مصر تعاني لقرابة عشرة أجيال من تأخر في المسيرة التعليمية والمعرفية.. ولا أدل علي ذلك من استغناء سوق العمل الخارجي عن الخريج المصري، سبقه أقرانه من بلاد أخري عربية، بعد ما كانت مصر مصدرا رئيسا للصانع وللمعلم الكفء في المنطقة.. لو انك يا معالي الوزير عقدت اختبارا في الاملاء من بضعة سطور باللغة العربية.. لشاهدت بأم عينك عشرات الأخطاء الاملائية واللغوية، والمجهولة المعني لرداءة الخط العربي، عند خريجي الجامعات وحملة الدكتوراهات.. سوف تطأطئ رأسك خجلا وانت تسمع وتشاهد كم الاخطاء، علي ألسنة أكثر المذيعات والمذيعين والمتحدثين في البرامج الحوارية من السياسيين والخبراء والنشطاء.. ان هي الا مجزرة للغة العربية، وقواعد النحو والصرف.. لو أنك استمعت الي شبابنا وحواراتهم في الشارع لاختلط عليك الامر، وانك لست في دولة عربية اسمها مصر ولهجتها العامية المتميزة والتي كانت في يوم لهجة تفكير.. من مدرسة العامية المصرية، نجيب محفوظ، توفيق الحكيم ويوسف ادريس، زويل ومصطفي محمود.. اليوم تضرب عن عمد وعن قصد اللغة العربية واللهجة العامية المصرية، وآخر ما سمعت قول 'عالم من مصري'، قدمه المذيع هكذا واذا به يستخدم تعبير 'افتكاسات' ثم يعتذر عنها، لانه يعلم انه اخطأ في حق العامية والعربية والا ما اشفع تعبيره بالاعتذار. يا معالي الوزير المهندس بدلا من التفكير في تدوير الزبالة، وهذا ليس من اختصاصك الاصيل، فكر في كيفية تدوير مناهج التربية والتعليم، والتي تعد في مصر من مخلفات مناهج التعليم، في العالم وطرق تدريسها، مكانها اليوم مصانع تدوير الزبالة.. ليس عيبا الرجوع الي كراسة الخط العربي 'النسخ والرقعة والثلث'.. العودة الي تدريس صحيح التاريخ والتربية الوطنية، واحترام الراية المصري وتوقير النشيد الوطني.. ارجع الي برامج التربية الرياضية الجماعية، وان العقل السليم في الجسم السليم.. عد الي تعظيم درجة السلوك والمواظبة، وان يكون لها الاعتبار في درجات نهاية العام.. العناية بالهوايات الفنية لرفع الذوق العام والمشاركة الجماعية.. الاهتمام بعادة القراءة وعودة دور المكتبة المدرسية، والا تكون واجهة للزينة. نأتي إلي تدريس مادة الدين، وفي حصتها ينقسم الطلبة والطالبات الي مسيحيين ومسلمين.. الدين هو السلوك والعلاقة بين الفرد والآخر والفرد والمجتمع، وأمه وأبيه، امور حثت عليها كل الاديان، اما الصلاة والعبادات، ولكل صلاته وتسبيحه، فان مكانهما المسجد والكنيسة، ويجوز الاستعانة بعالم دين مسلم يحاضر للطلبة المسلمين، وآخر للمسيحيين والاقباط، لنؤكد الوسطية التي اشتهرت بهما مصر منذ قديم الزمان.. من المحتم عودة دور مفتش المواد، ومراجعة كراسة التحضير لدي المدرس، وإلقاء النظر الي كراسات التلاميذ لتبيان مدي التحصيل وكشف الاخطاء اولا باول وتحديد العقاب والثواب للمدرس والطالب المهمل. مرحلة رياض الاطفال وبرامجها لا تترك لاهواء الشقق المفروشة وزيادة دخل الأرامل، يضع برامجها خبراء تعليم وعلماء نفس الطفل، وفي اي سنة عمرية يكون تدريس مبادئ اللغات الاجنبية للحفاظ الدائم علي سلامة وهوية اللسان المصري.. المدارس الخاصة، غدت أكثرها مؤسسات تجارية وربحية، مستغلة ازمة التعليم الحكومي.. لا أمل إلا في قانون ينظم دورها وعلاقتها بالتعليم الحكومي، وشروط من يقومون بالتدريس فيها، أو ما يسمونه سنتر 'أو مركز دروس خصوصية' ووضعهما تحت رقابة مشددة.. عيب في دولة عريقة كمصر، ان يكون التعليم فيها علي الكيف، مدارس المانية وانجليزية وامريكية، وفي القريب تركية وعبرية.. يجب ان يكون التعليم قوميا خالصا وباللغة العربية.. تعليم اللغات مسألة اختيارية للطلاب واولياء الامور، وعلي رأي المثل 'اللي معاه قرش ابنه يزمر'.. إنشاء مجلس قومي لشئون التعليم، ووضع المناهج وإعادة دراستها كل عشر سنوات، ولا تترك العملية التعليمية ومستقبل امة لاهواء كل وزير وفكره الشخصي.. ومن مهامه ارسال البعثات لكل البلاد المتقدمة شرقية او غربية.. متي نتعلم.. كيف نتعلم؟!