني عقب فشل الثورة الإسلامية المزعومة 'ثورة 28 نوفمبر' التي علق عليها المتأخونون الكثير من الآمال في عودة محمد مرسي إلي الحكم !! ولم يكن هناك مفر أمام قيادات 'الإخوان' سوي الإعلان عن نصر وهمي مفاده أن الجماعة انتصرت علي السيسي وأغارت عليه في عقر داره، وأن هناك حالات انشقاق داخل القيادة العامة للقوات المسلحة أسفرت عن قيام أحدهم بتزويد 'الإخوان' بهذا التسريب الذي يبشر ببراءة مرسي ويؤكد أن الانقلاب يتهاوي، حسب مزاعمهم وأوهامهم، وأن عودة مرسي باتت قريبة !!! ولو صح – من قبيل الافتراض جدلاً - أن قيادات 'الإخوان' قد تسلمت تسجيلاً صوتياً لما يدور في مكتب وزير الدفاع من جهة مصرية فقد أصبحت قيادات الجماعة فاعلاً أصليا وشريكا في جريمة التنصت علي القيادة العامة للقوات المسلحة، أما إن قيل إن هذا التسجيل – المزعوم – قد وصل إلي الجماعة عن طريق جهة غير مصرية مثل قناة 'الجزيرة'، فهذه تهمة اشتراك واضح في التخابر والتجسس، بالإضافة إلي ترويج معلومات كاذبة لصالح دولة أجنبية تستهدف الإضرار بالأمن القومي لمصر!! والثابت أمام الجميع أن قيادات جماعة 'الإخوان' قد أصدرت أمراً لتابعيها بتوزيع ونشر التسجيل الصوتي المنسوب لقيادات القوات المسلحة، ومعه صورتان لموقع عسكري، وقد نفذ التابعون التكليفات 'فلا عمل داخل التنظيم بلا تكليف أو أمر' ونشروا هذا التسجيل والصور المزيفة في وسائل إعلام تحمل صفة الكيان القانوني الأجنبي ومنها قناة 'مكملين' ثم قناة 'الجزيرة'، والعديد من المواقع والصفحات الإلكترونية، وقد أصبحنا أمام فاعل أصلي معلوم، فالناشر والموزع والطابع فاعل أصلي في حالة عدم الوصول إلي الفاعل الحقيقي، ولا حاجة لنا بالبحث عن مجهول قام بتزييف التسجيلات والصور!!!