تعيينات الإخوان في مؤسسة الرئاسة كانت تجري حسب الأقدمية في السجن والمرتبة التنظيمية في الجماعة!! مرسي قسم القصور الرئاسية بين أسرته.. القناطر لنجله أسامة والطاهرة لنجله عمر والقبة والمنتزة لأم أحمد!! الفريق الرئاسي: رئيس الديوان ابن خالة أيمن الظواهري ونائبه ابن أخت الرئيس ومساعده للعلاقات الخارجية طبيب تحليل ومدير مكتبه صيدلي والمسئول عن تنظيم الإخوان في تركيا، ومساعده لشئون المصريين بالخارج متهم بسرقة 2 مليون دولار من جمعية خيرية في ألبانيا، والمتحدث الرسمي هو صاحب فضيحة الزواج العرفي ومستشاره لشئون التخطيط طبيب كان محكومًا في قضية سلسلبيل وباكينام كانت تستخدم للعمليات القذرة ومستشاره الأمني كان المسئول عن تعذيب متظاهري الاتحادية وسكرتيره الخاص كان يتمتع بالجنسية الكندية عينه الشاطر ردًا لجميله مع ابنه. عندما فشل في تدريبات 'الإتيكيت' اتهم المدربين بأنهم من فلول النظام السابق أم أحمد حطمت بلاط حمامات قصر السلام المستورد واستبدلته بسيراميكا ورفضت أثاث القصر واستبدلته بموبيليا دمياطية وأجلت السكن فيه إلي ما بعد 30 يونية، فأقام فيه الرئيس عدلي منصور مرسي اشتاط غيظًا عندما حجزوا له جناحًا كان ينزل فيه مبارك بأحد فنادق برلين واختار الجناح الأوسع والأغلي في أول زيارة لمرسي إلي قصر عابدين طلب رفع صور الرؤساء السابقين والإبقاء فقط علي صورته عزل موظفي الرئاسة في جناح أطلق عليه 'جناح الفلول' وقائد الحرس رفض مكافأة شهرية قدرها ثلاثون ألف جنيه رئيس الديوان رفض ترشيحات الجهاز المركزي للمحاسبات واختار إخوانيًا للإشراف المالي في الرئاسة رغم أنف الجهاز في الحلقة الثالثة من الكتاب الذي سيصدر قريبًا عن الدار المصرية اللبنانية ويحمل عنوان 'مرسي في القصر' يتناول الكاتب الصحفي مصطفي بكري بعض الحكايات والوقائع التي كانت تجري خلف أسوار القصر الرئاسي من محاصرة لموظفي القصر والتجسس عليهم وإحلال عناصر غير متخصصة من جماعة الإخوان محلهم. وتتناول هذه الحلقة بعض وقائع السفه وإهدار المال العام التي كلفت الدولة مبالغ مالية طائلة، وكان كل ذلك يتعارض مع إدعاءات مرسي عن الالتزام بالنزاهة والشفافية التي أطلقها في بداية عهده. وترصد الحلقة تجاوزات حرم الرئيس وابنائه والعبث الذي كان يجري داخل القصور الرئاسية وهي أمور لم تشهدها هذه القصور قبل ذلك وفي كل العهود. .. لم ينتظر مرسي طويلاً، قرر أن يقوم بعملية إحلال وتجديد داخل القصر الرئاسي، لقد نسي وعده الذي تعهد به أمام كبار الموظفين بمؤسسة الرئاسة، لقد قال لهم في بداية عهده 'لن أستغني عن أحد منكم، بشرط الالتزام بالعمل والتوقيتات الجديدة'. بعد أيام قليلة من تربعه علي عرش الرئاسة، جاءت التعليمات من مكتب الإرشاد، يجب إجراء تغييرات سريعة داخل قصر الاتحادية والقصور الرئاسية الأخري، كانت التحذيرات تقول 'إن من حولك هم اتباع الرئيس السابق حسني مبارك، وإن عليك أن تتخلص منهم تدريجيًا، ولتبدأ أولاً خطة العزل، ثم الإحلال والتجديد'. كان هناك 2860 موظفًا بمؤسسة الرئاسة، لديهم الخبرات التي اكتسبوها علي مر السنين، لكن هؤلاء جميعًا كانوا في نظر مرسي 'موظفين تابعين لأنظمة سابقة ولا يؤمن جانبهم'!! لقد بدأ مرسي علي الفور خطة 'الإحلال'، وفي أسابيع قليلة استطاع تعيين نحو 250 موظفًا جديدًا، أغلبهم لم تكن لديهم الخبرة أو المعرفة أو التخصص، كثيرون منهم لم يحصلوا سوي علي دبلوم الصنايع، لكنهم فجأة وجدوا أنفسهم في مواقع حساسة ويتقاضون رواتب تصل إلي نحو 20 ألف جنيه شهريًا. كانت الطلبات تصل إلي الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بشكل مستمر منذ اليوم الأول لتولي مرسي رئاسة البلاد، كانوا يقدمون أسماء لموظفين جدد، وطلبات بتعديل الاختصاصات والرواتب. وضمن الطلبات التي تم تقديمها في هذا الوقت تعيين عدد كبير من مستشاري رئيس الجمهورية براتب شهري يصل إلي نحو 20 ألف جنيه، أما نائب الرئيس المستشار محمود مكي فقد ارتفع راتبه من 1400 جنيه إلي 30 ألف جنيه شهريًا ناهيك عن البدلات الأخري. لقد جري تعيين 'مصلح ساعات' ينتمي إلي جماعة الإخوان براتب شهري 4 آلاف جنيه ومكافأة تصل إلي 20 ألف جنيه، حيث تم تعيينه ضمن طاقم الحراسة الخاص بالرئيس، وعندما كانت الشئون الإدارية بمؤسسة الرئاسة تبدي اعتراضها علي ذلك كان مرسي يصمم علي رأيه ويلزم المسئولين داخل القصر بتعيين الوافدين الجدد، والذين تم تسكينهم في وظائف لا علاقة لهم بها. لقد جيء بمحمد رفاعة الطهطاوي والذي انتقل من العمل الدبلوماسي إلي منصب مستشار شيخ الأزهر ليتولي رئاسة ديوان رئيس الجمهورية، وكانت كل مؤهلاته أنه واحد من الخلايا الإخوانية النائمة، وابن خالة الإرهابي أيمن الظواهري. كان محمد رفاعة الطهطاوي مجرد واجهة وليس أكثر، كانوا يسمونه دومًا بحامل الحقيبة، أما الرجل القوي في الديوان الرئاسي فقد كان هو أسعد الشيخة ابن شقيقة الرئيس مرسي، والعضو القيادي بجماعة الإخوان. لقد تولي أسعد الشيخة منصب نائب رئيس الديوان، وتولي الإشراف علي الشئون الإدارية والمالية، وأصبح الآمر الناهي داخل ديوان رئيس الجمهورية، بل امتد نفوذه إلي ما هو أكبر من ذلك بكثير. وكان أسعد الشيخة هو صاحب نظية 'عزل الفلول' بزعم أنهم يتجسسون علي الرئيس ويعرقلون مهمته، فالقصر الرئاسي مكون من أربعة أدوار، وكل دور فيه جناحان.. أي ثمانية أجنحة، سبعة أجنحة لمرسي ورجاله، وجناح تم عزله أطلقوا عليه 'جناح الفلول'، حيث كان يجري دومًا إغلاق جناح محمد مرسي في وجوههم!! اكتشف موظفو القصر أن عناصر الإخوان كانوا يتجسسون عليهم، وأن أجهزة تنصت جديدة كان يشرف عليها شخص يدعي 'أ ر' تولي عملية التنصت علي الجميع من خلال أجهزة هاتف تنقل كل ما يجري في القصر الرئاسي بالصوت والصورة. كان الجو كئيبًا داخل القصر، وكانت المؤامرات لا تتوقف، إلا أن ذلك لم ينل من عزيمة المخلصين الذين كانوا يحرصون علي استمرار العمل بمؤسسة الرئاسة بنفس الكفاءة بغض النظر عن هوية الرئيس. كانت اختيارات مكتب الإرشاد لكبار المسئولين داخل القصر صادمة للكثيرين، لقد كان دولاب العمل الرئيسي داخل الاتحادية يتلقي تعليماته من مكتب الإرشاد مباشرة، ولم تكن هناك مؤسسة حقيقية تدير الأمور بما يتوافق مع المصلحة الوطنية. لقد اختار مكتب الإرشاد أحمد عبد العاطي مديرًا لمكتب الرئيس مرسي، وأحمد عبد العاطي كان مسئولاً عن التنظيم الدولي للإخوان في تركيا، وكان حلقة الوصل بين المخابرات الأمريكية وبين محمد مرسي والذي كان مفوضًا من جماعة الإخوان في مصر للاتفاق علي خطة اسقاط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل وأثناء ثورة 25 يناير. وكان أحمد عبد العاطي يعطي التعليمات لمحمد مرسي في هذا الوقت بأن يفعل كذا ولا يفعل كذا، ولم يكن أمام محمد مرسي سوي الاستجابة للتعليمات التي كان يصدرها له أحمد عبد العاطي، والذي فوضه التنظيم الدولي للقيام بتلك المهمة. وأحمد عبد العاطي هو من مواليد أكتوبر 1970 عمل خطيبًا وداعية بمدينة الزقازيق وتخرج في كلية الصيدلة، وانضم إلي الجماعة في عام 1988، ثم تمكن من الهرب خارج البلاد بعد صدور أمر بالقبض عليه ضمن 26 قيادة إخوانية اتهموا في قضية ميليشيات الأزهر عام 2006 وعندما عاد إلي مصر بعد ذلك، تولي مسئولية المنسق العام لحملة المرشح الرئاسي خيرت الشاطر ومن بعده تولي ذات المسئولية للمرشح محمد مرسي، والذي كان دائمًا يدين بالفضل لأحمد عبد العاطي في كثير من الأمور. كان الجميع داخل القصر يدركون أن أحمد عبد العاطي هو صاحب الكلمة الفصل فيما يتعلق بالعديد من القرارات، وكان هناك اجتماع أسبوعي يحضره كل من عصام الحداد وأحمد عبد العاطي مع القيادات الرئيسية لمكتب الإرشاد لتلقي التعليمات ونقلها إلي الرئيس محمد مرسي. أما خالد القزاز سكرتير رئيس الجمهورية فقد ظل محتفظًا بجنسيته الكندية ولم يعترض محمد مرسي علي ذلك، وكل مؤهلاته أنه عين في هذا المنصب الحساس لأنه أعفي نجل خيرت الشاطر 'حسن' من مصاريف الدراسة بمدارس المقطم التي يمتلكها والده عدلي القزاز والذي عين هو الآخر مستشارًا لوزير التعليم بتعليمات من خيرت الشاطر. وقد توطدت العلاقة بين خالد القزاز وخيرت الشاطر خلال زياراته له في فترة السجن التي كان يقضيها علي ذمة قضية ميليشيات الإخوان بجامعة الأزهر. أما د.محيي حامد الذي تم اختياره مستشارًا للرئيس لشئون التخطيط والمتابعة فقد كان، عضوًا بمكتب الإرشاد والتحق بالجماعة في السبعينيات وكان طبيبًا وسبق اعتقاله في قضية سلسبيل عام 1992. وتم اختيار د.عصام الحداد عضو مكتب الإرشاد مساعدًا للرئيس للشئون الخارجية وهو طبيب تحاليل، سبق وأن حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات وكان مسئولاً عن ملف العلاقات الخارجية داخل الجماعة وقد عهدت إليه الجماعة بالتفاوض مع العديد من الحكومات الغربية والإدارة الأمريكية حول أسس الاتفاق مع جماعة الإخوان، وقد كان الحداد واحدًا من أبرز المحرضين علي التدخل الأجنبي واحتلال مصر في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي. وكانت هناك باكينام الشرقاوي الأستاذة الجامعية ابنة أحد كبار ضباط أمن الدولة السابقين، وكانت من الخلايا النائمة للإخوان، وقد استخدمتها الجماعة في تنفيذ العديد من المهام القذرة، مثل عملية خداع بعض الرموز المعارضة والمقربة من الإخوان في الاجتماع الذي عقد في شهر مايو 2013 بخصوص سد النهضة، حيث تمت إذاعة الحوار علي الهواء مباشرة دون علم المشاركين في هذه الجلسة. وكان هناك أيمن علي الذي عين مساعدًا للرئيس لشئون المصريين بالخارج وكل مؤهلاته أنه طبيب وقد اتهم بسرقة 2 مليون دولار من إحدي الجمعيات الخيرية أثناء وجوده في ألبانيا وهرب إلي النمسا، وكان واحدًا من قادة الجماعة خارج البلاد. ورشح مكتب الإرشاد د.ياسر علي القيادي بجماعة الإخوان وهو طبيب أمراض جلدية ليكون متحدثًا باسم رئاسة الجمهورية وقد أثير حوله لغط كبير بعد كشف زواجه العرفي من إحدي الصحفيات، إلا أنه ظل في موقعه وتم نقله ليتولي رئاسة مركز المعلومات ودعم القرار التابع لمجلس الوزراء إلا بعد فترة طويلة من هذا اللغط الذي أثير حوله، وكان ذلك تمهيدًا لتعيينه وزيرًا لشئون مجلس الوزراء إلا أن ذلك لم يحدث بسبب سقوط النظام. وكان هناك محمد زريق الذي عين مساعدًا لرئيس الديوان للشئون المالية، وهو إخواني ويرتبط بصلة قرابة بالرئيس المعزول محمد مرسي، وقد جيء به في هذا المنصب بعد إبعاد اللواء مدحت صدقي المسئول السابق عن الشئون المالية لأنه كان يعترض كثيرا لأسباب لا تخفي علي أحد. كان أسعد الشيخة نائب رئيس الديوان وابن أخت الرئيس المعزول هو الأقرب إلي أذنه، بل كان يصدر إليه التوجيهات في كثير من الأحيان، وقد سبق وأن حكم عليه بالسجن 5 سنوات في قضية الميليشيات العسكرية بالأزهر. ويذكر المقربون أن الرئيس المعزول كان قد أعد نفسه للمشاركة في جنازة شهداء رفح الذين استشهدوا جراء مؤامرة إخوانية تكشفت ملامحها فيما بعد. وقد قام مرسي صباح نفس اليوم 7 أغسطس 2012 بزيارة عدد من الجرحي الذين أصيبوا في الحادث، بمستشفي كوبري قصر القبة العسكري، وعندما استعد للذهاب للمشاركة في تشييع الجثامين في شارع النصر بجوار المنصة، نهره أسعد الشيخة أمام الحاضرين وقال له: لن تذهب إلي الجنازة، وعندما حاول مرسي الاعتراض كان صوت أسعد الشيخة عاليًا وهو يأمره بالتوجه إلي القصر وعدم المشاركة في تشييع جثامين الشهداء خوفًا علي حياته، ولم يكن أمام مرسي سوي الاستجابة لمطلبه. كان أسعد الشيخة هو واحدا من أهم رجال خيرت الشاطر في القصر، بل كان شريكًا له في شركة مقاولات كبري اطلق عليها 'MCR' للمقاولات والعديد من الشركات الأخري. أما أيمن هدهد الذي عينه مكتب الإرشاد مستشارًا أمنيا للرئيس المعزول كان هو الذي أشرف علي تعذيب 54 مواطنًا قبضت عليهم ميليشيات الإخوان أثناء أحداث الاتحادية في 6 ديسمبر 2012، وكان دائم التواجد بوزارة الداخلية، ينقل التعليمات إلي الوزارة وكان مسئولاً إلي جوار محمد البلتاجي عن خطة ما اسمي بإعادة هيكلة الوزارة. لقد كانت هذه المجموعة هي صانعة القرار الحقيقي داخل القصر الرئاسي، ولم يكن محمد مرسي سوي منفذ للتعليمات، حتي أن موظفي القصر كانوا يقولون إن مرسي لا يمتلك سوي سلطة أن يؤم المصلين في مسجد الرئاسة غير ذلك فهو لا يستطيع سوي أن ينفذ التعليمات كما هي. وعندما قبل مرسي بالتراجع عن قراره بابعاده النائب العام الذي كان قد عينه سفيرًا لمصر في الفاتيكان في 11 أكتوبر 2012 وقف أسعد الشيخة بين موظفي القصر وقال بلهجة حادة 'هو افتكر إنه لوي دراعنا.. لا.. بعد شهر واحد لازم عبد المجيد محمود يمشي'!! يومها أبدي الموظفون في القصر الرئاسي دهشتهم، ولكن بالفعل لم يمض سوي أربعين يومًا حتي أصدرت الجماعة تعليماتها لمحمد مرسي بأن يتلو المظروف الذي وصل إليه علي الاعلام والذي يتضمن إصدار إعلان دستوري انقلابي عزل بمقتضاه النائب العام وهيمن فيه علي سلطات القضاء المصري. وفي 27 يونيو 2013، عندما ذهب المستشار أحمد سليمان وزير العدل وبرفقته المستشار حاتم بجاتو وزير الدولة للشئون القانونية والنيابية ليطلبا من الرئيس تقديم توضيح إلي القضاة يعبر فيه عن احترامه لهم بعد اتهامه لأحدهم بالتزوير في خطاب 26 يونية، وبعد أن وافق الرئيس علي الصيغة المطروحة، رفض أحمد عبد العاطي مدير مكتبه الصيغة وقال لمرسي 'إن ما قيل بالأمس لا يجب الاعتذار عنه اليوم، وأنا أرفض إذاعة أو نشر هذه الصيغة'. لم يستطع مرسي ساعتها أن يرفض أو يعترض، واستجاب علي الفور لطلب مدير مكتبه ليثبت بذلك حتي آخر يوم في حكمه أنه لم يكن سوي مندوب لمكتب الإرشاد بمؤسسة الرئاسة. وكانت التعيينات داخل القصور الرئاسية تجري حسب الأقدمية في مدة السجن التي قضاها الشخص الذي يجري تعيينه، فمن قضي فترة أطول، كان يحتل الوظائف الأهم في مؤسسة الرئاسة، ويحصل علي مكافآت مجزية أفضل من الآخرين. لم تكن هناك قواعد تحكم العمل في مؤسسة الرئاسة في ظل حكم جماعة الإخوان، وكانت هناك خلية إخوانية مكونة من ثلاثة أفراد في كل إدارة من إدارات مؤسسة الرئاسة تكون مهمتها كتابة التقارير وإصدار التعليمات لهذه الإدارة. وعندما زار محمد مرسي قصر عابدين وجد هناك صورًا للرؤساء السابقين محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات وصوفي أبو طالب وحسني مبارك، فطلب من رئيس الديوان أن يزيل جميع هذه الصور وأن يضع فقط صورته بديلا عنها، مما أثار استياء الجميع، باعتبار أن ذلك يمثل خروجًا علي القواعد اللائحية للمؤسسة. كان لدي مرسي اعتقاد راسخ بأن الجميع يتآمرون عليه، ويكيدون له، وينتظرون اللحظة المناسبة لإحراجه وإهانة منصبه، لأنهم في نظره ليسوا علي قناعة بشخصه وقدرته علي تولي منصب الرئيس! لقد بذل المسئولون عن التشريفات والبروتوكول جهودًا كبيرة من أجل تعليمه كيفية استعراض حرس الشرف والقيام بالمهام البروتوكولية للرئيس وعندما فشل أكثر من مرة، قال إن رجال مبارك لا يريدونني أن أتعلم، ولذلك طلب منهم أن يرفعوا جميع المشايات منعًا للإحراج.. وعندما أبلغه رفاعة الطهطاوي بأن أنصار النظام السابق داخل القصر لا يكفون عن التآمر ضده، وأن رئيس الإدارة المركزية للاتصالات الهاتفية داخل الرئاسة يتستر علي هؤلاء ويرفض التجسس عليهم، قام مرسي علي الفور بإبعاده والإتيان بآخرين للقيام بتلك المهمة. وكانت استراحات وقصور الرئاسة مقسمة بين مرسي والزوجة والأبناء، فقد استولي ابنه أسامة علي استراحة الرئاسة بالقناطر، فراح يعبث فيها هو وأصدقاؤه. واستولي نجله عمر علي قصر الطاهرة حيث كان يستقبل فيه أصدقاؤه وشلته وينامون داخل القصر ويتناولون أشهي الأطعمة علي حساب الدولة. أمام 'أم أحمد' زوجة مرسي فقد كانت تنتقل هي وصديقاتها ما بين قصر المنتزه والحرملك وقصر القبة، وكان يرافقها في ذلك أحفادها وأمهاتهم والأصهار. كان معروفا أن القصور الرئاسية لا يبيت فيها أحد من الرؤساء أو أبنائهم، ولم يحدث أن بات فيها أحد ولو مرة واحدة، إلا أن مرسي تجاوز هو وأسرته كافة القواعد واعتبر أن هذه القصور ملك له ولمن حوله يعبثون فيها كيفما يشاءون. كان جميع موظفي الرئاسة يتحسرون علي ما آلت إليه الأوضاع داخل القصور، ففي العهد السابق والذي وصم بالفساد والاستبداد، كان المسئولون الكبار يفتشون يوميا علي القصور صباحا، فإذا وجدوا أحدهم أنوار الحديقة مضاءة مثلاً تخصم قيمة الكهرباء من المسئول عن ذلك، حيث إن التعليمات كانت تقضي بإطفاء الأنوار فجرًا، وكانت المياه إذا خرجت من الحديقة إلي البلاط المجاور تخصم قيمة المياه من الجنايني. وكانت السيارات تخضع للتفتيش اليومي ويتم توقيع الجزاء علي السائق في حال وجود أي خلل في السيارة ولم يبلغ عنه، وكان السائقون ملزمين بارتداء البدل التي تصرفه لهم من الرئاسة. وعندما جاء محمد مرسي اشتكي السائقون للرئيس وقالوا له 'إننا نتعرض للجزاء في حال عدم ارتدائنا للبدل الرئاسية' فأصدر تعليماته علي الفور بوقف أية جزاءات لمن لا يرتدي هذه البدل. وانهارت الحملة الميكانيكية بعد أن تم إهمالها عن عمد وتمت إساءة استخدام السيارات الرئاسية المخصصة للضيوف، وكانت تدفع مبالغ كبيرة لإصلاح هذه السيارات ثم يعاد اتلافها مرة أخري، ويكفي القول إن فردة الكاوتش الخاصة بالسيارة الرئاسية B.M.W كانت تساوي ما قيمته 30 ألف جنيه، وكان يجري الاستهلاك سريعا بسبب سوء الاستخدام. وتم صرف مبالغ مالية كبيرة علي المكافآت التي كانت تقدم لموظفي الرئاسة، خاصة الموالين والعناصر الجديدة التي تم تعيينها بناء علي طلب من مكتب الإرشاد. وعندما حاول أسعد الشيخة تقديم مكافأة لقائد الحرس الجمهوري اللواء محمد زكي وقيمتها ثلاثون ألف جنيه شهريا، رفض اللواء زكي وقال له 'أنا أحصل علي مكافآتي من القوات المسلحة'، ساعتها عاتبه أسعد الشيخة بالقول 'كيف ترفض منحة الرئيس، وقد منح الكثيرين مكافآت كبيرة تقديرا لجهدهم، فرد عليه محمد زكي بالقول: 'أنا أحصل علي مرتبي وأؤدي واجبي ولا أحتاج لشيء آخر'!! كانت المبالغ تهدر بهدف شراء النفوس، وضمان الولاء وكانت أغلب هذه المكافآت تذهب إلي عناصر الإخوان الذين استعمروا القصور الرئاسية مما تسبب في أزمة في البند المخصص للرواتب والحوافز الرئاسية، بعد أن استهلك مرسي الموازنة مبكرًا!!. لم يستطع أحد أن يعترض مرسي وجماعته داخل القصر، فالتهديد بالإبعاد والإقالة كان سيفا مشهرا في مواجهة كل من يقول 'لا' لإجراءات مرسي غير القانونية داخل القصر أو خارجه. وكانت الرئاسة تتدخل في اختيارات ممثلي الجهاز المركزي للمحاسبات، المسئولين عن متابعة أعمال الصرف والإجراءات المالية داخل المؤسسة، فبعد إحالة هاني البنا وكيل الوزارة المنتدب من الجهاز للرئاسة إلي المعاش، تم انتداب شخص آخر بديلاً عنه مهمته مراقبة المستندات المالية قبل أن يوقع عليها نائب رئيس ديوان الرئاسة للشئون المالية، وفوجئت السيدة منيرة عبد الهادي رئيس الجهاز المركزي في هذا الوقت بالسيد محمد رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان رئيس الجمهورية يتصل بها ويطلب انتداب محمد مصطفي الغنيمي بدلاً من الشخص الذي جري ترشيحه.. كان محمد مصطفي الغنيمي قد جرت إعارته لمدة 15 سنة في إحدي الدول الخليجية، وكان مراقبا لحسابات وزارة البترول قبل اعارته، وهو أمر مخالف لنظام الجهاز الإداري للدولة الذي لم يعمل فيه من الأساس، وعندما تم الاعتراض علي ذلك صمم رئيس ديوان الرئاسة علي انتدابه رغم أنف الجهاز، وتم تعيينه بالفعل مستشارا ماليا لرئيس الديوان مباشرة. كانت كل مؤهلات محمد مصطفي الغنيمي أنه صديق للدكتور سعد الكتاتني ومرتبط بعناصر داخل جماعة الإخوان، إلا أن الطهطاوي قال للسيدة منيرة عبد الهادي سوف يتم انتداب الغنيمي شاء الجهاز أم أبي، ولم يكن هناك من خيار آخر. لقد جري العبث بميزانية الرئاسة، وتم التصرف فيها بسفه شديد، وهو ما يناقض الاقوال التي رددها محمد مرسي في بداية عهده عن النزاهة وأنه لن يتقاضي راتبه عندما قال في أول خطاب له 'إنه ليس له حقوق وإنه يعمل بلا مقابل' والغريب في الأمر أن جماعة الإخوان أصدرت بيانا في أعقاب عزل محمد مرسي من منصبه شددت فيه علي نزاهته وقالت 'إنه تعامل مع المنصب الرئاسي علي أنه تكليف وليس تشريفا ولا مغنما، وأن مرسي ظل يعيش في شقة يدفع ايجارها ولم يتقاض راتبه طيلة العام الذي قضاه في الرئاسة'!! كان ذلك هو الكذب بعينه، فيكفي القول دليلاً علي ذلك أن رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية بمؤسسة الرئاسة 'محمد رأفت عبد الكريم' قال أمام مجلس الشوري 'إن راتب الرئيس يصل إلي 29 ألف جنيه، في حين أن مصدر قضائي بجهاز الكسب قد أكد في تصريحات صحفية أن مرسي كان يتقاضي 43 ألف جنيه راتبًا أساسيًا بخلاف البدلات والحوافز التي تبلغ نحو 257 ألف جنيه، أي 300 ألف جنيه شهريا، في حين أن راتب الرئيس الذي سبقه لم يكن يتجاوز 10 آلاف جنيه بالبدلات والحوافز. وعندما تم عزل مرسي رفض التوقيع علي معاش رئيس الجمهورية وأصر علي شرط استلام كامل راتب الرئيس بزعم أنه لا يزال الرئيس الشرعي للبلاد متجاهلاً أن هناك ثورة شعبية عزلته من منصبه بسبب الجرائم التي ارتكبها في حق البلاد. لم يكن مرسي يفرق بين المال العام والمال الخاص، فعندما يستخدم الطائرة الرئاسية لزيارة أهله في الشرقية كما حدث يعتبر أن ذلك أمر طبيعي، مع أن ذلك لو حدث في أحد البلدان الغربية لاعتبر إهدارًا للمال العام يوجب محاسبة الرئيس'. وعندما سافر إلي ألمانيا في زيارة شهيرة تم حجز جناح له في فندق 'أدلون' في العاصمة الألمانية برلين، وعندما ذهب مرسي إلي هناك وسمع أن مبارك كان ينزل في هذا الجناح، قال لرئيس الديوان 'أريد جناحًا أغلي، فهذا الجناح لا يليق برئيس مصر المنتخب، وعندما قيل له إن الجناح الأوسع أغلي سعرًا إلي درجة الضعف وأنه يطل علي مقابر اليهود، قال لهم 'وإيه يعني.. جناح مبارك كان يطل علي البوابة.. المهم أن يكون الجناح واسعًا'، وهكذا أجبر مرسي الجميع علي أن يحجزوا له هذا الجناح الأوسع بضعف قيمة الجناح الآخر الذي كان ينزل فيه مبارك.. وعندما زار الولاياتالمتحدة للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة أقام مرسي الدنيا ولم يقعدها عندما فشلت الرئاسة في حجز الجناح الكبير داخل الفندق الذي نزل فيه، بسبب أن أوباما كان ينزل في هذا الجناح، والذي بلغت قيمة الليلة الواحدة فيه 60 ألف دولار، وساعتها وجه مرسي اللوم إلي معاونيه لأنهم لا يعرفون قيمة الرئيس الوحيد 'المنتخب' في الشرق الأوسط كما كان يقول دومًا، ولم يكن أمام معاونيه سوي الصمت في مواجهة غضبته وثورته العارمة.. وكانت 'أم أحمد' حرم الرئيس 'المنتخب' مغرمة هي الأخري بالتبذير والسفه المالي، فالسيدة التي عاشت وأسرتها طيلة حياتها في شقة متواضعة بالزقازيق، ذهبت إلي قصر السلام الذي قرر مرسي الإقامة فيه وطلبت علي الفور إجراء إصلاحات جذرية داخل القصر.. لقد قررت أولا استبدال أثاث القصر التاريخي بأثاث من دمياط تختاره هي بنفسها ثم إنها طلب من المسئولين عن صيانة القصور الرئاسية تحطيم حمامات القصر الرئاسي لأن البلاط لونه أخضر غامق، وهي لا تحب هذا اللون. وعندما قيل لها إن الحمامات مستوردة بالكامل من الخارج قالت وايه يعني!! وعندما قيل لها إن الحمامات مكسوة بقطع مرقمة، كل قطعة وضعت في مكامنها ردت عليهم بالقول 'أنتم مبتفهموش في الحمامات'. وعندما طلبوا منها قرارا من ديوان الرئاسة يقضي بإجراء هذه التعديلات قالت 'وهو انتم كنتم بتعملوا كده مع اللي قبلنا'!! لم يكن هناك من خيار آخر أمام المسئولين عن صيانة القصور الرئاسية، لقد كانت صدمتهم كبيرة، ولكن ماذا يفعلون، لابد من الاستجابة لتعليمات 'أم أحمد'. كان مقدرًا للرئيس وعائلته أن يقيموا في هذا القصر القريب من الاتحادية في 15 يونيو 2013، كل شيء كان قد اكتمل الأثاث والديكورات وحمام السباحة الذي كلف الدولة 14 مليون جنيه، إلا أن 'أم أحمد' اقنعت مرسي بالاستمرار في قصر القبة لحين الانتهاء من 'دوشة 30 يونية'!! مضت الأيام سريعًا، حدثت الثورة التي أطاحت بالنظام، جاء رئيس جديد، هو الرئيس عدلي منصور، انتقل علي الفور للاقامة بقصر السلام، بينما انتقل محمد مرسي إلي السجن، أما 'أم أحمد' وأولادها فقد انتقلوا للإقامة في كمبوند الشيخ زايد بمدينة 6 أكتوبر.. !! الحلقة القادمة: ولادك يامرسي!!