جاءوا جميعًا علي اختلاف مشاربهم السياسية.. اجتمعوا علي الحقيقة الوحيدة المؤكدة في هذه الدنيا الفانية ألا وهي الموت.. جلست في ركن بعيد بدار المناسبات بمسجد عمر مكرم كاشفًا لجموع الداخلين والجالسين والخارجين في عزاء د.عزازي علي عزازي طيب الله ثراه.. أخذت أراقب المشهد وأنا في حالة اندهاش شديد.. نعم لقد جمع عزاء الدكتور عزازي كل رفقاء وفرقاء الوطن، كل ممثلي الأحزاب المصرية التي لا أستطيع أن أحصيها أو أميز بينها لكثرة أعدادها وتشابه برامجها!!.. وكثير من وجوه ما يطلق عليهم النخبة وضيوف الفضائيات الذين لا يملون في التنقل بين هذه القناة وتلك بفروق توقيت أقل من الفمتو ثانية كي يعيدوا ما قالوه منذ قليل لكن بتوليفة تناسب 'مود' أو اتجاه القناة كل حسب طلبه لدرجة أصابت المشاهد بالملل وأفقدته الثقة في الكثير منهم.. لكن ما يدهشك حقًا هو أحضان الفرقاء التي لم تتوقف في سرادق العزاء.. ولا أخفيكم أنني كنت أحدث نفسي مع كل قبلة يطبعها هؤلاء علي وجوه بعضهم وأقول: يا راجل.. من قلبك هذه القبلة؟!!.. ومع تكرار هذا المشهد الحميمي المصطنع بين الفرقاء سرحت وأخذت أُمَنِّي نفسي أيضًا أن أري هذا المشهد خارج سرادق العزاء، بل تخيلت في لحظة تمني أن هؤلاء قد آثروا الخروج من الدار بعد خلع رداء المصالح الخاصة والضيقة، والتعهد بأن يجتمعوا ويتكاتفوا علي هدف واحد ألا وهو العمل من أجل رفعة هذا الوطن وشعبه الذي أضناه الأنين والفقر علي مدي ثلاثة أعوام.. وحماية أمنه القومي من الإرهاب الأسود الممول أجنبيًا بأيدٍ إخوانية.. لكن للأسف فوجئت بمن ينبهني بانتهاء العزاء.. فخرجت داعيًا الله عز وجل أن يرحم فقيدنا الدكتور عزازي وأن يبدله دارًا خيرًا من داره وأهلًا خيرًا من أهله وزوجًا خيرًا من زوجه، اللهم إنه خاف مقامك فاجعل له جنتين ذواتي أفنان بحق قولك: 'ولمن خاف مقام ربه جنتان' آمين.