باستثناء ادخال مساعدات إلي مخيم اليرموك يمكن القول ان مؤتمر جنيف 2 فشل فشلا ذريعا في ايجاد حل للازمة السورية خاصة أن الجولة الجديدة المقررة في العاشر من الشهر الجاري باتت هي الاخري مهددة بالفشل وهو ما ظهر علي ملامح وجه المبعوث الأممي إلي سوريا الأخضر الابراهيمي الذي لم يستطع إخفاء خيبة امله عندما قال للصحفيين ان المؤتمر لم يحقق شيئا سوي الاتفاق علي جولة جديدة من المحادثات تنطلق قريبا.. اما علي مستوي الوفود فقد حاول كل فريق إلقاء مسئولية الفشل علي الطرف الاخر، وقال وزير الخارجية وليد المعلم في مؤتمر صحفي عقده بعد انتهاء جولة المفاوضات بين وفدي الحكومة والمعارضة: 'للأسف، لم نتوصل إلي نتائج ملموسة خلال هذا الأسبوع من الحوار وذلك لعدم نضج وجدية الطرف الآخر وتهديده بنسف الاجتماع أكثر من مرة، والتعنت علي موضوع واحد كما لو أننا قادمون لساعة واحدة نسلمهم فيها كل شيء ونذهب وهذا يدل علي عدم النضج وعلي الأوهام التي يعيشونها'. واتهم 'المعلم' الولاياتالمتحدة بالتدخل السافر في المؤتمر وذلك بالتأثير علي الطرف الاخر وصولا إلي قرار التسليح الذي اتخذه الكونجرس الأمريكي مؤخرًا. وعلي الرغم من ان كلام الوزير السوري كان واضحا إلا أن مستشارة الرئاسة السورية بثينة شعبان كانت اكثر وضوحا عندما قالت: إن وفد المعارضة يحاول القفز علي مقررات جنيف 1 ويرغب في بحث بند واحد فقط من الأجندة وهو ما يسمي بالحكومة الانتقالية ولفتت إلي ان الوفد الحكومي السوري جاء إلي جنيف لبحث عدد من البنود وليس بندًا واحدًا. وفي حقيقة الامر فإن فشل المؤتمر كان متوقعًا لأكثر من سبب. أولا: عدم وجود اجندة واضحة يتركز عليها الحوار، فعلي الرغم من تعهد الاممالمتحدة بأن هناك بنودًا اساسية سيتم التطرق اليها الا ان أحدا من رعاة المؤتمر لم يستطع تقريب وجهات النظر حول ترتيب اولويات بحث هذه البنود وكان من المفترض ان يكون هذا الامر صارما يحترمه الجميع الا ان ذلك لم يحدث، فكما قالت بثينة شعبان: حاول وفد المعارضة القفز علي أجندة المؤتمر وطالب بالتركيز علي الفترة الانتقالية وفي المقابل حاول الوفد الحكومي تصدير بنود جديدة إلي الأجندة أهمها ازمة الارهاب التي تفاقمت في عدد من المدن السورية وعلي الرغم من انه تم ادراجها علي الأجندة الا ان التركيز عليها افقد الوفد الحكومي المصداقية وهو نفس ما حدث مع وفد المعارضة الذي حاول التغريد منفردا خارج السرب بالتركيز علي الفترة الانتقالية فقط. ثانيًا: من دون شك ان ما قاله وليد المعلم عن تدخل أطراف خارجية يأتي متسقًا مع ما تردد عن هوية اعضاء وفد المعارضة.. وعما إذا كان هؤلاء يمثلون المعارضة الحقيقية أم انهم مجرد ديكور لآخرين جاءوا فقط إلي مونترو المدينة الهادئة للاستمتاع بفنادقها الفاخرة المطلة علي بحيرات سويسرا الساحرة.. ناهيك عما تردد علي لسان عدد من المراقبين السوريين المقيمين في الخارج الذين تحفظوا علي جلوس الوفد الحكومي السوري مع من لم يمثل المعارضة الحقيقية من شخصيات لا يعرفها احد وغير مؤثرة علي الأرض ولم تستطع اصدار أوامر إلي الاخرين بوقف القتال اذا ما تم التوصل لذلك ناهيك عن ان تحريض هؤلاء تسبب حتي الان في مقتل اكثر من خمسين الف جندي سوري من الجيش النظامي. ثالثًا: علي الرغم من كلمات الود المتبادلة بين رؤساء الوفود إلا ان ما حدث خلف الكواليس علي ما يبدو كان مختلفا خاصة بعد أن أعلنت موسكو ان أحمد الجربا رئيس ائتلاف المعارضة والثورة السورية سيزور العاصمة الروسية غدا الثلاثاء اي قبل انعقاد الجولة الثانية من المفاوضات بأيام قليلة وهو ما يعني ان موسكو قررت اختصار الطريق والوصول إلي الهدف مباشرة وفتح حوار مع المعارضة ربما كان أكثر أهمية مما يجري في جنيف ورغم ان موسكو استقبلت من قبل عددا من رموز المعارضة الا ان الفارق الآن هو في التوقيت الذي يسبق الجولة الثانية بقليل ومن المتوقع ان يتطرق المسئولون الروس مع 'الجربا' إلي نقطة الخلاف الرئيسية التي تشكل ازمة بين الطرفين وهي ما أعلنته دمشق علي لسان رئيسها بشار الأسد من انه ينوي الترشح لفترة رئاسية جديدة اذا اراد الشعب ذلك وهو الاعلان الذي سبق انعقاد المؤتمر وحاولت فيه دمشق تفجير قنبلة من النوع الثقيل لإرباك خصومها وهو نوع من الدبلوماسية ليس جديدا علي المسئولين السوريين الذين تخرجوا في مدرسة فاروق الشرع.. لكن السؤال هل تنجح موسكو في اقناع رئيس ائتلاف المعارضة السوري بتقديم تنازلات؟ الاجابة بالقطع لا، لأن قوي المعارضة السورية والدول الداعمة لها أعلنت مرارًا ان ترشيح الأسد لولاية ثانية ضرب من الخيال وغير مقبول ومن المفترض ان تكون الفترة الانتقالية بدون الرئيس الحالي وهي ذات وجهة النظر التي ستطرحها هذه القوي ممثلة في وفد الائتلاف في الجولة الجديدة من المفاوضات وهو ما سيؤدي إلي فشلها أيضًا. وفي النهاية فإن معايشة الطبيعة الساحرة يبدو انها دفعت المشاركين في المؤتمر إلي مد فترة اقامتهم في مدينة مونترو وقضاء اطول وقت في مناقشات بيزنطية لا فائدة منها وكأن الهدف من وجودهم في هذه المدينة الاستجمام فقط وليس حقن دماء بني وطنهم!!.