عقد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مؤتمره السنوي الصحفي الثالث الذي حضره حوالي ستمائة صحفي من داخل فرنسا وخارجها، وقد اعتبر المراقبون المؤتمر بمثابة اختبار حقيقي لمستقبل هولاند السياسي بعد مرور عام ونصف علي توليه الرئاسة وقد جاء هذا المؤتمر والرئيس هولاند يمر بمنعطف خطير يتعلق بحياته الشخصية و العاطفية وبخاصة بعد أن كشفت مجلة كلوزر الفرنسية العلاقة العاطفية الجديدة للرئيس هولاند مع الممثلة الشابة جولي جاليي وتردده علي شقة يملكها أحد رجال المافيا بالقرب من القصر الرئاسي من خلال تحركات الرئيس عبر مركبة بخارية والقيام بتصويره وعلي إثر ذلك دخلت صديقته فاليري المستشفي بعد الصدمة النفسية والعصبية لتأكدها من خيانته لها، وخلال المؤتمر الذي استمر لنصف ساعة تماسك الرئيس هولاند وركز في كلمته علي النواحي الاقتصادية والاجتماعية، ورغم ذلك لم ينجو من قيام بعض الصحفيين بتوجيه الأسئلة حول علاقته العاطفية الجديدة وعن علاقته بصديقته فاليري ، وعندها أشار الرئيس أنه سيعلن عن ذلك في القريب العاجل، كما أشار أيضا أنه يمكن لأي شخص أن يمر بمحنة في حياته وهي أمور تعالج بشكل خاص. بدأ هولاند المؤتمر بالإشارة إلي نظرته للقضايا الدولية وركز علي الأزمة السورية وسعي فرنسا للمشاركة في حل تلك الأزمة وعملها علي إنجاح مؤتمر جينيف 2، كما أشار إلي أكثر من 70 مقاتل من فرنسا للتطوع في صفوف المجاهدين في سوريا وشدد علي مكافحة الإرهاب وأشار إلي الدور الذي لعبته فرنسا في مالي وكذلك الآن في أفريقيا الوسطي واستعادة الدور الفرنسي في العالم. وفي الداخل ركز هولاند علي القضايا الاقتصادية والبطالة وقدم نظرة جديدة تقوم علي مبدأ العرض والطلب أطلق عليها مسمي ميثاق المسئولية وهو فيه يعطي امتيازات لأنصاف الأعمال علي شكل خطة موسعة للتنمية تسعي لمقاومة البطالة تمتد حتي نهاية ولايته عام 2017 وتندرج ضمن خارطة أوروبية يشكل المحور الفرنسي الألماني عمودها الفقري، لأن هولاند يعتقد بأنه لا تنمية اقتصادية بدون التقدم في البناء الأوروبي ومعالجة دوله المتعثرة، وهو في برنامجه هذا يسعي إلي تخفيض الضرائب علي الشركات وأصحاب الأعمال عن طريق قطع ما يسمي بالضريبة العائلية التي كانت إلزاما عليهم مقابل خلقهم لفرص عمل جديدة وهو ما يعتبره الاشتراكيون خيانة لمبادئ الاشتراكية بعد إعلان هولاند بالمؤتمر أنه اشتراكي ليبرالي يسعي لتحقيق القوة والاقتصادية وتعاظم دور فرنسا ولو جاء ذلك علي حساب المفاهيم والانتماء الحزبي وهو بذلك يبدو وكأنه يمحو توجهات وسياسات اليسار علي عكس وعوده الانتخابية ويبعد بذلك عن السياسات التي انتهجها الاشتراكيون ممن سبقوه في الحكم. وفي أمر اختلافي آخر يري المراقبون أن فرنسا فيما مضي كانت تمتلك حدودا بين الحياة الشخصية والسياسية للرئيس في فرنسا، ولكن يبدو أن هذه الحدود قد تم اختراقها من جانب الاشتراكيون، بداية من العلاقة العاطفية للرئيس ميتران في ثمانيات القرن الماضي، ثم اختراقها في عهد اليمين وعهد الرئيس ساركوزي، والآن ومن جديد مع الرئيس هولاند وهو ما أدي إلي حالة الإحباط التي يمر بها الفرنسيون الآن بعد أن تأكد من أن اليمين واليسار ما هما إلا وجهان لعملة واحدة مما سيؤدي إلي تغيير الخارطة السياسية مستقبلا وإمكانية اتجاه الأصوات إلي اليمين المتطرف بقيادة مارلين لوبين وبخاصة أن انتخابات البلدية الفرنسية علي الأبواب، كما يري أيضا معارضو الرئيس هولاند بأنه يعيش فشلا سياسيا وفشلا عاطفيا، ويرون الكشف عن تلك العلاقة يعتبر تقصيرا أمنيا واختراقا لأمن الرئيس وسلامته، أما الأصوات العاقلة في فرنسا فتري أن الوظيفة السياسية للرئيس تتطلب حد أدني من المثالية والمسئولية باعتباره رمزا ومثالا يحتذي به لأنه لا يعتبر فردا عاديا.