د. محمد عمارة

نذر نفسه للعلم كما نذره والده وهو جنين قبل أن يخرج للحياة ولا زال المفكر الاسلامي المتميز الدكتور محمد عمارة يفي بالنذر
يهب نفسه للعلم ولا ينشغل الا به , لا يلتفت الي الصغائر مما قد يعترض طريق العلماء والمفكرين أصحاب الفكر المستنير الذين يمثلون الثروة الحقيقية للأمة الاسلامية التي فقدت وأهدرت ثروات عديدة .عقل يعمل دائما دون أن يلتفت الي ما أصبحنا نعانيه من تجاهل العلماء وصعود الفقاعات والاحتفاء بالتفاهات, صاحب مشروع فكري أدرك من خلاله أن أهم أزمات الأمة أن أبناءها يتأرجحون بين نقيضين ... متغربين لا يعرفون إلا الغرب ، أو تراثيين لا يعرفون إلا التراث القديم , فالبعض يغرق في التراث وعلومه و لكن لا يستطيع محاورة الأفكار الأخري والبعض الأخر يؤمن ايمانا كاملا بالفكر الغربي ويجهل قضايا الفكر الإسلامي , فكان المشروع الفكري للدكتور محمد عمارة عضو مجمع البحوث الاسلامية العمل علي تكوين عقلية إسلامية مرتبطة بالهوية الإسلامية ، قادرة علي رؤية الإسلام في ضوء الفكر الآخر ورؤية الفكر الآخر في ضوء الإسلام ، وهو ما فعله وأصبح رائدا فيه فبقدر قراءته ودراسته للفكر الاسلامي قرأ د عمارة ودرس الفكر الغربي وهو ماجعله قادرا علي الرد علي ادعاءات الغرب علي الاسلام وخلق لديه توازنا فكريا قلما نجده في غيره , وهو الفكر الذي يكشف للعالم ميزات وتفرد الاسلام وعالميته والذي عمل المفكر الاسلامي الذي ينتمي للمدرسة الوسطية علي تأصيله في كتبه التي وصلت إلي أكثر من 250 كتابًا , عقل إسلامي ثري يجمع بين منهجية العالم وأسلوب الأديب . اتسمت مؤلفاته بوجهات نظر تجديدية وإحيائية تحدث فيها عن الاسلام والغرب وشخص فيها الأزمات التي يعاني منها الفكر الاسلامي وواجه الحروب التي يشنها أعداء الاسلام بالفكر والعقل والمنطق , هذه هي رسالته وهدفه الذي حدده لنفسه وعزم ألا يحيد عنه وترك من أجله إغراءات عديدة للعمل بالدول العربية و عدد من الجامعات حتي يتفرغ لها .
رائدا من رواد التجديد يري أن العقلانية الإسلامية تجمع بين العقل والنقل , وأن الفقه الإسلامي فقه وسطي يجمع بين الشرعية الثابتة والواقع المتغير وهو ما يتضح من كتاباته التي تناول في البعض منها حقوق المراة في الاسلام ونظرته لضرورة الاهتمام بالفنون والاداب
نماذج العلماء والمفكرين مثل الدكتور عمارة لا تنتظر تكريما أو جائزة ولا تسعي اليها لكننا نحن من نحتاج الي تكريم هذه النماذج والاحتفاء بها وتسليط الضوء عليها حتي تمنحنا أملا ورمزا وقدوة, وهو ما جعل مجمع البحوث الاسلامية يقرر ترشيحه لجائزة الملك فيصل عن الدراسات الإسلامية لحقوق الإنسان في الإسلام لعام 2012م .
وخيرا ما فعله مركز الاعلام العربي والزميل صلاح عبد المقصود وكيل نقابة الصحفيين من عزمه اقامة احتفالية لتكريم الدكتور محمد عمارة بنقابة الصحفيين يوم الثلاثاء القادم يحضرها كبار العلماء كالعلامة الدكتور يوسف القرضاوي الذي أعد بحثا كاملا عن فكر الدكتور عمارة وسيأتي من الدوحة خصيصا لحضور الاحتفال كما سيشارك في الاحتفال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية والمستشار طارق البشري حيث أعد المركز فيلما عن سيرة الدكتور عمارة بعنوان "القلم المرابط " وهو تقليد يقوم به المركز كل عام للاحتفاء الشعبي بالرموز والعلماء الذين أثروا الحياة العلمية . بارك الله لنا في الدكتور عمارة صاحب الفكر المستنير وشكرا لمركز الاعلام العربي والزميل صلاح عبد المقصود.
Zinab.abdellah@hotmail.com