كان الزعيم محمد فريد ثاني اثنين في الحزب الوطني بعد الزعيم الشاب مصطفي كامل، وقد ترأس الحزب إثر وفاة مؤسسه، كما أنه أنفق ثروته وأوقف حياته علي خدمة القضية الوطنية، ولد محمد فريد في 20 يناير 1866، وأنفق ثروته وحياته علي القضية المصرية والمطالبة بالجلاء والدستور. وفي سياق سعيه لهذا أكد ضرورة تعليم الشعب ليكون أكثر تبصرًا بحقوقه، وفي سبيل ذلك أنشأ فريد مدارس ليلية في الأحياء الشعبية بالقاهرة والأقاليم لتعليم الفقراء مجانًا، وقام بالتدريس فيها رجال الحزب الوطني، كان فريد صاحب البذرة الأولي في الحركة النقابية، فأنشأ أول نقابة للعمال سنة 1909، ثم خاض معترك السياسة وعرفت مصر علي يديه المظاهرات الشعبية المنظمة، وكان يدعو إليها ووضع صيغة موحدة للمطالبة بالدستور، طبع الآلاف منها، ودعا الشعب إلي التوقيع وقدمها للخديو عباس حلمي الثاني. وبلغت أول دفعة من التوقيعات 45 ألف توقيع، تعرض فريد للمحاكمة بسبب مقدمة كتبها لديوان شعر بعنوان أثر الشعر في تربية الأمم، ذهب فريد إلي أوروبا للإعداد لمؤتمر يعرض للمسألة المصرية بباريس، وأنفق عليه من جيبه الخاص ونصحه أصدقاؤه بعدم العودة بسبب نية الحكومة محاكمته بسبب مقدمته للديوان ولكن ابنته فريدة ناشدته العودة في رسالة أرسلتها له جاء فيها: لنفرض أنهم يحكمون عليك بمثل ما حكموا به علي الشيخ عبد العزيز جاويش، فذلك أشرف من أن يقال بأنكم هربتم وحُكم علي محمد فريد بالسجن ستة أشهر، قضاها. ولما خرج كتب يقول: مضي علي ستة أشهرفي غيابات السجن، ولم أشعربالضيق إلاعند اقتراب خروجي، لعلمي أني خارج إلي سجن آخروهو سجن الأمةالمصرية، الذي تحده سلطة الفرد ويحرسه الاحتلال! فأصبح مهددًا بقانون المطبوعات، ومحكمة الجنايات محرومًا من الضمانات التي منحها القانون العام للقتلة وقطاع الطرق. واستمر فريد في الدعوة إلي الجلاء والمطالبة بالدستور، حتي ضاقت به الحكومة الموالية للاحتلال وبيتت النية لسجنه فغادر البلاد إلي أوروبا سرًا، وتوفي هناك زي النهاردة في 15 نوفمبر 1919، وهو وحيد وفقير، حتي إن أهله بمصر لم يجدوا مالًا كافيًا لنقل جثمانه إلي أرض الوطن، إلي أن تولي أحد التجار المصريين من الزقازيق نقله بنفسه علي نفقته الخاصة.