لقد مثل الأمر مفاجأة للجميع، وتساءل الكافة: ماذا حدث؟ هل غيرت قطر من سياساتها؟ وما هي الضمانات التي قدمتها لدول الخليج في مقابل عودة السفراء؟ دعونا نقول أن مبادرة سعودية-إماراتية-بحرانية نقلها أمير الكويت إلي أمير قطر، يتم بمقتضاها منح قطر فرصة جديدة حفاظاً علي الموقف الخليجي من التفكك.. المبادرة التي حملها أمير الكويت إلي قطر نصت علي الآتي: 1- إعلان قطر إلتزامها الكامل ببنود وثيقة الرياض التي تحدد موقفاً خليجياً موحداً بشأن القضايا الخليجية والعربية والإقليمية والدولية.. 2- يطلب قادة السعودية والإماراتوالبحرين من الحكومة القطرية إصدار بيان رسمي يعلن الإلتزام بهذه الوثيقة قبل البدء بالتحضيرات لعقد مؤتمر القمة الخليجية بالدوحة.. 3- أن تبدأ قطر بتنفيذ بنود وثيقة الرياض مع بدء الاستعدادات والتحضير لمؤتمر قادة دول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة أي أن الإعلان والبدء بالتنفيذ يسيران بالتوازي في هذا الوقت. وبعد مناقشة الحكومة القطرية لبنود المبادرة الخليجية التي سلمت إليها جاء الرد الذي سلمه وزير خارجية قطر 'خالد العطية' إلي وزير خارجية الكويت متضمناً الآتي: 1- أن قطر لن تشارك في مناقشة أو تنفيذ جميع ما ورد في وثيقة الرياض.. 2- ان الالتزام بوثيقة الرياض هو تغيير أساسي وجوهري في مفهوم مجلس التعاون الخليجي، ذلك حسب الرد القطري فإن مجلس التعاون الخليجي هو مجلس تنسيقي وليس مجلساً إتحادياً، وبالتالي لا يحق لأي طرف أن يفرض شروطه ورؤيته علي الأطراف الأخري، فيما يتعلق بالعلاقات مع دول أخري ومنظمات محددة.. 3- ان قطر تجاوبت وألتزمت ببنود وثيقة الرياض التي تتعلق بالأمن الخليجي والعلاقات بين دول الخليج.. 4- أن قطر علي استعداد لأن تكون وثيقة الرياض بمضمونها الشامل أحد البنود الرئيسية علي جدول أعمال مؤتمر الدوحة، وستلتزم قطر بما تقره القمة.. الرد القطر الذي تم إبلاغ السعودية به وعبر الحكومة الكويتية في وقت لاحق، اعتبرته السعودية مماطلة وتذاكي قطري، لذلك قامت السعودية بتوجيه الدعوة بشكل عاجل لقمة استثنائية بالرياض لمناقشة الموقف القطري.. وكان هدف السعودية من هذه القمة الاستثنائية العاجلة هو: 1- محاولة تأجيل القمة المقرر عقدها في الدوحة وإبقاء الكويت رئيساً للقمة لدورة إضافية إذا لم تتراجع قطر عن تعنتها وعنادها.. 2- ان تعقد القمة السنوية مجدداً في الكويت.. 3- إذا تعذر عقد القمة في الكويت يتم انعقادها في الرياض التي تشكل المقر الدائم لمجلس التعاون الخليجي.. وقد أبلغت الكويت جميع الأطراف الخليجية أنها مصرة علي إنهاء رئاستها للقمة في هذه الدورة، حيث تري الكويت أنها مقيدة بموقف خليجي، خاصة ما يتعلق بالجارة إيران، وقد قررت البدء في محادثات ثنائية معها لأسباب كثيرة، علي رأسها أسباب داخلية كويتية، بالإضافة إلي أن الكويت أصبحت علي قناعة بإعادة العلاقات مع سوريا، حيث إنها وبعد أن اعادت العمل القنصلي منذ فترة، فإنها بدأت الاستعدادية لعودة السفير الكويتي والسوري إلي مقر عملهما في دمشقوالكويت.. لقد راهنت قطر علي تفهم ودعم أمريكي لموقفها سياسياً وإعلامياً، خاصة في إطار الدور الذي أوكلتها به واشنطن في العلاقات مع التنظيمات الإسلامية وغيرها.. غير أن القمة الخليجية التي عقدت الأحد الماضي في الرياض بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح وملك البحرين الشيخ حمد بن عيسي آل خليفة، وأيضاً بحضور الشيخ حمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس الوزراء وأيضاً ولي عهد أبوظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد إضافة إلي أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، بينما غابت دولة عمان عن المؤتمر. لقد استهدفت الدعوة السعودية للقمة وضع حد لإصرار قطر علي الستهانة بوثيقة الرياض التي تم التوقيع عليها بين قادة السعودية والكويتوقطر في 23 نوفمبر 2013 والتي تضمنت: – التزام قطر بالتوقف عن التدخل في الشئون الداخلية لأي من دول الخليج والدول الاخري بما يتعارض مع ميثاق دول المجلس وبما يهدد أمن وسيادة وسلامة هذه البلدان.. – ان تقوم قطر خلال فترة لا تزيد عن شهرين بابعاد كافة العناصر المعادية لدول المجلس والدول الاخري والمطلوبة قضائيا بعيدا عن الاراضي القطرية.. – ابعاد عدد من رموز جماعة الاخوان المطلوبين للعدالة من قبل القضاء المصري في حالة رفض قطر تسليمهم الي مصر. – منع العناصر التحريضية الداعية الي العنف والارهاب من الظهور علي شاشة الاعلام القطري.. – وقف الدعم المادي وكافة اشكال الدعم الاخري الي جماعة الاخوان والعناصر المتطرفة الاخري والتعامل مع هذه الجماعة باعتبارها جماعة مناوئة لا هدف لها سوي زعزعة الاستقرار في مصر والدول العربية – التوقف عن التحريض ضد مصر لدي دول العالم واحترام ارادة المصريين في اختيار نظامهم الوطني. وخلال الاجتماع الأخير كان الملك عبد الله بن عبد العزيز واضحاً ومحدداً كالعادة، وطلب من أمير قطر موقفاً محدداً من بنود وثيقة الرياض.. كان أمير قطر يدرك أن هذه القمة الاستثنائية ستكون هي الحاسمة في موقف دول مجلس التعاون الخليجي من بلاده، ولذلك تم التوصل سريعاً إلي اتفاق تكميلي يعطي دولة قطر مهلة زمنية محددة إلي ما قبل عقد قمة دول المجلس في قطر 9 و10 ديسمبر المقبل للإلتزام ببنود وثيقة الرياض.. وبالفعل بعد مناقشات وحوارات، تم التوصل إلي صيغة البيان الصادر عن القمة الاستثنائية، حيث اعتبر بيان القمة أن الاتفاق الذي توصل إليه ليل الأحد الماضي يعد إيذاناً بفتح صفحة جديدة، ستكون بإذن الله مرتكزاً قوياً لدفع العمل المشترك، والانطلاق نحو كيان خليجي قوي ومتماسك، خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة وتتطلب مضاعفة الجهود والتكاتف لحماية الأمن والإستقرار فيها.. وفي ضوء ذلك تمت الموافق علي إعادة السفراء. ويتوافق مع ذلك البيان الصادر عن خادم الحرمين الشريفين والذي أكد حرص القمة علي وضع إطار شامل لوحدة الصف والتوافق ونبذ الخلافات في مواجهة التحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية. وقد ناشد البيان الصادر عن العاهل السعودي مصر شعباً وقيادة بالسعي مع دول الخليج لإنجاح هذه الخطوة في مسيرة التضامن العربي. - وقد رحبت القيادة المصرية بالبيان الملكي السعودي واستقبلته بترحيب كبير، وأصدرت بيان رحب بالبيان الذي أعلن فيه خادم الحرمين الشريفين التوصل إلي اتفاق الرياض التكميلي، معربا عن الثقة الكاملة في حكمة الرأي وصواب الرؤية لخادم الحرمين الشريفين، ومثماً جهوده التي يبذلها لصالح الأمتين العربية والإسلامية ومواقفه الداعمة والمشرفة إزاء مصر وشعبها.